إسرائيل البريئة إضطرارا!

يخشى حزب الله أن تقول إسرائيل شيئا لذلك فإنه لم يوجه إليها الاتهام كعادته.
كان من المتوقع تحميل إسرائيل المسؤولية لكن ذلك لم يحدث
ما تعرفه إسرائيل لا تعرفه الدولة اللبنانية في ظل تبعيتها لحزب الله
إما أن تقبل اسرائيل بإيران جارة لها أو تشن حربا خاطفة قد تفك الحصار عن حزب الله

كأن إسرائيل ولدت من جديد. الدولة العدوة التي هزمت عبدالناصر رمزنا القومي الحبيب واحتلت القدس واجتاحت لبنان وحاربت حتى هُزمت في جنوبه وضربت المفاعل النووي العراقي، لم تفعل باللبنانيين ما فعله حزب الله بهم في لحظة غفلة أدت إلى كارثة.

كانت الكارثة متوقعة في أية لحظة. لو أن إسرائيل وهي دولة راشدة كانت مسؤولة عن ميناء بيروت مثلما هو حزب الله لما سمحت بتخزين مئات الأطنان من نترات الامونيوم هناك، بالرغم من أن لبنان هو دولة عدوة لها. الواجب الإنساني شيء والعداء السياسي هو شيء آخر.

إسرائيل لا تكره الشعب اللبناني بقدر ما يكرهه حزب الله. ليست قناعتي.

لو أن إسرائيل كانت مسؤولة عن الكارثة لما وصفتها بالحدث لكي تهين اللبنانيين. أعتقد أن إسرائيل ستتحمل المسؤولية لو أن العنبر 12 كان تابعا لها وستعوض الضحايا. فالكارثة ليست جزءا من حرب.

كان على حزب الله أن يكون في مستوى المسؤولية ويكون صريحا في تبنيه الخطأ الذي جر إلى الكارثة ولا يدعو إلى تحقيق محلي هو عبارة عن متاهة تضيع بين دروبها خيوط الجريمة.

ذلك احتيال لن تمارسه إسرائيل.

اما لماذا ذكرتُ إسرائيل. فذلك لأنها المرة الأولى التي لم يرد فيها ذكرها في حادث مروع من ذلك النوع. كان من المتوقع أن يتم تحميل إسرائيل المسؤولية. غير أن شيئا من ذلك القبيل لم يقع.

لم توجه المقاومة التهمة إلى إسرائيل. الطرفان يعرفان من هو الفاعل. إسرائيل والمقاومة. تُلام إسرائيل لأنها تكتمت على جريمة حزب الله فهي تعرف أن العنبر الذي تُخزن فيه أطنان الامونيوم يعود إلى حزب الله. ذلك جزء من حربها الاستخبارية.

يخشى حزب الله أن تقول إسرائيل شيئا لذلك فإنه لم يوجه إليها الاتهام كعادته.

في التحقيق الدولي سيتضح كل شيء.  

ولو صحت التسريبات التي تؤكد أن إيران تقف وراء الشحنة والسفينة معا فإن ذلك لا يمكن أن يتم دون علم إسرائيل وموافقتها.

وإذا ما كانت إسرائيل قد أخفت معرفتها بشأن السفينة فلأنها كانت تدرك أن خطأ ما سيقع فتحل الكارثة. وهو ما حدث فعلا. لقد انفجر الميناء ودُمر قلب بيروت فوقعت الجريمة التي ستكون من شأنها أن تضع حدا لحزب الله.

كل ذلك يدور في ظل غياب كامل للدولة اللبنانية التي صارت اليوم تواجه مسؤولية ما حدث من خلال احراجها بفساد ادارتها وضياع هيبتها باعتراف رئيسها الذي كشف عن ضآلة قيمته في متاهة "كتابنا وكتابكم".

لقد برأت المقاومة إسرائيل التي لم تعد مضطرة للدفاع عن نفسها من خلال الكشف عن الحقيقة وصمتت. ما تعرفه إسرائيل لا تعرفه الدولة اللبنانية. تلك مفارقة غريبة ينبغي القبول بها في ظل تبعية الدولة اللبنانية لحزب الله.

والغريب أكثر أن تُترك الدولة اللبنانية وحدها في الواجهة من غير أن يُلقى إليها حبل انقاذ واحد. وهو ما كان على الطبقة السياسية الفاسدة أن تتوقع حدوثه في وقت مبكر.

في أسوأ الأحوال فإن جزءا من الطبقة السياسية سيدفع الثمن. ما معنى ذلك؟

لقد قرر حزب الله أن يتخلص من أكثر عدد ممكن من السياسيين اللبنانيين، موالين ومعارضين على حد سواء ليبدأ في ترتيب أوراقه لقيادة لبنان خالصا له.

ذلك ما سيسمى بالنظام اللبناني الجديد الذي سيكون على إسرائيل وحدها أن تقرر مصيره.

فأما أن تقبل بإيران جارة لها أو تشن حربا خاطفة قد تفك الحصار عن حزب الله. وفي الحالين فإن لبنان سيكون هو الخاسر الأعظم.

بعد هزيمة الطبقة السياسية الفاسدة صار على اللبنانيين أن يبحثوا عن حل غير جاهز يمنع وقوع تلك الكارثة.