الانفصال عن الواقع.. سوريا نموذجاً؟!

المدارس السورية تئن من وضعها بسبب النواقص في كل شيء، والوزير يناقش خطة إدخال البيسبول والسوفتبول للمناهج الدراسية.

هكذا وبكل بساطة وبلا مبالاة اجتمع وزير التربية السوري مع أمين الاتحاد العربي ورئيس الاتحاد العراقي للعبتي البيسبول والسوفتبول لمناقشة خطة التعاون وآلية تفعيل اللعبة في المدارس السورية. وتم في الاجتماع مناقشة متطلبات اللعبة وإدخالها للمدارس، إضافة إلى أهميتها في تنمية اللياقة البدنية للطلاب وإبعادهم عن الألعاب العنيفة. وأكد الوزير على أهمية التعريف باللعبة اعلامياً وتدريب الموجهين ثم المدرسين عليها وفق خطة ممنهجة وتنظيم مباريات تشجيعية فيها.

نموذج مثالي للإنفصال عن الواقع التربوي في سوريا بعد أكثر من عشر سنوات دامية فمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) تقدر عدد الأطفال المحرومين بأكثر من مليوني طفل، حوالي 40% منهم من الفتيات، وإن واحدة من كل ثلاث مدارس خرجت عن الخدمة داخل سوريا لأنها دمرت أو تضررت أو تستخدم لأغراض عسكرية. وتقول أن الأطفال القادرين على الالتحاق بالمدرسة يتعلمون في الفصول الدراسية المكتظة، وفي المباني التي لا توجد بها مرافق مياه وصرف صحي كافية أو كهرباء أو تدفئة أو تهوية. كما وثقت الأمم المتحدة ما يقارب 700 هجوم على منشآت التعليم والموظفين في سوريا منذ بدء التحقق من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال.

وزارة التربية السورية التي عاشت عام 2017 على ايقاع فضيحة تغيير المناهج الدراسية يبدو أنها مصرة على منافسة سخافة مسلسلات البيئة الشامية، وعبثية مسلسلات الفانتازيا التاريخية، وتلوين الواقع التربوي في سوريا بألوان زاهية تشبه ألوان شعار منظمة طلائع البعث التي صادرت واحتكرت طفولة أجيال من السوريين بعقلية خشبية لا تلين. وتبقى الوزارة متجاهلة أن مئات المدارس في أكثر من محافظة سورية هي خارج سيطرتها، بل يمنع منعاً باتاً تدريس المناهج التربوية الرسمية فيها على سبيل المثال الحسكة وادلب.

كل ذلك تتجاهله وزارة التربية السورية وتنفصل عن هذا الواقع المزري وتسعى لإدخال البيسبول والسوفتبول للمناهج الدراسية وكأن الطالب السوري يعيش زمن الترف والرخاء وتتناسى الوزارة أنه زمن القبض على الجمر في سوريا.