أصوات تنادي بتقييد حركة الأطباء المصريين لكبح هجرة الكفاءات الطبية المصرية
القاهرة - تجدد الجدل في مصر حول هجرة الأطباء على خلفية مقترح برلماني يدعو الى تغريم خريجي كليات الطب الراغبين في مغادرة البلاد وفرض قيود صارمة تُلزمهم بالعمل في المستشفيات المصرية لخمس سنوات قبل التفكير في الهجرة، في خطوة لمواجهة نزيف هذه الظاهرة التي وصفها نقيب الأطباء بـ"المرعبة"، بينما لا تعتبرها الحكومة أزمة حقيقية بل إنها تحقق عائدا ماليا واقتصاديا للدولة.
وتقدم النائب رفعت شكيب بمقترح لحل هذه الأزمة ومواجهة نقص الكفاءات الطبية داخل المؤسسات الحكومية خاصة في القرى، مؤكّدا أن الهدف ليس تقييد حرية الأطباء بل منح الدولة حقها بعد إنفاقها مبالغ كبيرة على تعليمهم.
وطالب البرلماني بإلزام الأطباء الراغبين في مغادرة البلاد الاستمرار في خدمة المنظومة الصحية داخل مصر لفترة لا تقل عن خمسة أعوام بعد التخرج قبل السماح لهم بالسفر والعمل في الخارج، مؤكداً أن هذا حق الدولة ولا يجب التفريط فيه.
وأثار هذا المقترح ردود فعل متباينة، حيث رأى البعض أنه حل يعالج نقص الحاد في المستشفيات، فيما اعتبره آخرون مخالفا للقانون والدستور وقد يجبر العديد من خريجي كليات الطب من الشباب على ترك المهنة.
ورأى نبيل عمر رئيس حزب الإصلاح والنهضة أن "الحل ليس مجرد زيادة خريجي كليات الطب.. الحل في تحسين وضع الاطباء".
وقال الطبيب الحمصاني في تدوينة على حسابه الرسمي على فيسبوك " لوكنتم ترغبون في منع هجرة الاطباء للخارج أعطوا الطبيب نصف راتبه في الخارج بالاضافة الى مجموعة من الامتيازات المادية مثل السيارة ودفع الايجار وغيرها.
وتشير إحصاءات نقابة الأطباء في مصر إلى أن عدد الأطباء المسجلين بالنقابة يبلغ نحو 220 ألف طبيب، منهم 120 ألفاً يعملون خارج البلاد، بينما وكشفت تقارير حديثة أن 4 آلاف طبيب استقالوا من القطاع الحكومي في 2022 وحده.
وقال أسامة عبدالحي نقيب الأطباء في مصر في تصريحات متلفزة إن النقابة تعاني من أزمة في قطاع الطب، حيث يسافر الأطباء بحثا عن فرص عمل أفضل وبيئة آمنة للتدريب والتعلم، معرباً عن قلقه من تزايد هذه الظاهرة التي وصفها بـ"المرعبة".
وزادت المخاوف من تفاقم الظاهرة على إثر صدور إعلان من جامعة الإسكندرية عن خلو 117 وظيفة من الوظائف الإكلينيكية للأطباء المقيمين في مستشفيات الجامعة ومعهد البحوث الطبية التابع لها.
وسبق أن أكد عبدالحي أن معظم الأطباء المستقيلين تقدموا للنقابة للحصول على شهادات تخول لهم مزاولة المهنة في الخارج، مؤكّدا أن السبب الأول للهجرة هو ضعف الرواتب المخصصة لهم وعدد ساعات العمل المنوطة بهم وظروفهم المعيشية والحياتية والمعاملة التي يتلقونها في أقسام الطوارئ في المستشفيات.
وكان النقيب قد طالب في مناسبات عدية بتحسين رواتب الأطباء وتوفير بيئة عمل آمنة وتقليل الاعتداءات على الأطقم الطبية، والعمل على زيادة عوامل الجذب ومنع الهجرة، محذرا من أن استمرار هذا النزيف سيؤدي إلى فقدان مصر لكفاءاتها الطبية الشابة.
وأثار تصريح لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي المشجع على هجرة الأطباء حتى لو وصل الى 10 آلاف طبيب، لافتا إلى أن هذا الأمر من مصلحة الدولة سواء بكسب الخبرات أو جلب العملة الصعبة لمصر.
وأضاف مدبولي خلال مؤتمر صحفي أن كليات الطب كانت تُخرج 9 آلاف طالب، وأنه بعد التوجيه بزيادة الكليات ومضاعفة أعداد خريجيها أصبحت تُخرج 15 ألف طالب، وبعد نحو 6 سنوات سيصبح عدد الخريجين 29 ألف طبيب سنويا، موضحا أن خروج الأطباء للعمل بالخارج شيء جيد ومشرف.
وعلق رئيس تحرير صحيفة "المصريون" على حسابه لرسمي على منصة اكس قائلا عندما قرأتها أول مرة ظننت أنها سخرية أو فكاهة أطلقها نشطاء على مواقع التواصل، ثم صدمني أنها تصريحات حقيقية من رئيس وزراء مصر، يشجع على هجرة لكي يأتوا بعملة صعبة للدولة، رغم معاناة الشعب من نقص الكوادر وسوء الخدمات الطبية، ويؤكد أن سياسة الدولة "تطفيش" الكفاءات للخارج، ليكونوا مصدرا للعملة، الدولة المصرية اليوم في حقبة الجنون والسفه وانعدام الإحساس بالمسؤولية وانعدام الحياء والسقوط بلا قاع".
وباسلوب ساخر قال الصحفي المصري حسن السيد "دول مش لاعيبة كورة هنطلعهم يحترفوا!!، دول دكاترة، دول حفاظ مصر عليهم أولى من اي قطاع تاني، دول مسؤولين عن أرواح المواطنين بعد ربنا، هو فيه مهمة أسمى من دي علشان نتعامل مع متطلباتهم بحجم قدرهم وتعليمهم؟
وأضاف "لو الأمر مرتبط بالدولة وتقدمها، يبقى لازم نحافظ عليهم كويس ونحافظ على بقائهم هنا في بلدنا، عملة صعبة اي اللي عايزنها من ورا هجرة الأطباء، ده مش صنايعي ده حتى الصنايعية مينفعش يسافروا، بالك بالأطباء؟"
وشهدت السنوات الماضية هجرة العديد من الأطباء إلى خارج مصر، بقصد العمل والاستقرار في أوروبا أو أميركا، بالإضافة الى بعض الدول العربية خاصة الخليجية، إذ تشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء في مصر الأخيرة الى انخفاض عدد الأطباء بالبلاد إلى 97.4 ألف طبيب في عام 2022، مقابل 100.7 ألف طبيب في 2021، بنسبة تقدر بـ3.3 بالمئة.
وتفيد أرقام رسمية بأن بلاد النيل لديها طبيب لكل 1162 شخصاً، بينما يبلغ المعدل العالمي، حسب منظمة الصحة العالمية، طبيب لكل 434 شخصاً.