'حرير الصابرة' يبرز صناعة الحرير وتعدد الثقافات لمدينة فاس العريقة

المخرج المغربي يازيد القاديري يكشف في هذا الحوار أهمية الإنتاج في تحقيق الرؤية الإخراجية سواء في الأعمال السينمائية أو المسلسلات الدرامية التاريخية.

الرباط - مسلسل "حرير الصابرة" للمخرج يازيد القاديري هو سلسلة تاريخية من أربع حلقات مدتها 42 دقيقة، تدور أحداثها بمدينة فاس في أوج ازدهارها الاقتصادي والعمراني والعلمي، الذي شهدته خلال القرن الرابع عشر، أيام حكم السلطان "فارس أبو عنان" المريني عام 1357م.

العمل الدرامي من سيناريو منصف القادري، وبطولة كل من سعد موفق، هند بن جبارة، عز العرب الكغاط، عبداللطيف شوقي، نجاة الوافي، أنيسة العناية.

يعرض المسلسل ضمن برامج رمضان 2024، وفي هذا السياق كان "لميدل إيست أونلاين" حوار  مع المخرج يازيد القاديري حول أعماله الدرامية والسينمائية.

وفي ما يلي نص الحوار:

⁠حدثنا عن فكرة مسلسلك "حرير الصابرة" وما الذي دفعك لاختيار هذا الموضوع وبالضبط في مدينة فاس؟

تحكي لنا السلسلة قصة أسرة المعلم "بن براهيم" الممتهنة صناعة الحرير، والتي هاجرت من الأندلس لتستقر بـجْنَان رحب "آوت"، فيه فتيات يتيمات يتعلمن حرفة تربية دود القز وغزل الحرير وصنع السفائف والقفاطن، إذ تواجه أسرة "بن براهيم" منافسة شديدة من طرف أحد صناع الحرير من أجل الظفر بتزويد بلاط السلطان، ما يترتبت عنه أحداث مأساوية، إضافة إلى إتقان هذه الاخير حياكة الحرير، ويتابع "يوسف" بطل السلسلة وهو ابن المعلم "بن براهيم" دراسته في علوم الميقات والآلات واختير ضمن فريق العلماء المكلفين من طرف السلطان "أبي عنان" بصناعة الساعة المائية الشهيرة.

ويعتبر مسلسل"حرير الصابرة" توليفا دراميا لإحدى الحكايات التاريخية التي نشرت للكاتب والسيناريست منصف القادري أواخر التسعينات تحت عنوان "الناسك المجهول"، والتي تتضمن مجموعة من الحكايات التاريخية التي تبرز العديد من المظاهر الحضارية والعمرانية، وتسلط الضوء على ثلة من المؤسسات الاجتماعية والفكرية والعلمية لمدينة فاس ما بين القرنين الـ13 والـ16، فكان جديرا أن يتم تحويل هذه الحكايات إلى إنتاجات درامية تغني المشهد السمعي البصري المغربي.

⁠كيف يتم التحضير لتصوير مشاهد التراث وصناعة الحرير بطريقة تظهر جمالها وتفاصيلها؟

التحضيرات بصفة عامة لمشهد ما، تتخذ التزامات فنية وتقنية من فريق العمل، لكن في هذا العمل التاريخي يجب أن يكون الالتزام مضاعف عند كل من فريق الانتاج والديكور والملابس والماكياج وغيرهم، من أجل التدقيق في الاختيارات الفنية تحت إشراف الإدارة الفنية المتمثلة في سيناريست العمل الأستاذ منصف القادري ومخرج العمل.

⁠ما هي التحديات التي واجهتك أثناء تصوير المشاهد التاريخية وكيف يتم التغلب عليها؟

تتمثل التحديات أساسا في ميزانية العمل التي قد لا تساعد على إنتاج هكذا أعمال تاريخية، والتي تتطلب إمكانية ضخمة من أجل العمل في ظروف مريحة أكثر، حيث لم نتمكن من التصوير لمدة أطول من 3 أسابيع، كما تم الاقتصار فقط على ديكورات متقاربة من أجل توفير جهد إنتاجي لصالح الاكسسوارات والملابس وتأثيت الفضاءات، كذلك يجب ذكر أن المجلس البلدي للمدينة لم يدعم العمل للأسف.

لذا فالتغلب على التحديات جاء بفضل المنتج فيصل القادري الذي شارك الفريق الفني جميع مراحل تطوير المشروع الى اخر مرحلة من سلسلة الانتاج من أجل الحرص على الجودة المطلوبة والعمل على توفير ظروف اشتغال مواتية واحترافية، فهذه هي الصفة التي يجب أن يتخدها أي منتج، ف"حرير الصابرة" بفضل هذا الالتزام تلقت استحسان المشاهد المغربي.

⁠كيف تم اختيار فريق العمل للمسلسل؟ وما هي الصفات التي بحثت عنها في الممثلين؟

منذ 2018 وأعمدة فريق العمل لايشملها تغيير، فالثقة المتبادلة واقتسام نفس الرؤية الفنية هما أساس نجاح الفريق، وبالنسبة للممثلين، فأغلبيتهم  اشتغلت معي في أعمال سابقة والبعض منم لأول مرة، وكان من بين أهدافي اعطاء مساحة أكبر لفناني مدينة فاس وتقدير موهبتهم التي تستحق فرص أكثر، وتطويق العمل بأسماء وازنة كالممثل القدير عزالعرب الكغاط، ونجاة الوافي، وهند بن جبارة، وسعد موفق، وأنيسة لعناية، وعبداللطيف شوقي، وهاجر كريكع، وآخرون.

⁠ما هي الرسالة التي تأمل في أن يستوعبها المشاهد بعد انتهاء المسلسل؟

إلى جانب خلق الفرجة والمتعة البصرية من خلال الديكور والإكسسوارات والملابس، يهدف العمل إلى النبش في التاريخ عموما، وإبراز المعالم الحضارية المشرقة التي شهدها المغرب، حتى يتعرف المشاهد المغربي والعربي والدولي على حقبة متوهجة من تاريخنا، ولاسيما وأن هناك شبه قطيعة بين تاريخنا والمعلومات المنتشرة بين المشاهدين عامة والشباب على وجه الخصوص، إذ كثيرا ما نسمع أو نقرأ عن تاريخنا الحافل بالتميز في الكتب والمقررات الدراسية، ولكن نادرا ما تتاح لنا الفرصة كي نعاين ذلك على مستوى الإنتاج السمعي البصري.

ما هي أبرز تقنيات الاخراج التي طغت على تكوين الصورة العامة للمسلسل؟

عملية إخراج عمل تاريخي تتخللها عدة مراحل من أجل تكوين رؤية واضحة للعمل، فالتنسيق المتواصل مع الفريق الفني كان واجبا بالنسبة لكل الأعمال، لكن في السلسلة  يتأثر الاخراج أكثر بتداعيات الحقبة الزمنية وما يستوجبها من شروط يلتزم بها المخرج لاختيار الكادرات والإنارة  مثل استعمال منابع ضوء الطبيعية نهارا وبالقنديل ليلا، وهنا أشيد بوليد لمحرزي مدير تصوير السلسلة، إذ تم اتخاد الفضاءات كشخصية رئيسية للسلسلة لمدى فخامتها، فاستعمالها لم يكن فقط كوسيلة للتعريف بالزمكان بل كعامل مؤثر في تسلسل الأحداث.

⁠هل تخطط لإنتاج مواسم متتالية للمسلسل؟

نعم أكيد، إذا توفرت لي ميزانية أكبر.

هل تجد نفسك في السينما أو التلفزيون؟ وما جديدك القادم؟

التفرقة بين السينما والتلفزيون تتجلى أساسا في مدى عطاء المخرج، لكن الصواب هو احترام العمل كيفما كانت نوعيته، إذ أن ظروف الاشتغال تختلف وأدوات العمل كذلك، لذا أجد نفسي أكثر في العمل على فيلم سينمائي، فمنذ إخراجي لعملي القصير الأول "أغنية البجعة" والثاني "مداد أخير" اللذان توجا في عدة مهرجانات وطنية ودولية، أبحث عن ذاتي للعمل على فيلم سينمائي طويل الذي أعتبره مرحلة فارقة في مساري الفني.