'2 وجوه' يعري ملامح التسول في المجتمع المغربي

المخرج مراد الخودي يكشف في هذا الحوار عن قضايا اجتماعية واقتصادية تؤثر على صورة المشهد العام، وينقل رسالة توعوية للمجتمع والمسؤولين من خلال أحداث وشخصيات مسلسله الرمضاني.

الرباط - تبدأ قصة مسلسل "2 وجوه" للمخرج مراد الخودي، بعدما يخرج "علال" من السجن ويطالب بمستحقاته من "مهدي حمزاوي" ونصيبه من عملية سرقة قاما بها خلال شبابهما، ولا يعلم أن صديقه يعيش حياة مزدوجة من خلال شخصيتين مختلفتين: السيد "مهدي حمزاوي" و"باصطوف" الذي يمتهن التسول، لينطلق صراع قوي بين البطلين سيقلب حياتهما رأسا على عقب، وسيعيشان أحداث ومغامرات مليئة بالتشويق والإثارة.

المسلسل من تأليف هندة سيقال، وبطولة كل من عزيز داداس، دنيا بوطازوت، عبدالله ديدان، ماجدولين الإدريسي، نادية آيت، وطارق البخاري، ويعرض في إطار برامج رمضان 2024، ويستمر هذا الأخير في جذب انتباه الجمهور من خلال أحداثه المشوقة.

وفي هذا السياق، قامت "ميدل إيست أونلاين" بحوار مع المخرج المغربي حول كواليس مسلسل "2 وجوه"، وفيما يلي نص الحوار:               

ما الذي دفعك لاختيار فكرة "2 وجوه" كموضوع للمسلسل؟

تأتي فكرة المسلسل بناء على اقتراح الكاتبة والمنتجة هند سيقال، من أجل طرح قضايا التسول، وبالضبط حول أب ميسور الحال ولكنه يمتهن التسول، أي يلعب شخصتين  متناقضتين، فأعجبتني الفكرة لأنها كلاسكية وتخرج عن  نمط المسلسلات الدرامية العصرية التي تحوم حول الشركة والعائلة، كما أنها تختلف عن أعمالي السابقة أيضا، وأنا عادة أحب العمل على أن يكون لكل مسلسل لونه الخاص كي يحقق نوع من الاختلاف.

ما هو الهدف الأسمى لتحويل هذا السيناريو إلى مسلسل من 30 حلقة؟

دائما عندما أعمل على فكرة فيلم تلفزيوني أو سينمائي أو مسلسل، يكون الهدف الأسمى هو تقديم رسالة ما، ومسلسل "2 وجوه" غايته تحمل في طياتها سؤال، من هو المسؤول عن ظاهرة التسول في المجتمع المغربي؟ إذ أن ظاهرة التسول أصبحت تؤرق المشهد الخارجي، وتشوه المنظر العام، وربما تؤثر على السياحة في المغرب، لماذا؟ لأننا لم نعد نعرف هل الشخص المتسول فعلا محتاج أم أنه يتخد التسول مهنة يغتني بها؟ فالرسالة هي تحريك المجتمع والمسؤولين من أجل الوقوف على هذه الظاهرة، والحمد لله بعد ثلاث أيام من عرض المسلسل تلقيت رسالة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لتدارس هذا الموضوع كجهة مسؤولة، وهذا دليل على أن المسلسل بلغ هدفه.

يتنوع عدد الممثلين في المسلسل، ما هي الأسس التي اعتمدتها في اختيار هؤلاء الممثلين؟ وكيف ساهم تنوع الشخصيات في تعزيز رسالة المسلسل؟

عندما يكون  لديك سيناريو قوي ورؤية إخراجية محترمة لتنفيد هذه الأشياء، يجب أن تعتمد على الكاستينغ لأنه ركيزة أساسية في العمل الدرامي، فلا يمكنني العمل على الديكور أو شياء أخرى، فأنا أركز على الكاستينغ وأعطيه أولوية لأنه يشكل أكثر من خمسين بالمئة من نجاح العمل، فأولا يجب أن أشتغل مع ممثلين أقوياء أثبتوا حضورهم في الساحة الفنية، كي أستطيع ان أحقق مطلب السيناريو، لأن هذا الأخير أخد منا بحثا عميقا وتخطيطا وتنقيبا عن الجونب النفسية والاجتماعية والتاريخية للشخصيات، فالقصد وضع ممثلين أقوياء يتقمصون أدوارهم بدقة متناهية، كما أنه دائما يجب العمل على إكتشاف الممثلين الشباب، فأنا دائما أقوم باختيار الأجيال الصاعدة من أجل إغناء الساحة الفنية.

فيما يخص إعداد الممثل ما هو العمل الذي قمت به لضمان تمثيل دقيق لكل شخصية وتفاعلها مع الشخصيات الأخرى في القصة؟

إدارة الممثل مهمة وغير قابلة للعشوائية، أي لا تترك الممثل يرتجل بناء على تجاربه السابقة، فطريقتي أولا هي البحث عن شخصيات جديدة غير نمطية من خلال الكتابة على الورق، ووضع معالمها عن طريق رسومات تبرز متى تضحك الشخصية ومتى تنفعل، هل هي كوميدية أو تراجيدية، وبعدها أجلس مع الممثل على انفراد ونناقش أبعاد الشخصية التي سيجسدها من جميع جوانبها منذ الطفولة الى النضج، فلكل شخصية نمط موسيقي يشبه الشخصية التي نشتغل عليها، ثم بعدها نتدرب على الدور عبر أخد حوارات من المسلسل وتطبيقها بشكل فردي كإعداد قبلي، ثم نقوم بتدريبات مع الشخصيات الأخرى، ثم أمام الكاميرا، فهذه مراحل مهمة في إعداد الممثل وغير قابلة للتهاون.

ما هي أنواع تقنيات الإخراج من زوايا ولقطات وحركات الكاميرا التي استعملتها في تصوير جوانب اجتماعية وبيئية في المجتمع المغربي؟

الرؤية الاخراجية تنقسم إلى قسمين، الشكل والمضمون، فإذا انطلقنا من المضمون تجدني أقدم مسلسل مغربي شعبي جد قريب من المشاهد، حيث يشعر هذا الأخير بأنه يعرف شخصيات المسلسل، وبشكل أدق، اشتغلت على الواقعية التي يصادفها الناس في الشارع، وهذا ما جعل من الأحداث تأخد بصمة الواقعية، وطبعا هذا لم يأتي من عدم، فقد خرجت إلى الشارع العام وسألت الناس عن جميع ظواهر التسول، أما الشكل فأنا كمخرج يجب أن أحدد الشكل الذي أعمل به، إذ أن الكاميرا المحمولة على الأكثاف حاضرة بشكل كبير في مسلسل "2 وجوه"، لأن الموضوع فيه حركة، والكاميرا يجب أن تتماشى مع الألوان التي أشتغل عليها كي أستطيع أن أنقل المشاعر والاحاسيس بانسجام وتناغم.

حدثنا عن أعمالك القادمة؟

أنا بصدد إعداد سلسلة كوميدية سيتم تصويرها مباشرة بعد شهر رمضان، وفي طور كتابة سلسلة درامية سيتم تصوريها بعد ستة اشهر، لأن العمل على السيناريو يأخد وقتا طويلا في البحث والتخطيط والاشتغال عليه بشكل يومي، كي يكون في المستوى المطلوب بأفكار ونمط فني جديد.