عدم تشديد الحكم على صنصال يُبقي الباب مفتوحا للتهدئة بين فرنسا والجزائر

رئيس الوزراء الفرنسي يعرب عن أمله في صدور عفو رئاسي على صنصال، وهو ما يتطلع إليه مناصرو وعائلة الكاتب بمناسبة عيد الاستقلال الجزائري الشهر المقبل.

الجزائر - ثبتت محكمة استئناف في العاصمة الجزائرية اليوم الثلاثاء عقوبة بالسجن خمس سنوات بحق الكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال لاتهامه بـ"المساس بوحدة الوطن"، فيما يبقي عدم تشديد الحكم، مثلما طالبت به نيابة المحكمة منذ نحو أسبوع، الباب مفتوحا لتسوية القضية التي أججت التوتر مع فرنسا ووضعت البلدين على حافة قطيعة دبلوماسية. 

وتحدثت رئيسة المحكمة بالفرنسية إلى صنصال، بعد تلاوة الحكم باللغة العربية، قائلة "لقد تم تأكيد حكم المحكمة الابتدائية أمامك ثمانية أيام لتقديم استئناف أمام محكمة النقض".

ومع تقدم سن بوعلام صنصال البالغ من العمر 80 عامًا وحالته الصحية (إصابته بالسرطان)، يثير تثبيت الحكم مخاوف إنسانية، وكانت منظمات فرنسية ودولية دعت إلى "بادرة إنسانية" أو عفو رئاسي على الكاتب.

وأثارت هذه القضية أزمة دبلوماسية بين الجزائر وفرنسا، حيث أعربت باريس عن قلقها وطالبت بالإفراج عن صنصال، مشيرة إلى وضعه الصحي وعمره، فيما ربط الرئيس إيمانويل ماكرون تسوية هذا الملف بإعادة الثقة الكاملة بين البلدين.

وتشكل هذه المسألة نقطة توتر إضافية في العلاقات الجزائرية الفرنسية، التي تشهد تقلبات بسبب قضايا متعددة، بما في ذلك ملف الذاكرة المتعلق بالفترة الاستعمارية وملف الهجرة غير الشرعية وقضية ترحيل الرعايا الجزائريين من فرنسا.

ورفض المحامي الفرنسي الجديد للكاتب بيير كورنوت - جنتيل الذي وصل إلى الجزائر العاصمة في الأيام الماضية، التعليق على احتمال الطعن في الحكم على صنصال، ردا على سؤال لوكالة فرانس برس، قائلا "ليس لديّ أي تعقيب، ينبغي أن ازور موكلي لمناقشة إمكانية الطعن"، موضحا أنه "التقى به أمس الاثنين، وهو بخير".

وأعرب رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو اليوم الثلاثاء عن أمله في صدور عفو رئاسي عقب تأكيد الحكم بالسجن خمس سنوات بحق صنصال، مضيفا أن "ما يتعرض له الكاتب وضعٌ لا يُطاق بنظر الفرنسيين والحكومة الفرنسية... والآن، وبعد صدور الحكم، يُمكننا أن نتصور صدور عفو عنه لا سيما بالنظر إلى صحة مواطننا".

وتأمل عائلة ومناصرو صنصال عفوًا رئاسيًا عليه بمناسبة عيد استقلال الجزائر في 5 يوليو/تموز، فيما يُنظر إلى هذا الخيار على أنه يمكن أن يوفر مخرجًا "مشرفًا" للسلطات الجزائرية ويخفف من التوترات مع فرنسا.

ويُتوقع أن تستمر المفاوضات والضغوط الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا، فيما لم تستبعد مصادر مطلعة مساعي خلف الكواليس لإيجاد حل.

وحكمت محكمة ابتدائية في 27 مارس/آذار على صنصال بالسجن خمس سنوات لإدانته بتهمة المساس بسلامة وحدة الوطن، بسبب تصريحات أدلى بها في أكتوبر/تشرين الأول لوسيلة إعلام فرنسية يمينية هي "فرونتيير" وتبنى فيها طرحا مغربيا بأنّ قسما من أراضي المملكة اقتطع في ظل الاستعمار الفرنسي وضمّ للجزائر.

وأدى اعتقاله في 16 نوفمبر/تشرين الثاني في الجزائر العاصمة إلى تاجيج نزاع حاد بين باريس والجزائر اندلع في يوليو/تموز 2024 بسبب اعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي تحت سيادة الرباط خلا وحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

ومنذ ذلك الحين، يمر البلدان بأزمة دبلوماسية غير مسبوقة تخللها تبادل طرد دبلوماسيين وقيود على حاملي التأشيرات الدبلوماسية، وتجميد التعاون. وتثير هذه القضية انقساما في الساحة السياسية الفرنسية بين شق يدفع باتجاه الضغط على الجزائر وصولا إلى إلغاء الاتفاقيات الثنائية، بينما تحث عدة منظمات وأحزاب ورجال أعمال الحكومة على التهدئة وتكثيف الجهود من أجل إعادة الدفء إلى العلاقات مع الشريك الاقتصادي والتجاري التاريخي.