هل يتكرر سيناريو السيسي في العراق؟

يعرف الإطار أن الإشارات التي يطلقها السوداني ليست لصالحه.

لم يكُن الرجل سوى ضابطا رفيعا في عهد رئيس جمهورية مصر الأسبق حُسني مبارك ثم إنتقل إلى حُكم الإخوان في مصر بعد مبارك حتى قيل عنه أنّه رجل الجماعة في القوات المسلّحة التي عُيّن قائداً لها ووزيرا للدفاع عندما إنقلب عليهم بِتمرّد قاده للإطاحة بالإخواني محمد مُرسي ليصبح رئيساً لجمهورية مصر العربية.

ثَمّة مَن يعتقد أنَّ هُناك تقارباً في المشهدين العراقي والمصري ربما تتّضح معالمه خلال الفترة القادمة.

هُناك أحداث تجري معالمها داخل غُرف الإطار التنسيقي تفوح منها رائحة التنافر أو التناقض، ففي الوقت الذي كانت قوى الإطار التي شكّلت حكومة السوداني تُطالب برحيل القوات الأميركية عن أرض العراق كان أخرها بِصوت هادي العامري رئيس مُنظّمة بدر إحدى قوى الإطار بهذه المُطالبة، فاجأ السوداني إطاره مُدافعاً عن وجود القوات الأميركية في بلاده حين لم يُحدد جدولاً زمنياً لإنسحابها مُعللاً ذلك بالحاجة للقضاء على تنظيم داعش الذي يحتاج مزيداً من الوقت حسب ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال.

ويبدو أنَّ الإتهامات قد بدأت تتعالى الأصوات فيها بعد التنافس على حُصص المناصب والمواقع المُؤثّرة في البلد حتى وصلت تلك الإتهامات إلى السوداني بأنه يُهيئ حزبه الجديد (تيار الفُراتين) الذي شكّله إستعداداً للإنتخابات المحلية والتشريعية القادمة.

الإتهامات تصاعدت ضد رئيس الوزراء حين أبقى على مُحافظ البنك المركزي مصطفى غالب التي تدّعي بعض الأطراف قُربه من التيار الصدري الذي إنسحب من العملية السياسية والحكومة، كذلك رئيس شبكة الإعلام العراقي نبيل جاسم المحسوب على حكومة مصطفى الكاظمي السابقة، فيما يُحاول بعض نواب الإطار جمع تواقيع لإستجواب مُحافظ المركزي وسط ترجيحات بإقالته ومُحاولات أُخرى لإستضافة السوداني تحت قُبّة البرلمان.

إرتفاع سعر الدولار أمام الدينار أربك وضع الحكومة ومن خلفها الإطار التنسيقي الذي كان يتغنّى بحكومة خدمات ترفع من الشأن المعاشي والحياتي للمواطن ليصطدم بالقرار الأميركي بِفرض الوصاية على تهريب الدولار إلى إيران الذي تتغافل عنه بعض الأطراف السياسية.

تصريح السوداني الأخير الذي إستّفز الإيرانيين بتسمية دول الخليج العربي بدلاً من الفارسي أثناء دورة خليجي البصرة المُقامة على أرض العراق قد تُرسل رسائل مُشفّرة أو حتى علنيّة بأن رجل الإطار ربما يُفكّر بالإنقلاب عليه والتحليق بعيداً عن سِربه وقد يكون الإنقسام والإختلاف بين قيادات الإطار سبباً لِتمرّد السوداني.

لا يُخفي البعض من قادة الإطار ذلك الموقف الخجول من الحكومة من قضية إغتيال سُليماني والمهندس في شارع مطار بغداد بقصف جوّي من قِبل القوات الأميركية والفعاليات التي لم ترتقِ إلى ما كان يتمنّاه الإطار التنسيقي في الذكرى الثالثة لتلك الحادثة، حين لم تُعلن الحكومة على الأقل عُطلة رسمية في البلد مُكتفية بتنديد خجول.

مِن قراءة الأحداث وتسلسلها يُمكن إيجاز القادم بِعنوان المواجهة أو حتى التصادم وربما الإنقلاب، فالضغط الأميركي لا زال فاعلاً على حكومة السوداني وقد يأخذها بالطريق الذي تُريده أميركا وليس كما يرغبه الإطار.

في المُحصّلة ما إجتمع عليه القوم سيُفرّقهم لأن المصالح والمنافع هي أساس ما كانت تجمعهم وليس الأهداف والنوايا.

هل وصلت الأمور إلى اللاعَودة ويتكرر مشهد السيسي في العراق؟

مُقتربات الأحداث تؤكّد أنَّ هُناك ما يلوح في الأفق بِطبخة سياسية طبّاخها العامل الخارجي خصوصاً وإن المواطن البسيط لن يظل صامتاً إلى مالا نهاية في ظِل وضع إقتصادي مُتردٍ وظروف معيشية صعبة فرضها إرتفاع سعر الدولار مُقابل الدينار. مُفارقة غريبة ومهزلة تتمثّل في ذلك المردود المالي الضخم المُتنامي الذي هَبط على العراق بِفعل إرتفاع أسعار النفط بالأسواق العالمية، في حين يعيش مواطنيه ذلك الغلاء والبطالة والفقر. نعتقد أن قادمات الأيام ستُعجّل بذلك الرفض للواقع المُؤلم الذي فرضه المشهد السياسي المُتخلّف في العراق.