إحياء التفكير النقدي في كتاب جديد

كتاب عبدالرحمن الوهابي يتضمن نظريتين في أصول مادة الأدب وأجناسه بتطبيقات مختلفة.
النظرية الثانية تقعيد للنظرية السردية وفق معايير ومؤشرات تجريبية تكشف وتقيس مستويات الجودة التقنية والخيالية في النص السرد
النظريتان أخذتا وقتا من التفكير والمراجعة والتطبيق

صدر حديثًا كتاب النظرية النقدية إحياء التفكير النقدي للدكتور عبدالرحمن محمد الوهابي أستاذ النقد والنظرية في جامعة الملك عبدالعزيز عن دار المسيرة في عمان.
ويتضمن هذا الكتاب نظريتين في أصول مادة الأدب وأجناسه بتطبيقات مختلفة، النظرية الأولى تحتوي على تحليل مادة الأدب من حيث العناصر، والوحدات، والمكونات. والنظرية الثانية تقعيد للنظرية السردية على وفق معايير ومؤشرات تجريبية تكشف وتقيس مستويات الجودة التقنية والخيالية في النص السردي. وكلا النظرتين أخذتا وقتا من التفكير والمراجعة والتطبيق حتى توصلت إلى هذه الرؤية فيهما.  
وقد أوضح المؤلف في كتابه أن النقد الأدبي علم من العلوم الاجتماعية، له مفهوم مرجعيته وإدراك وفهم أبعاده المعرفية والتطبيقية والقيمية، من خلال النظر إلى ماورائيات هذا العلم الكلية، ونظرياته الفلسفية والمنهجية.
وله وظيفة مهنية وأخلاقية تعتمد المواقف الموضوعية، وتعمد إلى مناقشة ودراسة المواد الأدبية وملاحظة جودتها ومواطن ضعفها ومستوياتها، كما أن طبيعة هذا العلم متغيرة ومرتبطة بسياق المؤثرات. 
 وأكد الدكتور عبدالرحمن الوهابي أن الكتاب تضمن نظريتين تتعلقان بمناقشة هاتين الأزمتين والمشكلتين، هما؛ النظرية الأولى: عرضت "قانون الكتابة الأدبية" فحللت أصول المادة الأدبية وسمات أجناسها الإبداعية الخيالية. فهناك عنصران للمادة الأدبية، هما: مفهوم مادة الأدب من جهة، وطبيعته من جهة أخرى، ومرجعية عنصر المفهوم عقلية، بينما مرجعية الطبيعة عاطفية. وفصلت النظرية الوحدات التي يتكون منها كل من المفهوم والطبيعة، والمكونات التعبيرية لهذه الوحدات.

هذه الدراسة تأمل أن يتم تطوير رؤيتها، كما تأمل أيضًا أن يشتغل الباحثون في وضع ضوابط نقدية ترفع من مستوى الرؤية العلمية في الأعمال السردية

النظرية الثانية ناقشت آليات جودة البناء السردي والمعايرة النقدية في تحليل المادة السردية وعليه، تمت وضع معايير ذات مؤشرات تطبيقية تكشف عن خصائص القدرات الإبداعية والخيالية في صناعة النص السردي الروائي بخاصة. هاتان النظريتان النقديتان اللتان تضمنهما هذا الكتاب، أخذتا سنني من الدراسة، والتجريب، والممارسة، وقد تجاوز ذلك العقد ونيفا من الزمان. وهي الآن ضمن مطبوع تصنيف واحد، بعد مراجعتهما، وتحديث إخراجهما، وقد صدرت كل نظرية بأهداف توضح المقاصد والإشكال، ورغبة التنظير والتساؤل، ومن ثم عرض لكل نظرية بالتفصيل وصولا للنتائج.
ومن نتائج هذه الدراسة: تعد قضية غياب قياس جودة السرد من أهم قضايا علم السرديات، وقدمت الدراسة نظرية لقياس العملية السردية تضمنت ستة معايير ذات مؤشرات كيفية وكمية يمكن من خلالها قياس مستويات أداء التواصل السردي، معايير القياس هي (العرض، والإخبار، وقياس المشابهة، وجهة النظر، التبئيران: الداخلي والخارجي، ونغمة السرد وطبيعته). يعتبر المؤلف الحقيقي "نقطة الأصل" في نظرية معايرة قياس أداء تواصل السرد، وينتج عنه مساران: مؤلف حقيقي، ومؤلف ضمني، تعتبر مؤشرات المؤلف الحقيقي نتيجة لحضور الراوي الحقيقي، ودليلا على تدخل هذا المؤلف نقطة الأصل، وكلما تضاعف حضوره قلّ المستوى الفني في الجودة والقدرة الخيالية.
تعتبر مؤشرات المؤلف الضمني نتيجة لحضور الراوي الضمني، ودليلا على تداخل هذا المؤلف الضمني، وكلما تضاعف حضوره زاد المستوى الفني في الجودة الفنية والقدرة الخيالية، معيارا العرض والإخبار من أهم معايير مؤشرات قياس الأداء التي يمكن الاتفاق عليها ضمنا لكشف مستوى ظهور صورة المؤلف الحقيقي/ الضمني في النص.
يمثل معيار قياس المشابهة ترددا مهما يعزز مستوى وطبيعة صورة المؤلف في التواصل الفني ضمن المنظومة السردية بخاصة عند تعدد مؤلفاته الروائية أو السردية وبخاصة في صياغات السير الذاتية، يكشف معيار التبئير الداخلي/ الخارجي مدى التواصل بين المؤلف الحقيقي/ الضمني وبين نصوصه، يمثل معيار (نغمة السرد وطبيعته) معيارًا ممتزجًا يعضد الكشف عن جانب المؤلف وصورته من خلال حضور مواقفه ضمن السياقات اللغوية الدلالية، أو الشعورية الحسية.
تأمل هذه الدراسة أن يتم تطوير رؤيتها، كما تأمل أيضًا أن يشتغل الباحثون في وضع ضوابط نقدية ترفع من مستوى الرؤية العلمية في الأعمال السردية، ويجب توسيع دائرة تثقيف النقد العلمي، والأخذ بمفاهيم منهجية تؤطر النقد السردي؛ بحيث يتحقق بصورة تجريبية وتطبيقية علمية تتحرى الموضوعية العلمية بخاصة عند التمييز والترجيح بين الأعمال السردية.