أردوغان يحمل إلى سوتشي ثمن هجومه شمال سوريا

أردوغان سيطلب مساعدة بوتين لإخراج وحدات حماية الشعب الكردية من منبج وكوباني خلال محادثات في سوتشي هذا الأسبوع.

إسطنبول - عبرت الرئاسة الروسية اليوم الأحد، عن قلقها من إضرار الهجوم الذي تشنه قوات الجيش التركية شمال سوريا ضد الأكراد، بعملية التسوية السياسية في هذا البلد.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في مقابلة تلفزيونية إن التطورات الأخيرة شمال شرقي سوريا تثير قلقا شديدا لدى الكرملين، وأن هذه الأحداث "قد تضر بالتسوية السياسية".

وبينما فشل الهجوم، الذي بدأته القوات التركية بمساعدة فصائل مسلحة من "المعارضة السورية" ضد الأكراد في 9 تشرين الأول/أكتوبر، في تحقيق أهدافه، يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى اقناع موسكو وواشنطن بمساعدته في إخراج وحدات حماية الشعب الكردية من المناطق الحدودية مع بلاده.

وأعلن أردوغان سابقا أنه يخطط للقاء نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في مدينة سوتشي ليبحث معه إنشاء "المنطقة الآمنة" التي فشلت أنقرة إلى الآن في تثبيتها مع الأميركيين حسب شروطها.

ومع انسحاب الولايات المتحدة من سوريا أصبحت روسيا القوة الرئيسية التي ستحدد مستقبل سوريا والتي لا يمكن لتركيا أن تتحداها، حيث من المنتظر أن يقدم أردوغان مقابلا لبوتين عن ضمانه بقاء قوات بشار الأسد بعيدة عن الاشتباكات في مناطق الحدودية مع تركيا.

ووصف المتحدث الرئاسي التركي إبراهيم كالين لقاء أردوغان المرتقب مع بوتين، بأنه "بالغ الأهمية"، في وقت أعلنت موسكو تسيير دوريات "على طول خطوط التماس" بين القوات التركية والقوت السورية في منطقة منبج بشمال سوريا لتجنب أي احتكاك كبير بينهما.

يذكر أن دمشق وصفت العملية التركية بـ "العدوان"، كما واجه تحرك أنقرة استنكارا دوليا واسعا.

وخلال الأيام الماضية، انتشرت وحدات من الجيش السوري في مناطق حدودية عدّة كانت خارجة عن سيطرتها منذ سنوات، أبرزها مدينتا منبج وكوباني في محافظة حلب شمالاً، بموجب اتفاق بين الأكراد ودمشق برعاية موسكو.

ويطرح انتشار الجيش السوري خطر حصول مواجهات مع القوات التركية في القطاعات الخاضعة لسيطرة أنقرة التي تبدو خطواتها القادمة ستصطدم أيضا بالنفوذ المتزايد لإيران في سوريا ما يبقيها فقط على حدود الأكراد الذين أصبحوا كابوس أردوغان المزعج.

ويرى مراقبون أن موسكو التي بقيت في محور المراقبة منذ الهجوم التركي، تبحث عن لعب دور الوسيط في ملف الأكراد مع أنقرة، حيث من المنتظر أن تجني ثمار سكوتها عن العملية العسكرية التركية في شمال سوريا بطلب رفع يد أردوغان عن ملف إدلب.

وتسعى روسيا إلى اخراج المسلحين الموالين لأنقرة من إدلب حتى تضمن سيطرة قوات الأسد التي تدعمها بالكامل على المدينة.

يذكر أنه خلال الهجوم التركي على عفرين في 2018، رفض الأكراد العرض الروسي بتسليم المدينة كاملة وبقية المناطق للأسد، واختاروا مقاومة هجوم أردوغان.

الانسحاب الأميركي يخدم قوات الأسد وروسيا
الانسحاب الأميركي يخدم قوات الأسد وروسيا

والخميس، أعلنت أنقرة وواشنطن عن اتفاق ينص على وقف الهجوم التركي شمال سوريا خمسة أيام يسعى من خلاله أردوغان للضغط حتى يتمكن من فرض شروطه التي رفضتها واشنطن سابقا بشأن "المنطقة الآمنة".

وقال كالين "نعتقد أن الاتفاق الذي أبرمناه مع الأميركيين والتفاهمات التي سنتوصل إليها مع الروس ستساهم في المضي قدماً في العملية السياسية" بهدف التوصل إلى تسوية للنزاع عن طريق التفاوض.

 وأضاف "نحن متمسكون بهذا الاتفاق. وينصّ على رحيلهم خلال مهلة خمسة أيام وقد طلبنا من زملائنا الأميركيين استخدام نفوذهم وعلاقاتهم لضمان أنهم (المقاتلين الأكراد) سيغادرون من دون حوادث".

وينصّ الاتفاق الذي انتزعه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس في أنقرة الخميس، على "تعليق" الهجوم التركي لمدة 120 ساعة، للسماح لوحدات حماية الشعب الكردية بالانسحاب من المناطق الحدودية مع تركيا في شمال شرق سوريا.

وتتزامن هذه المهلة مع زيارة أردوغان إلى سوتشي، حيث من المنتظر ان يناقش الرئيسان التركي والروسي تفاهمات بشأن سيطرة الجيش السوري بقيادة روسيا على المناطق التي انسحبت منها القوات الأميركية.

وإضافة إلى انسحاب المقاتلين الأكراد، ينصّ الاتفاق على إقامة "منطقة عازلة" بعمق 32 كيلومتراً ضمن الأراضي السورية، إلا أن طول هذه المنطقة التي يعتزم إردوغان أن تمتدّ على قرابة 450 كلم، لا يزال غير محدّد.

من جهته أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأحد، هذا المخطط وقال إن بلاده ستناقش مع روسيا إخراج مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية من مدينتي منبج وكوباني خلال محادثات في سوتشي هذا الأسبوع.

وأضاف أن تركيا لا تريد أن ترى أي مسلح كردي في المنطقة الآمنة بسوريا بعد هدنة الأيام الخمسة.

واتّهمت القوات الكردية تركيا بانتهاك اتفاق وقف اطلاق النار عبر مواصلة عمليات القصف.

والأحد، أكدت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في بيان مقتل 16 عنصرا من مقاتليها وإصابة 3 آخرين، جراء "هجمات جيش الغزو التركي البرية والجوية والمدفعية" في الـ24 ساعة الماضية.

وأضاف البيان أن قوات الجيش التركي استهدفت قرى رأس العين بالقصف الجوي، وتم استقدام المزيد من القوات والتحضيرات لمناطق وقف إطلاق النار، كما حاول الجيش التركي "استهداف مواقعنا في محور قريتي الحبش و الشكيرية، ومحاور أخرى تم استهدافها بالسلاح الثقيل".

وأثار الهجوم التركي غضباً على الساحة الدولية بسبب الدور المهمّ الذي لعبته وحدات حماية الشعب الكردية في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

ويتمّ احتجاز حوالى 12 ألف مقاتل من تنظيم الدولة الإسلامية بينهم 2500 إلى 3000 أجنبي، في مخيمات خاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، بحسب تقديرات مصادر كردية.

وبعيدا عن هدف إقامة منطقة عازلة قي سوريا تخوفا من نفوذ الأكراد على حدودها، تسعى تركيا أيضاً إلى نقل حوالى 3.6 مليون لاجئ سوري يعيشون حالياً على أراضيها إلى هذه المنطقة.

وأكد كالين أن فقط اللاجئين الذين سيختارون ذلك سيتمّ نقلهم إلى هذه المنطقة. وقال "لن نلجأ أبداً إلى وسائل قد تُرغم اللاجئين على الذهاب إلى أي مكان بشكل مخالف لرغبتهم أو ينتهك كرامتهم".