"أرض شنعار" ليست إعادة صياغة للتاريخ بل رؤية مستقبلية 

رواية علاء إسماعيل تؤرخ لحقبة الغزو البابلي وهدم الهيكل، وما زامنها من أنبياء إسرائيل، كأرمياء وحزقيال ودانيال.
علاء إسماعيل: منهجي في الرواية أن أفيد القارئ، وأن آخذ بتلابيب عقله وفكره وروحه ووجدانه
الرواية تتضمن أولا حكاية اسرائيل ما قبل الغزو البابلي ثم أحداث الغزو بقيادة نبوختنصر وهدم الهيكل

قارئ هذه الرواية "أرض شنعار ولغز دانيال" للكاتب علاء إسماعيل يظن لأول وهلة أنها من أساطير ما وراء الطبيعة، أو من الحكايات التي لا يمكن أن تصدق، وحُق له ذلك إذ أن أحداثها غريبة نوعًا ما، إلا أنها كلها حقيقية وموثقة تاريخيًا وقد حدثت بالفعل، ولها صلة وطيدة بالمستقبل. 
تؤرخ الرواية لحقبة الغزو البابلي وهدم الهيكل، وما زامنها من أنبياء إسرائيل، كأرمياء وحزقيال ودانيال، وما هو لغز دانيال؟ وماذا حصل في مكتب المحقق الفيدرالي جون ألفريد بعد الحرب العالمية الثانية؟! وهل تنبأ النبي دانيال عن السلطان عبدالحميد؟! وما هي الرؤيا العجيبة التي رآها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما؟! وما علاقة ذلك بالرواية؟ كل هذه التساؤلات تسعى الرواية للإجابة عنها، وقد أكد المؤلف أنه ليس من محبي افتعال الحكايات والقصص الخيالية المشوقة وخلطها بالتاريخ لكي تجذب القارئ، كما هو ديدن بعض الروائيين بهدف دغدغة مشاعر وعقول القراء ليدفعوهم دفعًا إلى القراءة.
وتعد الرواية هي الأولى لعلاء إسماعيل حيث اقتصر نشاطه قبل ذلك على الأبحاث والدراسات العقائدية واللاهوتية، حيث نشأ في بيت علم، فوالده الراحل أ. د حسن إسماعيل عبدالرازاق، كان أستاذا ورئيس قسم البلاغة بجامعة الأزهر، وكان يمتلك مكتبة ضخمة حافلة بالكتب التاريخية والتراثية والأدبية والفكرية، الأمر الذي انعكس على الابن، وهنا قال "ساعدتني هذه المكتبة على القراءة المتعمقة، والوقوف على نفائس الكتب، وإجراء البحوث والدراسات، أما هذا الرواية التي تعد أول عمل لي في النطاق الروائي، وهي ليست رواية فحسب! بل هي رواية وكتاب في آن واحد لما تضمنته من تحليل وشرح لبعض النبوءات. ولي عدة أعمال سوف تنشر في هذا العام". 

أحد الروائيين المشاهير على الساحة لكي يُبرأ الفراعنة قام بتشويه قصة سيدنا موسى وهارون، والقارئ لا يُفرق، وقد يتلقى القارئ معلومات خاطئة بناء على رواية لشخص غير مطلع

وأضاف إسماعيل "منهجي في الرواية أن أفيد القارئ، وأن آخذ بتلابيب عقله وفكره وروحه ووجدانه، فيستمتع بأحداث الرواية حق المتعة ويستفيد منها ثقافيًا حق الاستفادة. حتى إذا انتهى من آخر صفحة سيكون القارئ قد حوى علما وبصيرة وثقافة، عزّ أن يجدها في روايةٍ أخرى. وفي النهاية مهما هالك من غرائب فإن كل ما حوته الرواية هو حقيقي".
ولفت إلى أن الرواية تضمن أولا حكاية اسرائيل ما قبل الغزو البابلي ثم أحداث الغزو البابلي بقيادة نبوختنصر وهدم هيكل سليمان، وأخذ أسرى إلى بابل من ضمنهم نبي الله دانيال. وثانيا حكاية دانيال داخل قصر نبوختنصر ومعاصرته لحدائق بابل المعلقة. وثالثا حلم نبوختنصر العجيب الذي عجز عن تفسيره الكهنة. واستطاع أن يفسره النبي دانيال حيث تنبأ دانيال بسقوط بابل ثم فارس من بعدها ثم اليونان ثم الرومان، ثم مجيء الإسلام "الحجر الذي يكسر الإمبراطوريات". رابعا حكاية دانيال في ظل مملكة فارس بعد سقوط بابل، وادخاله إلى عرين الأسود الجائعة كعقوبة له لأنه يعبد الإله الواحد. خامسا النبي محمد يخبر عن دانيال وأن أصحابه سوف يدفنونه. وقد لقي أصحاب النبي دانيال في بيت مال الهرمزان - أيام الخليفة عمر بن الخطاب. وحكى ذلك ابن كثير قي البداية والنهاية. 
سادسا شيفرة جبرائيل وتتلخص في أن جبرائيل نزل إلى دانيال وأخبره بما سوف يحدث للقدس إلى قيام دولة اسرائيل وسماها "رجسة الخراب"، وقد حكى جبرائيل ما سيحدث للدولة العثمانية حتى نزع القدس منهم. سابعا تنبوء دانيال عن الحرب العالمية الثانية وقد سماها "حرب الوحوش" وقد رمز للاتحاد السوفيتي بالدب.. ورمز لانجلترا بالنمر ذي الأربعة أجنحة. ورمز لألمانيا بالأسد بجناحي نسر وقد رمز لأميركا بالوحش الضخم ذي الأسنان الحديدية. وثامنا ماذا حدث للجيولوجي الأميركي فيليب اشنايدر الذي فضح تعاون الماسونية مع المسيح الدجال. تاسعا ما هو الحلم الذي رآه باراك أوباما في الثمانينيات، وذكره في كتابه "أحلام من أبي" عاشرا نهاية أميركا بالنيزك.
ورأى علاء إسماعيل أن التاريخ جزءٌ لا يتجزأ من الواقع، نستطيع أن نقول بكلمة موجزة التاريخ نبراس للواقع الذي نحياه، هذه الفترة التاريخية تحديدا لم تخدم بشكلٍ وافٍ، أعني فترة ما بين الملك سليمان إلى المسيح، رغم أن مملكة سليمان كانت أعظم الممالك على وجه الأرض وتزوج سليمان من ابنة فرعون مصر وقتئذ يذكر هذا د. رشدي البدراوي أستاذ التاريخ بكلية الآداب. وكذلك فترة الآشوريين ومدينة "نينوى" حيث بعث نبي الله يونس إليهم، وكذلك فترة الغزو البابلي التي حدثت لمدينة القدس حيث انتصر البابليون على الآشوريين. 
إذن فترة ثرية كهذه فيها الكثير والكثير من أنبياء الله، هذه الفترة لم تخدم بالشكل الكافي ولا تجد فيها كتابات كثيرة، وخصوصا فترة الغزو البابلي لبيت المقدس حتى أن الجامعات تتناولها من أبعاد اقتصادية وسياسية جامدة، هذا أحد الأسباب التي دفعتني لتناول هذه الفترة. وسببٌ آخر، هو أن سنن الله في الكون ثابتة وتتكرر إذا حدثت نفس العلل والمعطيات، فنجد أن الله عاقب بني إسرائيل بالغزو البابلي لما عصوا النبي أرميا ولابتعادهم عن دينه، والله عز وجل عاقب ويعاقب المسلمين بتكالب الأمم عليهم للسبب ذاته. فالأمر يتكرر كما ترى. سبب أخير، أن هذه الفترة حوت نبوءات خطيرة كانت ولا تزال محط أبحاث الباحثين حيث كانت فترة عنفوان أنبياء إسرائيل.  

رواية علاء إسماعيل
اسم ورد في التوراة يشير إلى أرض بابل القديمة 

وأكد إسماعيل أن الرواية ليست إعادة صياغة لهذه الفترة، وإلا لما كتبتها من البداية، لقد تناولتها من جانب "نبوءي" حيث حوت الرواية نبوءات وتحليلات لنبي الله دانيال عليه السلام. فهي رواية وكتاب في آنٍ واحد، رواية من حيث قصة الغزو البابلي، ويمكن اعتبارها كتاب من حيث النبوءات وتحليلاتها وخاصة لما تكلم دانيال عن صعود الدولة العثمانية، ثم نزع القدس منهم في آخر الزمان، ثم تكلم دانيال عن الحرب العالمية الثانية وسماها "حرب الوحوش".
وكشف أن الرواية يمكن إدراجها تحت بند "القراءات أو الرؤى المستقبلية" حيث إنها شغلت حيزا كبيرا من الرواية، فقد تنبأ دانيال بقيام دولة اسرائيل وسماها "رجسة الخراب" ثم سقوطها مرة أخرى. كما أنه حدد موعد سقوطها تحديدا، نحن لا نرجم بالغيب فهناك كثير من الأئمة والعلماء الكبار قد توقعوا حدوث وقائع تحدث في المستقبل، وذلك ليس تكهنا ولكن لديهم ملكة باستقراء الآيات فقد تنبأ القاضي محيي الدين فتح صلاح الدين الأيوبي للقدس في شهر رجب، وذكر ذلك ابن خلكان في تاريخه أن السلطان صلاح الدين الأيوبي لما فتح حلب أنشد القاضي محي الدين قصيدة بائية من جملتها: 
وفتحك القلعة الشهباء في صفر ** مبشر بفتوح القدس في رجب 
وقد حصل كما قال، فسئّل من أين لك هذا؟ فقال: أخذته من تفسير ابن برجان في قوله تعالى "الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ"، ومن المشهور استنباط الحافظ ابن الكمال فتح مصر على يد السلطان سليم من قوله تعالى "وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ"، وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية يتوقع ويجزم بل ويقسم بالله بانتصار جيش المسلمين على التتار في موقعة "شقحب"، فيقال له: قل إن شاء الله، فيقول ابن تيمية "إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا، لقد كتب الله في اللوح المحفوظ إنكم لمنصورون. وهذه الحكاية حكاها الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية، وابن القيم في "مدارج السالكين". أقول ليست هذه التوقعات من جنس تنبؤات بعض الدجالين في هذا العصر الذين يتنبأون بكتب الكهان والفلك فهذا أمرٌ محرم، وأغلب هؤلاء يتخبطون خبط عشواء. أما ما نحن فيه فليس تنبؤا إنما استقراء، واجتهاد ولا يمكن لعاقل أن يجزم بهذه القراءات.
وقال علاء إسماعيل إن "أرض شنعار" اسم ورد في التوراة يشير إلى أرض بابل القديمة أو بابل وضواحيها، أما "لغز دانيال" فلأن الرواية سلطت الضوء على "ألغاز دانيال" وسميتها لغز لأن دانيال قال نبوءاته بشكل مشفر ومخفي. ولذلك قال جبرائيل له "يا دانيال اختم السفر واخف الكلام، أما في وقت النهاية، نهاية الزمان، فكثيرون يتصفحونه ويحاولون فهمه "يقول سيدنا جبريل إن الكلام مخفي شيئا ما، لأنه لو قال دانيال هذه النبوءات بشكل صريح، لن يعمل أحد". ولكن يؤكد جبرائيل أن في نهاية الزمان كثيرون سوف يعلمون هذه الشفرات لأنها تكون وقعت. أما تأكيدي على أنها وقائع حقيقية، ذلك لأن كثيرا من الروائيين والكتاب المعاصرين يتناولون بعض الوقائع التاريخية بل والدينية ويضعون لمساتهم الشخصية، بل قد تكون كامل الرواية من وحي خياله. وهذه هي الطامة أن يتكلم الروائي في الدين أو التاريخ بالتأليف دون أن ينبه على ذلك.
ورأى أن المشهد الروائي يحفل بأقلام جيدة كصنعة روائية لا كصنعة بحثية علمية، فنجد أن الروائيين يكتبون من وحي خيالهم، وهذا لا ضير فيه أبدا، وإنما يجب على الروائي حينما يتعرض لدين أو تاريخ أن ينبه بحقيقة تلك الأحداث من عدمها. أقول هذا لأن أحد الروائيين المشاهير على الساحة لكي يُبرأ الفراعنة قام بتشويه قصة سيدنا موسى وهارون، والقارئ لا يُفرق، وقد يتلقى القارئ معلومات خاطئة بناء على رواية لشخص غير مطلع.