توافق بين الحزبين الكرديين يُقرب كردستان العراق من تشكيل الحكومة
أربيل – توصل الحزبان الرئيسيان في إقليم كردستان الى مسودة اتفاق لتشكيل الحكومة بعد اجراء اجتماعات مكثفة لتسريع العملية بما يحقق استقراراً سياسياً ومؤسساتياً في كردستان بعد ستة أشهر على اجراء الانتخابات البرلمانية في الإقليم.
ونقلت وكالة شفق نيوز عن مصدر مطلع قوله إن "الخميس شهد عقد اجتماعين مهمين بين حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني؛ الأول جمع اللجان الفنية للطرفين صباحاً، وتم خلاله إعداد مسودة اتفاق تحدد صلاحيات الحكومة الجديدة، بما يشمل صلاحيات رئيس الوزراء ونائبه والوزراء والهيئات المستقلة ووكلاء الوزراء، والمديرين العامين، ومديري الدوائر الفرعية".
ويُنظر إلى الاجتماع باعتباره محطة مهمة في مسار تعزيز التفاهم السياسي بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم، وسط توقعات بأن يُسهم في تسريع تشكيل الحكومة.
وأضاف المصدر أن "اللجان الفنية رفعت توصياتها إلى اللجان العليا للحزبين، وتم عقد اجتماع آخر بعد ظهر اليوم في السليمانية، ترأس وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني فيه عضو المكتب السياسي هوشيار زيباري، فيما ترأس وفد الاتحاد الوطني الكردستاني نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد طالباني".
وأوضح المصدر، أن "اللجنة العليا ناقشت المسودة المقدمة، وسجلت عليها عدداً من الملاحظات، على أن تُعرض لاحقاً على القيادات العليا في الحزبين للمصادقة النهائية، لتكون بمثابة اتفاق رسمي بشأن تشكيل الحكومة الجديدة".
وجاء هذا اللقاء استكمالاً لاجتماع سابق عُقد الثلاثاء الماضي في بيرمام، حيث ناقش الجانبان أبرز الملفات المتعلقة بتشكيل الحكومة وتوزيع المناصب.
وكان الحزبان قد أصدرا بياناً مشتركاً عقب اجتماع بيرمام، أكدا فيه أن اللقاء جرى في "أجواء ودية وإيجابية"، وشهد تقدماً جيداً في الخطوات التمهيدية لتشكيل الكابينة الحكومية الجديدة.
وأكد رئيس الحكومة مسرور بارزاني الأربعاء أن تشكيل الحكومة الجديدة يجب أن يتم بأسرع وقت ممكن، مشدداً على أهمية مشاركة جميع الأطراف الفائزة في الانتخابات البرلمانية ضمن التشكيلة الحكومية المقبلة.
وفي تصريحات صحفية أدلى بها لوسائل الإعلام، عقب مشاركته في جلسة حوارية ضمن فعاليات ملتقى السليمانية، قال مسرور بارزاني إن "الحكومة هدفها خدمة الشعب، وليس من أجل الامتيازات السياسية للأطراف السياسية"، مضيفاً "كل طرف يود خدمة الشعب، فإننا سنفتح له الباب".
وأشار إلى ضرورة "تبني الأطراف السياسية في الإقليم موقفاً موحداً إزاء المصالح العليا لشعب كردستان"، مؤكداً على "أهمية العمل المشترك لضمان الحقوق الدستورية".
وأوضح أنه "ليس لدينا اختلاف كبير بشأن أجندة تشكيل الحكومة الجديدة، لكن يجب أن يكون الاستحقاق الانتخابي معياراً لتوزيع المناصب". مشيرا إلى أن العلاقات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني تسير بشكل جيد، واجتماعات الجانبين بشأن تشكيل الحكومة الجديدة في الإقليم تسير بوتيرة إيجابية.
ووفق المصادر فإن الأسبوع المقبل سيشهد سلسلة اجتماعات متواصلة بين اللجان الفنية والعليا، لمناقشة توزيع الوزارات وحسم أسماء المرشحين، مشيراً إلى أن اللجان عقدت أكثر من عشرة اجتماعات خلال الشهرين الماضيين، وحققت نتائج إيجابية حتى الآن".
وأكد أن الاجتماعات تسير بسلاسة، وهناك اتفاق مبدئي على مشاركة الاتحاد الوطني الكردستاني بشكل فعّال في الكابينة الوزارية الجديدة، بعد التفاهم على معظم البنود التي ترسم هيكل الحكومة المقبلة وصلاحياتها.
وتعكس خارطة المناصب التي جرى التفاهم عليها، وفق متتبعين محاولة لاحتواء الانقسام السياسي وتشكيل حكومة تمثيلية تضم الأطراف الأساسية، مع إبقاء الباب مواربا أمام بعض القوى الناشئة أو المثيرة للجدل، مثل "جبهة الشعب" التي يتزعمها لاهور شيخ جنكي، والتي لا تزال تشكل نقطة خلاف حادة بين القوى الكردية، خصوصا داخل بيت الاتحاد الوطني نفسه، بعد الانقسام بين لاهور وقادة الحزب الحاليين.
وينتظر أن تسهم هذه التفاهمات في إعادة ترتيب البيت الكردي، وسط ضغوط داخلية للإصلاح، وخارجية تتعلق بعلاقات الإقليم مع بغداد، والملفات العالقة مثل الموازنة، ورواتب الموظفين، وإدارة الملف النفطي.
وبعد الانتخابات البرلمانية في الإقليم التي أجريت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2024، لم تتمكن القوى السياسية الكردية من التوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة جديدة.
ورغم مرور نحو 6 أشهر على الانتخابات، ما يزال الإقليم يعاني من الجمود السياسي، حيث تعمل الحكومة الحالية بتصريف الأعمال منذ انتهاء ولايتها في 2022.