'تغريدة حزن' للشاعر بدل رفو تتحول إلى حضن دافئ في فيينا
في مساء تتساقط فيه الأمطار كأنها تواسي الذاكرة، احتضنت العاصمة النمساوية فيينا أمسية شعرية استثنائية للشاعر الكوردي المغترب بدل رفو، أطلق خلالها ديوانه الجديد "أطفال الكورد.. تغريدة حزن"، في فعالية احتضنها البيت العربي النمساوي للثقافة والفنون وسط حضور نخبوي جمع عشاق الكلمة والنغمة والهوية.
في أجواء اختلط فيها عبق الحنين برائحة الورق المبتل، قدّم رفو مختارات من ديوانه الذي يضم 54 قصيدة تنبض بطفولة مشردة في وطن منفى، وتحمل توقيع شاعر تماهى مع الوجع الإنساني عبر 300 صفحة من الشعر الصافي.
افتتحت الأمسية الكاتبة السورية نور كيالي بكلمة وصفت فيها رفو بأنه "شاعر يحمل الغربة في عروقه، ويكتب بالروح لا بالقلم". وتحدثت عن حسه الإنساني الذي يتخطى حدود الجغرافيا والسياسة.
رفو، الذي يحمل في قلبه موصلًا وكوردستان وغراتس وشفشاون، تحدث عن تجربته الطويلة في الترجمة وأدب الرحلات، قبل أن يأخذ الجمهور في رحلة شعرية بين دهوك وقرية الشيخ حسن ونهر الدانوب، متنقلاً بين قصائد الطفولة، والموت، والحب، والحنين.
وعندما سأله أحد الحاضرين ممازحًا: "أين الغزل والمرأة في قصائدك؟"، أجابه رفو بقصيدته "أغنية حب على نهر الدانوب"، لتخترق الكلمة القلوب وتصطفق لها الأرواح قبل الأيادي..
أما عن الموت، فقد قرأ:
كلنا سنموت يوماً
الملوك والأبطال والفقراء
الخونة والحمير والذئاب
وقتها سيكون للموت عنوان!!
"أطفال الكورد.. تغريدة حزن"، الصادر عن مطبعة حمدي في السليمانية، جاء بمقدمة للشاعر الكبير لطيف هلمت، وهو ديوان لا يوثق فقط رحلة شاعر من المنفى إلى الذات، بل يسهم في ترسيخ أدب المهجر والطفولة كرافدين للهوية الثقافية الكوردية في عالم يزداد غربة.
في ختام الأمسية، عبّر الحضور عن امتنانهم لما وصفوه بـ"القصيدة التي لا تتاجر بالوجع"، حيث وقّع الشاعر ديوانه وعرَض عددًا من مؤلفاته، ليبقى ذلك اللقاء، رغم برودة الطقس، دفئًا صادقًا في ذاكرة الشعر.