استثمار الكارثة

بعد تقسيم لمعارض ومؤيد للنظام، يتشظى السوريون إلى معرض ضحية للزلزال ومؤيد ضحية للزلزال.

في الوقت الذي كان فيه السوريون يتسابقون لمبادرات فردية وأخرى تخص المجتمع المدني في داخل سوريا وخارجها، في ذات الوقت كان هناك من يريد استثمار الكارثة لمصلحة أجنداته السياسية متناسياً عن سابق إصرار أن هناك جثثا تحت الانقاض وسوريين آخرين لاتزال أجسادهم يسري فيها دم دافئ يكاد أن ينطفئ.

كان الزلزال الذي ضرب سوريا لحظة مفصلية لردم الهوة الكبيرة في الانقسام والتشظي الذي يعاني منه السوريون منذ أكثر من عقدٍ من الزمن. لكن تأكد أن ظننا كان آثماً لان تم التمييز منذ اللحظة الأولى للزلزال بين الضحايا والمشردين ما بين مؤيد ومعارض وكان علينا أن نتنقل بين أكثر من مصدر لكي نلملم ضحايا سوريا من الزلزال ونحصي أعداد الذين قضوا لأن إعلام النظام يتحدث عن زلزال مناطقه، وإعلام المعارضة يتحدث عن زلزال مناطقه، وكأننا أمام زلزالين في بلدين مختلفين.

لكن الحقيقة هي العورة التي انكشفت، والتخوين والإقصاء الذي عاد ليُمارس بأقذر طرقه، وكأن الإنسانية والوطنية تتجزأ وتتشظى لتحكم أجندة هذا وذاك، وسقطت مقولة وحدة الأراضي السورية ونحن نرى سوريا مقطعة الأوصال والمساعدات من منطقة لأخرى تقف على أعتاب حدود منطقة تحكمها أطراف الصراع السوري على اختلاف انتماءاتهم وأجنداتهم، وتقف الدولة عاجزة أمام اتخاذ قرار باعتبار المناطق المتضررة من الزلزال مناطق منكوبة حتى اليوم الخامس حتى اختمرت عجينة الاستثمار السياسي والمساومة بأرواح الناس التي تنتظر تحت الأنقاض من يمد لها يد العون، وبات الاعلام الرسمي يتحدث عن رفع العقوبات والحصار دون أن يعلن الحداد على أرواح من قضى في الزلزال.

هل كنا بحاجة لكارثة بهذا الحجم المفجع لنكتشف كل ذلك؟

اعتقد أن ما حدث منذ السادس من شباط/فبراير ويحدث وسيحدث لن يضيف جديداً لمن زالت غشاوة الوهم من عينيه وفكره، الحقيقة واضحة ولكن لمن استطاع إليها سبيلا.