إفتتاح مشهود لأيام الخرطوم الشعرية

على مقربة من النيل الأزق ومقرن النيلين، وبين وفادة الجمهور الوفي للشعر، افتتح وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح فعاليات أيام الخرطوم الشعرية.
وزير الثقافة والإعلام: أقف للمرة الثانية في هذا المكان ولم أجد غير الشكر لما يقوم به بيت الشعر الخرطوم من جهود مضنية في خدمة الأدب والشعر
الصديق عمر الصديق: الشعر كما تعلمون يقف مع كل ثورة ومع كل حادثة، وما ثورة ديسمبر العظيمة ما وقودها إلا الشعر

على مقربة من النيل الأزق ومقرن النيلين، وبين وفادة الجمهور الوفي للشعر، افتتح وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح فعاليات أيام الخرطوم الشعرية، بالعاصمة السودانية صباح اليوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بقاعة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بحضور مديرة جامعة الخرطوم د. فدوى عبدالرحمن علي طه، ود. الصديق عمر الصديق مدير بيت الشعر الخرطوم، وعدد من السفراء ورجال السلك الدبلوماسي بينهم سفراء: العراق، موريتانيا، اليمن، والملحق الثقافي لسفارة جنوب السودان، وممثل الملحق الثقافي لسفارة خادم الحرمين الشريفين، وعدد من العلماء وأهل الإعلام ورموز المجتمع من بينهم الدكتور عبدالقادر سالم رئيس اتحاد الفنانين السودانيين، حيث بدأت مراسم اليوم الأول بافتتاح معرض كتاب مصاحب لبعض دور النشر منها: دار جامعة الخرطوم للطباعة والنشر، مؤسسة عبدالله الطيب الوقفية، دار الأجنحة للطباعة والنشر والتوزيع، دار مدارات، والوراق كمال وداعة، بالإضافة إلى منشورات بيت الشعر الخرطوم ودائرة الثقافة بالشارقة.
وقدمت فقرة افتتاحية توثيقية عبر وسيط الفيديو جسدت جانبا تغني فيه الفنان الكبير والشاعر عبدالكريم الكابلي بالأعمال الغنائية الفصيحة، أعدها الإعلامي والباحث مصعب الصاوي.
وابتدر الدكتور الصديق عمر الصديق مدير بيت الشعر الخرطوم حديثه مخاطباً الجمع الذي تداعى للفعالية قائلاً: الشعر ليس ترفاً، فالشعر كما تعلمون يقف مع كل ثورة ومع كل حادثة، وما ثورة ديسمبر العظيمة ما وقودها إلا الشعر الذي كان يذكيه الشعراء من قديم الزمان حتى تراكم فانفجرا، وتابع الصديق: كل شاعر في الدنى يستشعر الحزن والألم وخيبة الرجاء والأمل، هذا حدث لأمرئ القيس في زمان قديم "وقد طوفت في الآفاق حتى .. قنعت من الغنيمة بالإياب"، وحدث لأبي الطيب أحمد بن الحسين، والبارودي، محمود درويش، االفيتوري، والتيجاني يوسف بشير من قبلهما، وقدم الصديق شكره لوزير الثقافة وجمهور الشعر، مثمناً دور التسهيلات التي ظلت تقدمها الوزارة لفعاليات ومهرجانات البيت، واعداً بأن البيت سيقدم النشاطات تباعا في ظل كل الظروف، معرباً عن التزامهم الكامل بالتدابير الصحية التي أعلنتها وزارة الصحة.

من جهته أعرب وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح عن شكره لبيت الشعر قائلا أقف للمرة الثانية في هذا المكان ولم أجد غير الشكر لما يقوم به بيت الشعر الخرطوم من جهود مضنية في خدمة الأدب والشعر، فأكرر الشكر للدكتور الصديق عمر الصديق ورفاقه على ما يقومون به.
استهل قراءات النهارية الأولى الشاعر التشكيلي الواثق يونس صادحاً بالقوافي من بحر البسيط (تغريبة الشاعري) حيث يقول فيها:
"العـائـدون من التّـاريخ يأخذهم
بسـحــره كلُّ وصـفٍ جلَّ أو دقَّا
بعـضي فراشٌ بعيـــــد يقتــفي أثري
والورد يشهــــق بي رفقـــاً بنـا رفـقا
هل يعـرف الخارجــون الآن من طـرقي
رمزاً يفــسرُ دون اللّـوعـــة العـشقا
أمْ هكـــذا يغـــرق العـشاقُ في لغـة
كادت لــرقتـــها أن تـفقــد الـذّوقا"
من بعده صعدت إلى منصة الأيام الشعرية الشاعرة اليمنية نجود القاضي، من ثم اعتلت المنبر الشاعرة القديرة منى حسن. 
رغم الظروف الصحية التي عقدت حضوره الفعاليات، بثت اللجنة المنظمة مشاركة عبر وسيط الفيديو للشاعر العراقي الدكتور عارف الساعدي، الذي أكمل العدة لوصول الخرطوم الا أن نتيجة فحص كوفيد 19 جاءت إيجابية فحرمت جمهور الشعر في السودان من التقائه، فقدم الساعدي تحية إكبار واعتذار لجمهور الشعر بالخرطوم، فمما قرأ من قصيدته ما لم يقله الرسام:
"رسمت غيماً
ولم أرسم له مطرا
لكنه كسر اللوحات وانهمرا
وفزز الماء طينا
كان مختبئا في لوحتي
ناطراً في صمته المطرا 
وكان في الطين حلما 
لو منحت له وقتا نديا
لكانت لوحتي شجرا"
وعقبها ضيف البلاد الشاعر الموريتاني داوود جاه حيث يقول:
"معًا حيثُ يجلُو الليلَ كوخٌ مشمَعُ
وحيثُ صدى" ديمي" يضيقُ ويشسعُ
وحيثُ القناديلُ اطمأنتْ لزيتِها 
وحيثُ الفراشاتُ الفقيرةُ أروعُ 
معًا حيثُ نحنُ الآن نجلسُ وحدنا 
وثالثُنا هذا الوجودُ الممَيَعُ 
يُساورُنَا الإنسانُ في طينهِ الذي 
هروبًا من الإنسانِ نحوكَ يُهرعُ 
يتوقُ إلى كفيكَ تنويمةً له 
إذا أنت مثل الأمِ كلُكَ مشرعُ
وأنتَ اجترحتَ النَبْعَ من قلبكَ الذي 
أتحتَ لكلِ المجدبينَ ليُمرعُوا
وأصغيتَ للينبوعِ فيكَ لعلهُ 
إذا حاججَ الصحراء بالعشبِ يُقنِعُ
وكان "غبارُ الطلعِ" يجهشُ كلما 
خطرْتَ ببالِ النخلِ عذقًا ويَدمعُ
تفوحُ إذا عنَّتْ على الورْدِ نسمةٌ 
فنفهمُ معنَى العطر إذ تتضَوعُ"
واختتم قراءات النهارية الشاعر الكبير عبدالقادر الكتيابي، وتجاوب الجمهور تحاوباً كبيراً معه، وقد غاب الكتيابي عن منابر الشعر بالخرطوم لفترات طوال نسبة لاقامته خارج البلاد، وقدم النهارية الشعرية الشاعر والإعلامي العارف بإدارة المنصات الأدبية والإبداعية محمد الخير إكليل، وتجلى بين فقراتها منشداً الشعر ومقدماً الحكم منتقياً درر الكلام ونوادر الألفاظ المعبرة بحدث يليق بالشعر والشعراء.