إن فشلت فهي حكومة قصر الصنوبر
سنُتهم بالتشاؤم. وهل علينا أن نكون متفائلين أمام وضع جهنمي كالوضع اللبناني؟ ثم ما الذي يدعونا إلى التفاؤل؟
لا يملك مصطفى أديب المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة ما كان حسان دياب رئيس الحكومة المستقيل يفتقر إليه.
الإثنان يلعبان في خط الوسط. تتركز مهمتهما على توصيل الكرات.
ولو لم يقع الانفجار العظيم لأستمر دياب بحكومته الفاشلة في اداء الدور المطلوب منه حتى الآن. وهو دور لا صلة له بوظيفة حكومة تعيش دولتها أزمة مصير قد تودي بها إلى الهاوية في أية لحظة.
كان المطلوب من دياب وحكومته أن يكونا واجهة مستقلة زائفة، لا تمثل حزبا بعينه غير أنها في الوقت نفسه لا تملك سلطة أن تتخذ قرارا بمنأى عما تريده الأحزاب ثابتا وقائما بذاته.
وفي وضع لبنان وما أنتهت إليه أحواله فإن مصطلح الأحزاب يشير إلى حزب واحد هو حزب الله والملتفين من حوله. وهكذا تُقاس كفاءة رئيس الحكومة بمدى طاعته لهذا التجمع الذي لا يخفي توجهه الإيراني.
قبل حسان دياب كان لبنان يقف دائما في اجتماعات الجامعة العربية ضد أي قرار يُتخذ من أجل ادانة السلوك العدواني الإيراني. ذلك واحد من ثوابت الدولة التي يقودها حزب الله وتمثلها الحكومة باعتبارها تجمعا طائفيا يقوم على تمثيل زائف للنظام اللبناني.
إن تغيرَ دياب وحكومته فإن ذلك لا يعني أن لبنان سيخرج من قبره.
"حكومة قصر الصنوبر" تلك هي التسمية التي صار إعلام حزب الله يطلقها على حكومة مصطفى أديب قبل تشكيلها في إشارة إلى السفارة الفرنسية. ولكن الرجل حظي تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بموافقة نواب حزب الله ونواب الكتل المتفقة مع الحزب فما المقصود بتلك التعبئة المضادة سلفا؟
أديب وهو دبلوماسي وكان قريبا من سلطة القرار يعرف جيدا أن فرنسا انما تتحدث بنوايا رئيسها في حين أن حزب الله يملك القدرة على صناعة الواقع. فهل يمكنه أن يمتثل للمهلة التي وضعها الرئيس الفرنسي من غير أن يوافق عليها حزب الله؟
إذا حسنت النوايا ولم يكن الرجل دمية من دمى حزب الله فإنه سيكون مضطرا للطلب من فرنسا أن تتفاوض مع الحزب وهو ما كان حسن نصرالله قد أشار إليه بطريقته الملتبسة. ذلك لأن أي اصلاح من وجهة نظره لابد أن لا يتعارض مع مصلحة اللبنانيين وهو يقصد حزبه كما أن أية مفاوضات يأملها الحزب لابد أن تستثني مسبقا سلاحه.
إن حكومة قصر الصنوبر كما يأمل الحرب لها أن تكون هي مجرد خطوة يعترف من خلالها العالم بدولة حزب الله التي هي المحرك الحقيقي للدولة اللبنانية. من غير ذلك الاعتراف فإن الدولة اللبنانية تظل معلقة في الهواء. فرئيسها ورئيس حكومتها ووزراؤها هم مجرد دمى في مسرح يكون وجودهم فيه مظلة لعمليات فساد صارت جزءا من الخدمات التي يقدمها لبنان إلى إيران.
ما لن يعثر عليه ماكرون في زيارته المقبلة بديسمبر حكومة ذات قدرة على انجاز الاصلاحات المطلوبة عالميا لكي يفي العالم بتعهداته من أجل اعادة اعمار بيروت وانقاذ النظام المصرفي وتقديم مساعدات تخصص للقطاعات الخدمية المنهارة وفي مقدمتها الكهرباء.
سيعود الرئيس الفرنسي إلى لبنان فلا يرى شيئا قد أنجز. ذلك أن دولة يعترف رئيسها علنا أن الطبقة السياسية التي هو جزء منها هي سبب انهيار لبنان من غير أن يستقيل هي دولة لا أمل منها ولا يمكن أن تتقدم خطوة في طريق إصلاح أخطائها حتى لو كان الآخرون قد مدوا أيديهم لها بالحل.
تلك الدولة يحكمها حزب الله الذي لا يعرض إلا حلا واحدا. ذلك الحل يكمن في رفع الحصار عنه وهو المتهم بقضايا إرهابية أدين بها بناء على القانون الدولي. فمَن يريد انقاذ لبنان عليه أن يضرب القانون الدولي عرض الحائط اما إذا تمسك العالم بقانونه فإن ذلك يعني ترك لبنان لمصيره.
هذا المصطفى أديب هل يمكنه أن يخترع معادلة جديدة يكون من خلالها قادرا على جذب العالم من غير أن يستفز حزب الله؟
لنرى. التفاؤل هو الأخر تجربة غير أنها تجربة ليست ذكية.