نريد النور؟!

لم يكن ينقص لبنان إلا حماس لتؤسس ميليشيا جديدة بالتنسيق مع حزب الله.

في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي اجتاحت براغ احتجاجات شبابية واسعة. كانت تشيكوسلوفاكيا (آنذاك) خاضعة لهيمنة الاتحاد السوفيتي وفكره الاشتراكي وشعاراته الثورية التي رغم جاذبيتها وقوتها، لم تنجح في منع انقطاع الكهرباء عن الناس.

خرج طلاب جامعة براغ بتظاهرات عارمة أدت الى تغيير سكرتير الحزب الشيوعي وانتخاب سكرتير (إصلاحي) جديد قاد ما سمي آنذاك "ربيع براغ". كان الشعار الذي رفعته مظاهرات شباب براغ ملهماً وعميقاً رغم انه تألف من كلمتين فقط تطالبان ظاهراً بعودة الكهرباء، لكنهما وصفة للتغيير الشامل: نريد النور!

لم يَرُق النور للسوڤييت وعَدّوه خدمة للامبريالية، فسحقوه بدباباتهم في عام 1968.

وهاهي قصة الخفافيش التي تكره النور تتكرر في أماكن أخرى، وبمسميات أخرى، وأزمنةً أخرى. وها هي ايران تحكم قبضتها على عواصم عربية مهمة (دمشق - بيروت - بغداد - صنعاء) وتمتد أصابعها لقطاع غزة، فتصادر القرار الوطني وتحجب النور وتقطعه عن نسائم الحرية والعيش الكريم لشعوب هذه الدول التي أصبحت مرتهنة لقرارات الولي الفقيه.

في لبنان تقف الدولة والجيش عاجزين تماماً عن إحكام السيطرة على مساحة البلد الجغرافية في لحظة فارقة وصعبة وقد تعود بنتائج كارثية على بلد منهك ومنتهك في الوقت ذاته. وتفتقد الدولة أصعب وأهم القرارات التي يجب أن تتخذها وهو قرار الحرب والسلم، فأصبح البلد أسير قرار الوكيل الايراني على الارض اللبنانية، حزب الله، الذي بات خطراً على السلم الأهلي وعلى مستقبل لبنان كدولة قائمة إذ يقوده لمغامرات طائشة يُتخذ قرارها الطائش في طهران.

وفي استباحة واضحة للسيادة الوطنية اللبنانية أعلنت حركة حماس في لبنان عن تأسيس "طلائع طوفان الأقصى" ودعت الشباب الفلسطيني للالتحاق بها. وهذا انتهاك صارخ للقرار الوطني اللبناني وزيادة عدد الميليشيات العابثة على الارض اللبنانية ميليشيا جديدة، والوكلاء للقوى الخارجية وكيلاً جديداً. وبالطبع اتخذت حماس هذا القرار بالتنسيق الكامل مع حزب الله الذي يريد أن يوسع دائرة سيطرته لتشمل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وبعثرة أوراق الأزمة السياسية والاجتماعية والطائفية والاقتصادية التي تعصف بلبنان.

تغول حزب الله في لبنان على ما يبدو مستمر ويتعمق وها هي حركة حماس تسانده لتعقّد المشهد اللبناني أكثر فأكثر، وليصبح مصير هذا البلد الجميل في مهب الريح.