أكبر استحواذ في تاريخ بيونتيك ينكأ ندوبا تونسية خلفتها البيوقراطية

اعلان الشركة المصنعة للقاح كورونا شراء شركة مختصة في مجال الذكاء الاصطناعي بمبلغ 441 مليون دولار يثير خليطا من مشاعر الفخر والسخط والغضب من منظومة تضع واحدة من اكبر المتاهات الادارية والمحاذير القانونية على مستوى العالم في وجه الشركات الرقمية والناشئة.

تونس – أشعل اعلان شركة بيونتيك الألمانية الناشطة في مجال صناعة الأدوية  الاستحواذ على الشركة التونسية الناشئة "إنستاديب" المختصة في مجال الذكاء الاصطناعي في صفقة تاريخية بلغت قيمتها 441 مليون دولار، في وسائل التواصل الاجتماعي خليطا من مشاعر الفخر من جهة والسخط والغضب من جهة اخرى من منظومة ادارية وحكومية تضع واحدة من اكبر المتاهات البيوقراطية والمحاذير القانونية على مستوى العالم في وجه الشركات الرقمية الناشئة.

و"إنستاديب" التي تحولت إلى شركة عالمية متخصصة في تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي، أسّسها رائدا الأعمال كريم بقير وزهرة سليم عام 2014 برأسمال 5 آلاف دينار تونسي اي نحو الف و500 مئة دولار واعتمادا على جهازي كمبيوتر، لتصبح فيما بعجد من الشركات البارزة التي تنشط في مجال الذكاء الاصطناعي في العالم.

ويعد الاستحواذ أكبر عقد أبرمته الشركة الألمانية على الإطلاق.

وأعلن بقير أنّ شركته كسبت رهان ثقة الأسواق العالمية وتمكّنت في وقت سابق من رفع قيمتها إلى 100 مليون يورو في السوق المالية. وقال، في فيديو على صفحته في "فيسبوك"، إنّ "الشركات الناشئة التونسية، قادرة على المرور إلى العالمية بالتعويل على كفاءات تونسية في مجالات مستحدثة".

وتعمل شركة بيونتيك الألمانية في مجال تطوير علاجات ضد أمراض السرطان، وبعد ظهور كورونا دخلت في شراكة مع شركة فايزر الأميركية لتطوير لقاح ضدّ فيروس كورونا.

وفي تصريحات نقلتها الصحيفة البريطانية عن المدير الإداري لشركة "بيونتيك" هوقر شاهين، فإنّ الشركة "ركّزت منذ إنشائها على استخدام حلول تكنولوجيا المعلومات، لإنشاء عقاقير مخصصة تسخر قوة الجهاز المناعي، وهذا معروف باسم العلاج المناعي".

وفي إبريل/ نسيان 2018، أصدر البرلمان التونسي أول إطار قانوني خصص حصرياً لريادة الأعمال المبتكرة، واستطاع الكثير من الشبان ذوي المبادرات المجددة، من تحويل أفكارهم إلى مشاريع ملموسة.

لكن رغم هذا التقدم على المستوى التشريعي، يرى اغلب الشباب الناشطون في القطاعات الرقمية على وجه خاص ان حكومة بلادهم تعمل ضدهم وتعرقلهم عن قصد او تقصير.

وعلى الرغم من أن تونس من أولى الدول العربية التي استخدمت شبكة الإنترنت عام 1996 فإنها لم تنجح إلى اليوم في التأقلم مع التطورات الرقمية التي يشهدها العالم، خاصة من الجانب القانوني.

ويطبع الاضطراب والتخبط تعامل السلطات مع التكنولوجيات الحديثة، اذ تشجع علنا الشباب على الانخراط فيها فيما تضع ترسانة قوانين وإجراءات بيروقراطية تعود لحقبة نظام الرئيس الراحل بن علي لمحاصرة استخدامها.

وسخر مدونون على فيسبوك من توجه الدولة لتشجيع الشركات الاهلية مع كل ما تحمله من رمزية عودة للماضي، فيما تعرقل بكل ثقلها الشركات الناشئة والرقمية.

واستند آخرون في انتقادهم للمنظومة الادارية التونسية، الى كون شركة إنستاديب تأسست في تونس لكنها سرعان ما نقلت اغلب نشاطها خارج البلاد، هربا من التعقيدات التي واجهتها في البلاد كما يقولون.

وتساءل كريم بوزيان على صفحته على فيسبوك "لو بقي كريم بڤير في تونس هل كان ليحقق كل هذا النجاح"؟! وكيف كانت الدولة والادارة العمومية والبنك المركزي سيتعامل معه؟"؟

وقال ماهر الشريف "خلاصة الحديث ،لا يمكن لوطن يتحكم في ثروته تجار الحليب والطماطم و العجين الغذائي ان تقوم له قائمة في عصر الذكاء الاصطناعي"، في اشارة لازمات التموين الغذائي المتلاحقة التي تضرب البلاد.

من جهته قال المدون  علي كمون "نعم إنها من المفارقات العجيبة، مؤسسة ناشئة بعقول شبابية تونسية عمرها سبع سنوات بدأت برأسمال لا يتجاوز الخمسة آلاف دينار (نحو الف وخمس مئة دولار) بيعت بما يناهز ثلثي المبلغ الذي تسعى الدولة التونسية بكامل أجهزتها وموظفيها للحصول عليه من البنك الدولي منذ أكثر من سنة ولم تحصل عليه بعد".

واضاف " هذا دليل على أن العقل الإداري والسياسي الذي يُخطط ويُسير تونس خارج الزمان وغير مدرك للتحولات العميقة في العالم، فهو يُهمل مصادر ثروة تونس الحقيقية المتمثلة في الشباب وفي الذكاء".

واردف "هذا دليل على أن العقل الإداري والسياسي الذي يُخطط ويُسير تونس خارج الزمان وغير مدرك للتحولات العميقة في العالم، فهو يُهمل مصادر ثروة تونس الحقيقية المتمثلة في الشباب وفي الذكاء، للأسف لازالت بلادنا تخوض معارك الايديولوجيا القديمة جدًا مع شباب الألفية ، ومازالت عقلية الشك والاتهام موجهة لكل شاب يحقق النجاح أو يحقق ايرادات ومداخيل كبيرة بالعملة الصعبة. ويتواصل التضييق ماليًا وإداريًا وأمنيًا على الشباب المبدع والبحث عن التهم والتجريم وفي بعض الأحيان اثارة المعارك الايديولوجية".

يذكر انه بعد ايام من اعلان الصفقة الالمانية التونسية، استحوذت منصة الألعاب الإلكترونية المصرية GBarena على الشركة الناشئة التونسية المختصة في العاب الفيديو Galactech مقابل 15 مليون دولار، في صفقة تبادل أسهم.

وتمتلك المنصة المصرية، قرابة 700 الف مستعمل في 27 بلدا حول العالم، بالأخص في مصر و الخليج، و هي تهدف من خلال استحواذها على الشركة  التونسية إلى تعزيز حضورها في تونس كذلك إلى جانب دبي و الرياض.