مختبرات تتنافس على تطوير 'بذور' الماس الاصطناعي

الأحجار الكريمة الاصطناعية تغير قواعد اللعبة في سوق المجوهرات العالمية.

سورات (الهند) - تتلألأ أحجار السوليتير بنقائها البلوري، لدرجة أنها قد تخدع حتى أكثر الخبراء حنكة في عالم الأحجار الكريمة، لكنّ هذه الماسة لم تقبع في باطن الأرض أكثر من مليار سن، بل رأت النور في مختبر هندي حيث تباع بأقلّ من نصف سعر الجوهرة الطبيعية.

طُوّر الماس الاصطناعي لأول مرة في أوائل خمسينيات القرن الماضي، لكنّ تطوير مسار تصنيعي قابل للتطبيق تجاريا ظهر قبل أقل من عقد.

لقد غيرت هذه الأحجار الكريمة الاصطناعية قواعد اللعبة في سوق مجوهرات الماس العالمية، التي تبلغ قيمتها حاليا 89 مليار دولار، خصوصا في مدينة سورات في غرب الهند، حيث يتم قطع وصقل 90 في المئة من الماس في العالم.

في مختبر سميت باتيل مدير "غرينلاب دايمندز" Greenlab Diamonds في سورات، يُسقط فنيون شظايا ماسية يطلقون عليها "البذور" في مفاعلات تعمل على إعادة إنتاج الضغط الشديد الذي يسود أعماق الأرض.

وتحتاج فرقه إلى أقل من ثمانية أسابيع لإنتاج ماسة اصطناعية صالحة للبس لا يمكن تمييزها فعليا عن الماس الطبيعي.

تمتلئ المفاعلات الموجودة في مختبره بغازات مثل الميثان الذي يحتوي على الكربون، حيث تنمو "البذور" تحت تأثير الحرارة والضغط.

وينجم عن العملية "المنتج نفسه، بالخصائص الكيميائية والبصرية نفسها"، وفق باتيل الذي تعمل عائلته في تجارة الماس منذ ثلاثة أجيال.

ويتم بعد ذلك نقل الماس الاصطناعي إلى منشأة أخرى حيث يُقطع ويُصقل على يد مئات العمال.

وفي بومباي، تبدو ليخا براباكار البالغة 29 عاما، ضليعة في الموضوع. وتقول "أي ماسة تخرج من المنجم تباع بسعر أعلى بخمس مرات".

وقد تضاعفت قيمة صادرات الهند من الماس الاصطناعي ثلاث مرات بين عامي 2019 و2022. ومن حيث الحجم، زادت هذه الصادرات بنسبة 25 في المئة بين أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول 2023، مقارنة بـ15 في المئة خلال الفترة عينها من عام 2022، بحسب أحدث البيانات في القطاع.

وبحسب باتيل، فإن "شركة غرينلاب دايمندز شهدت نموا بنسبة 400 في المئة في الحجم من سنة إلى أخرى".

ومن المرجح أن تتجاوز حصة السوق العالمية من حيث قيمة الماس المزروع في المختبر، والتي ارتفعت من 3.5 في المئة في عام 2018 إلى 18.5 في المئة في عام 2023، عتبة الـ20 في المئة هذا العام، وفق ما قال الخبير في القطاع المقيم في نيويورك بول زيمنيسكي لوكالة فرانس برس.

وأشار المحلل المتخصص في الماس إيدان غولان إلى أنه في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للماس الطبيعي في العالم، باتت 37 في المئة من خواتم الخطبة اصطناعية، مقارنة بـ17 في المئة في فبراير/شباط 2023.

وساهمت في ذلك الصين والهند، وهما من أكبر منتجي الماس الاصطناعي، فقد صدّرت المختبرات الهندية 4.04 مليون قيراط بين أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول 2023، بزيادة قدرها 42 في المئة على أساس سنوي، وفق مجلس ترويج صادرات الأحجار الكريمة والمجوهرات الهندي. في المقابل، انخفضت صادرات الماس الطبيعي بأكثر من 25 في المئة، لتصل إلى 11.3 مليون قيراط.

وارتفعت مبيعات الماس الطبيعي خلال جائحة كورونا، لكن الطلب انخفض عندما عادت الاقتصادات إلى العمل بشكل طبيعي. وقد وجدت الشركات الكبيرة نفسها بمخزون فائض باهظ التكلفة.

ويقول أجيش ميهتا الذي تملك مجموعته "د. نافينشاندرا إكسبورتس" حقوق شراء من مجموعة "دي بيرز" العملاقة في مجال الماس، إن هذا التراجع هو الأكبر منذ بدء عمله في القطاع قبل 30 عاما.

وأضاف ميهتا لوكالة فرانس برس "الأمر مختلف تماما عن نقص الطلب"، فمع التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة والصين، والعقوبات المفروضة على الماس الروسي، وزيادة المعروض، "تضافرت كل الأمور وكأنها عاصفة مكتملة".

وفي أكتوبر/تشرين الأول، اضطر قطاع الماس الطبيعي في الهند إلى حظر استيراد الماس الخام طوعا، وهو أمر نادر.

وأفاد ما لا يقل عن خمسة مشترين هنود معتمدين لوكالة فرانس برس أن شركة "دي بيرز" خفضت الأسعار بنسبة 10 في المئة إلى 25 في المئة من ألماسها في أول عملية بيع لهذا العام، وهي فترة تشهد إعادة تخزين بعد الأعياد في الولايات المتحدة.

لكنّ الماس الاصطناعي وقع ضحية هذا الازدياد الكبير في العرض، فقد انخفضت أسعار الجملة بنسبة 58 في المئة في عام 2023، وفق غولان، وقدمت شركة "دبليو دي لاب غرون دايمندز" WD Lab Grown Diamonds، ثاني أكبر منتج في الولايات المتحدة، طلبا للإفلاس في أكتوبر/تشرين الأول.

وفق تجار التجزئة في سورات، انخفض سعر الماس المصقول ذي الجودة المنخفضة عيار 1 قيراط من 2400 دولار في عام 2022 إلى حوالي 1000 دولار في عام 2023.

وبحسب لباتيل، فإن الأسعار المنخفضة ستحفز الطلب، قائلا "كنا نعلم أن الأسعار ستنخفض، لأنه لا يوجد احتكار في هذه الصناعة".