قوة البيت الأبيض في الحراك الطلابي

الجامعات الأميركية عصب حيوي في الحياة الأميركية. لا يستطيع بايدن أو نتنياهو التعامي عنها.

ربما يقال عن أحدنا ساذجا لو رأى أن إدارة البيت الأبيض تحتمي بانتفاضة الطلبة في الجامعات الأميركية ضد جريمة إبادة البشر في غزة، فهي الواقعة بين نارين، نار الدفاع عن الحق الإنساني المدرج في شرائعها، ونار إسرائيل التي لا تجرؤ على خدشها، أو كبح جماحها الوحشي دون دفع شعبي قوي.

مؤثرات القلق دبت في فرائص بنيامين نتنياهو، وقالها بالحرف الواحد "إنه أمر مروع" ما يجري في الجامعات، داعيا إلىى إسكات صوت الطالب الأميركي.

إدارة جو بادين تجد في الحراك الطلابي عذرا يغلف خطابها المتذبب تجاه جريمة تحرك الضمير الإنساني وتدفع الأجساد الحاملة له إلى حد التمرد ضد قيم زائفة تتستر بها قوى العالم الكبرى العاجزة عن إيقاف آلة الموت التي يحركها اليمين الإسرائيلي المتطرف.

حراك الشارع الأميركي في مشهد تمرد طلابي يعم الولايات الكبرى يدعو بصوت مرتفع واحد إلى قطع صلة إسرائيل الاستثمارية بعجلة الاقتصاد الفيدرالي ومؤسساته الأكاديمية بما يجرد حضورها من أهم الأدوات الفاعلة في الولايات المتحدة:

  • قطع الشراكات بين الجامعات الإسرائيلية والجامعات الأميركية في المجال العسكري والأكاديمي.

إدارة البيت الأبيض ومعها الكونغرس لا يقويان على تهديد إسرائيل بحجب نلك المزايا الإستثمارية المؤثرة في عجلة الاقتصاد العالمي ومساراته العلمية والتربوية، رغم استخفاف حكومة بنيامين نتنياهو بمطالب واشنطن الإعلامية في فنح بوابات وصول المساعدات إلى غزة وإلتزام قوانين الحرب في الحفاظ على الحياة المدنية، فتركت الطلبة يرفعون سقف مطالبهم الكبرى، حتى تضحى أخطروسائل ضغط على السلطات الحاكمة وإجبارها على إيجاد صيغ أقوى في فرض إرادتها على سلطات كيان لم يجد من يردعه.

لغة بديلة اعتمدتها إدارة البيت الأبيض في ضمان استجابة إسرائيل لرؤيتها المرتبكة في "التقليل من حجم الخسائر بصفوف المدنيين وإيصال الغذاء قبل حلول كارثة الجوع" لغة حراك الطلبة في الجامعات الأميركية بسقف مرتفع من المطالب تواجه بها تطرف نتنياهو ودموية مجلس حربه المصغر.

حراك الطلبة أداة سياسية فاعلة لو أجادت إدارة البيت استثمارها لا في إنهاء العدوان الوحشي على غزة فحسب، بل في القضاء على حكومة اليمين المتطرف بما تشكله من خطر على أمن الشرق الأوسط والأمن العالمي على حد سواء، فالعالم أجمع اتفق على رفض استمرارها وإزاحتها من الحياة السياسية.

الأمن الأميركي أمام تحد يتصاعد خطره مع تصاعد وتيرة الاحتجاج الطلابي القابلة للاتساع على نطاق اجتماعي أوسع لو غادر هذا الاحتجاج أسوار الجامعة وانضمت إليه شرائح الشعب المختلفة، وبات الأمن الأميركي الاجتماعي مرهونا بسياسات بنيامين نتنياهو المتمادي في حربه الوحشية ضد كل شيء حي في غزة والضفة الغربية في ظل دعم حكومة الرئيس جو بايدن له بالمال والسلاح.

أمام إدارة البيت الأبيض خيارات لحفظ قواعد الأمن الأميركي الداخلي والحفاظ على هيبته ومصداقية شرائعه الإنسانية:

  • العمل الجاد على إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة.
  • تأييد حل حكومة اليمين المتطرف وصعود بديل لها.
  • دعم مشروع قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو ووزير دفاعه ورئيس أركان جيشه.
  • خيارات أمام جو بايدن قدرة تنفيذها دون الخوف من اللوبي الصهيوني المتنفذ.

إذا ما استند على قوة الحراك الطلابي الذي يحتمى به في فرض إرادة أميركا على إسرائيل ووضع الأمن القومي أولوية لا تعلو عليها أولوية أخرى.