رسالة تحد من ذوي ذوو الاحتياجات الخاصة في 'مصمم'
الرباط - شارك فيلم "مصمم" في مهرجان الإمارات السينمائي الذي أقيم الأسبوع الماضي، فنال تقديرا كبيرا في عدة فئات، شملت فوزه بجوائز أفضل تصوير سينمائي وأفضل مخرج وأفضل فيلم، بالإضافة إلى ترشيحات لأفضل مونتاج وأفضل ممثل، وفي هذا السياق كان لموقع "ميدل إيست أونلاين" حوار مع المخرج حول هذا الإنجاز المتميز، وفي ما يلي نص الحوار:
فيلم 'مصمم' يبعث رسالة قوية عن ذوى الاحتياجات الخاصة الذين لا يستسلمون، لماذا اخترت سرد هذا النوع من القصص المحفزة؟
لطالما انجذبت إلى القصص التي تتحدى التصورات وتكسر الحدود، و'مصمم' هو واحد من تلك القصص، إذ جاء الموضوع من مصدرين: الروابط الخاصة مع أشخاص يعانون من التوحد أو الإعاقات الجسدية، والتوجه التقدمي لدولة الإمارات نحو الدمج، فشعرت أن وجهة نظر بطل الفيلم "فيكتور" طبيعية لأنه يمثل الصراعات الصامتة التي يواجهها الكثيرون ممن يعيشون في عالم غير مصمم لهم، ورحلته تدور حول الصمود والتكيف، والأهم من ذلك أن ينظر إليه لما هو عليه فعلا وليس كما يريده المجتمع.
كيف تعاملت مع التقاط هذه المشاهد المشجعة؟
أردنا أن يشعر الجمهور بما يشعر به "فيكتور"، تحقق ذلك من خلال دقة تصميم الصوت، وبلاغة الصورة، والأداء التمثيلي، ثم استخدمنا مزيجا من الموسيقى والصمت المفاجئ، وزوايا كاميرا متنوعة لنعكس مدى إرهاق البيئة لشخص يعاني من حساسية السمع، وفي مرحلة التحضير للفيلم استشرنا خبراء في الموضوع وعملنا عن قرب مع أشخاص يعانون من حساسية حسية لضمان تقديم القصة بشكل أصيل ومحترم، وكان الهدف هو خلق تجربة غامرة تجعل الجمهور يدخل عالم شخصية "فيكتور" ولو للحظات قصيرة.
الفيلم ذو طابع شخصي ومستوحى من ارتباطك بالتوحد والشلل الدماغي، هل يمكنك أن تشاركنا كيف أثرت هذه التجارب على سرد القصة وبناء الشخصيات؟
امتلاك أصدقاء وأفراد عائلة يعانون من التوحد أو الإعاقات الجسدية أعطانا فهما أعمق للتحديات التي يواجهونها، فشخصية "آندي" مثلا استلهمت من ابنة كاتبة السيناريو، إيمالين ويلسون، التي تمثل نموذجا للشجاعة، لأنها تغني وتعيش الحياة بعفوية وتترك أثرا إيجابيا على كل من يلتقي بها، بينما رحلة "فيكتور" تحكي العديد من القصص الحقيقية لأشخاص يعانون من صراعات خفية أثناء محاولتهم الاندماج في عالم لا يمنحهم دائما مساحة، وهذا الفيلم هو طريقتنا لتسمع أصواتهم وإظهار أنهم لا يحتاجون إلى شفقة، بل إلى فهم وقبول.
كيف اخترتم الممثلين لأدوار مثل "فيكتور" و"دارش" و"وآندي"؟
بالنسبة ل"فيكتور" احتجنا إلى ممثل يستطيع التعبير عن الضعف العاطفي ويجسد التحديات الحسية والجسدية للدور، ولم يكن الأمر يتعلق فقط بتمثيل شخص يعاني من "ميزوفونيا"، بل بتجسيد روح الصمود والتفاؤل رغم الصراعات التي يواجهها، بينما "لآندي" أردنا ممثلة تعبر بصدق عن تجربتها مع الشلل الدماغي وتظهر عزلتها وألمها وحبها العميق للموسيقى، أما شخصية "دارش" احتاجت إلى توازن بين القوة والدفء، لشخص يستطيع أن يكون صارما ولكنه يظهر اهتماما حقيقيا بنجاح "فيكتور"، وفي جميع الأدوار كان الهدف هو تمكين الجمهور من وضع أنفسهم في مكان أي شخصية والشعور بأنهم يتصلون بها مباشرة.
"فيلم 'مصمم' حصل على عدة جوائز، بما في ذلك أفضل تصوير سينمائي وأفضل ممثل. كيف تلقيت ذلك؟
أحساس جميل لكن هذا يعود الى أن كل شخص كان في مكانه الصحيح، من الممثلين إلى المصور إلى مصممي الصوت، متماشيا مع الرسالة الأساسية للفيلم، فقد تعاملنا مع 'مصمم' كأكثر من مجرد فيلم؛ كان مسؤولية كبيرة، فأردنا أن نظهر التباين بين عظمة الفندق والضيق الذي يشعر به "فيكتور"، باستخدام الإضاءة وتكوين اللقطات لابراز حالته العاطفية.
تدور أحداث الفيلم في فندق فخم، لكن البيئة تتناقض مع التحديات الحسية التي تواجهها الشخصية الرئيسية، فما هو الهدف من تحديد القصة في هذا الموقع بالذات؟
كان الفندق نظيفا ومنظما جيدا، لكن بالنسبة لفيكتور كان مكانا غارقا في الإرهاق، لأنه مكان يتطلب النظام والكفاءة، ويخلق أيضا فوضى عارمة بسبب التحديات الحسية التي يواجهها، كما أنه يعمل كاستعارة للمجتمع، ولا تزال هناك حواجز بحاجة إلى التحطيم، فتجربة "فيكتور" في الفندق تعبر عن الصراعات الصامتة للعديد من أصحاب الهمم الذين يحاولون التكيف في أماكن لم تصمم لهم.
حدثتنا عن العلاقة بين "فيكتور" و"آندي"؟
إن الاتصال بين "فيكتور" و"آندي" هو قلب الفيلم لأنهما يريان بعضهما البعض بطريقة لا يفعلها أي شخص آخر، فتفاعلهما مبني على الفهم المتبادل بدلا من الشفقة، ف"فيكتور" لا يعامل "آندي" بشكل مختلف بسبب الشلل الدماغي لديها، و"آندي" لا ترى "فيكتور" غير قادر بسبب التوحد الذي يعاني منه، فيفهم كل منهما الآخر.
كيف كانت مشاركتك في دبي بالامارات؟
لقد حققت دولة الإمارات خطوات كبيرة في تعزيز هذا النوع من المواضيع، من المبادرات الحكومية إلى السياسات في أماكن العمل، ويتماشى فيلم 'مصمم' مع هذه الرؤية من خلال التركيز على التحديات الواقعية التي لا تزال موجودة وتشجيع الحوار حولها، فللأفلام القدرة على تغيير العقول، وأملنا في هذا الفيلم هو أن يزيد الوعي لدى الجمهور حول كيفية تفاعلهم مع أصحاب الهمم في حياتهم اليومية.
ما هو الجانب الأكثر مكافأة في إخراج فيلم 'مصمم'، خاصة من حيث تأثيره المحتمل على الجمهور والمجتمع الأوسع؟
الاستماع إلى الجماهير الذين يشعرون بالاتصال بالفيلم خاصة المرضى وعائلاتهم الذين يشعرون أنهم قد تم رؤيتهم حقًا في الصورة الكاملة لمعاناتهم، فعندما يقول شخص ما: 'هذه هي تجربتي. هذا ما أعيشه'، فهذا يعني كل شيء، كما كان من الرائع أن نرى كيف يتفاعل هذا الفيلم خارج مجتمع الإعاقة، إنه تذكير بأن التعاطف والفهم يفيدان الجميع.
هل هناك مشاريع ترغب في متابعتها حول ذوي الاحتياجات الخاصة؟
بالطبع، فيلم 'مصمم' هو مجرد البداية، وأرغب في استكشاف المزيد من السرديات التي تتحدى الصور النمطية وتمنح صوتًا للمجتمعات المنكوبة، سواء كان فيلمًا روائيًا، أو وثائقيًا، فأنا ملتزم بسرد القصص التي تهم الفئات الهشة والضعيفة.