'اختلافنا في لغتنا' يشهد إقبالا كبيرا في مونتريال للكتاب العربي

حسام مقبل: لا بد من وجود همزة وصل بين الدول العربية وبين العرب في المهجر.

إن تنظيم حدث ثقافي عربي كبير في دولة غربية تعد الثقافة العربية بها هامشية مقارنة بالثقافة الإنجليزية والفرنسية، هو تحد كبير ومغامرة تحسب لقائميها بكل تأكيد، وعن بعد راقبت عبر شبكة الإنترنت فعاليات معرض مونتريال للكتاب العربي الذي شهدته مدينة مونتريال ذات الهوية الفرنسية بدولة كندا، على مدار يومي 30 سبتمبر/أيلول و1 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحت شعار "اختلافنا في لغتنا".

نظم المعرض جمعية الخدمات العامة لإدماج المهاجرين برئاسة المصرية علياء شافعي، وافتتح المعرض عدد من الدبلوماسيين العرب على رأسهم السفير محمد فخري قنصل عام مصر بكندا، والدكتور أحمد فوزي رئيس المكتب الثقافي المصري بكندا، والأستاذ صلاح الدين حلاس نائب قنصل الجزائر في كندا، والأستاذ سليم شويب مدير المكتب الصحفي بالقنصلية الجزائرية، والأستاذ عارف سالم رئيس حزب المعارضة بمونتريال وعضو مجلس بلدية سان لوران وهو لبناني الأصل، والدكتور عويس النجار رئيس لجنة الفتوى بمجلس أئمة كيبك، وأعضاء من مجلس النواب بكندا، وعدد من رجال الأعمال العرب المقيمين بكندا.

وأكد السفير المصري محمد فخري قنصل عام مصر في كندا في كلمته التي ألقاها في افتتاح المعرض أن الجالية العربية في كندا أصبحت كبيرة جدا وتزداد يوما بعد يوم، ووجود مثل هذا المعرض يبشر بالحفاظ على الهوية والتراث واللغة العربية، والتوعية بالثقافة العربية خاصة للأجيال الجديدة.

ومن ناحيته قال عارف سالم رئيس حزب المعارضة في مونتريال وعضو مجلس بلدية سان لوران بمونتريال، أن اللغة العربية من أهم اللغات الموجودة في مونتريال، وهي من أول خمس لغات، فاللغة العربية في المدارس الكندية هي الثانية بعد الفرنسية، و27 في المئة من الطلاب يتكلمون العربية.

وأعرب عن سعادته بوجود مؤسسات عربية داخل كندا يمكنها نقل اللغة العربية لأطفال اليوم، ومن أبرز الكتب المشاركة في رأيه هي كتب الأطفال، ويرى أنه بوجود هذا المعرض فإن مونتريال تتحدث العربية.

وأشار إلى أنه كي يستمر التواصل الثقافي بين كندا وبلادنا العربية يجب تربية الأطفال على تعلم اللغة العربية، وحيث أن كل شعب في كندا يتحدث لغتين أو ثلاثا، فيجب أن تكون العربية واحدة منها.

أما علياء الشافعي، رئيسة جمعية الخدمات العامة لإدماج المهاجرين في كندا ومنظمة المعرض، فقالت إن هذا المعرض هو بذرة لمشروع كبير لترسيخ الهوية العربية وتشجيع الأجيال الجديدة وكل العرب في المهجر للحفاظ على اللغة والتراث العربي، وهي أيضا رسالة للثقافات الأخرى بكندا ودعوة للتعرف علينا وعلى تراثنا وثقافتنا.

وقال حسام مقبل المدير التنفيذي للمعرض في كلمة الافتتاح إنه يشعر بالفخر بسبب حضور الجالية العربية الكثيف إلى المعرض، مضيفا أن كل شيء يبدأ بحلم، وأن حلمه منذ وصل إلى كندا هو تنظيم معرض يضم كل الجالية العربية، خاصة مع وجود مبدعين في الجالية العربية يستحقون الكثير من التقدير والجوائز ولكنهم ليسوا ظاهرين وليسوا مجتمعين مع بعضهم البعض، كما يوجد مؤلفون وشعراء وأدباء، بالإضافة إلى أن الأسر العربية في كندا تبذل مجهودًا كبيرًا لتعليم اللغة العربية، وتحتاج للتشجيع، فكانت أمنيته تنظيم معرض كتاب عربي يجمع العرب جميعا من دون أي تفرقة، خاصة أن العرب يتحدثون لغة واحدة في حين أن الاتحاد الأوروبي مجموعة دول أوروبية تتكلم لغات مختلفة ومع ذلك أقاموا اتحاد فيما بينهم.

وفي تصريحات خاصة لميدل إيست أون لاين عن كواليس المعرض وتنظيمه لأول مرة، قال مقبل إن أهم تحديات واجهت تنظيم المعرض هي التحديات المالية والإدارية، لأن الموضوع كله قائم على الجهود الذاتية، كما أن إقامة معرض كامل للكتب العربية فقط يعتبر أيضا تحديا كبيرا، وسط دولة مثل كندا ومدينة فرنسية مثل مونتريال.

وعن خطته المستقبلية للمعرض قال مقبل "أتمنى أن تكون هناك مشاركات عربية من خارج كندا في الدورات القادمة، خاصة أن عدد المثقفين العرب كبيرا جدا، ولديهم إنتاج رائع وغزير، لذا لا بد من وجود همزة وصل بين الدول العربية وبين العرب في المهجر، هذا الجسر مفقود، وأنا لا أتحدث على المستوى الدبلوماسي، فالقنصليات تقوم بدورها، ولكن هناك دور ثقافي وهو دورنا الذي علينا أن نقوم به، وما أتمناه أن وزارات الثقافة ودور النشر العربية تمد يدها معنا لنشر الثقافة العربية في كندا".

وأوضح أنه كان حريصا على أن يكون المشاركين في المعرض من كل الدول العربية، سواء من مكتبات ودور نشر أو من الكتاب والمثقفين الذين شاركوا بالبرنامج الثقافي، فشارك في المعرض ممثلين من مصر، سوريا، العراق، فلسطين، تونس، المغرب، لبنان، الجزائر، السودان، وحتى فريق المتطوعين من مختلف الدول العربية.

جدير بالذكر أن المعرض جمع دور النشر العربية في كندا وكذلك المكتبات العربية من مختلف مقاطعات كندا، وأبرزها مكتبة الشرق الأوسط التي تعد الأقدم في مونتريال منذ عام 1990، ودار "داري بوكس"، ودار "تمارا" لكتب الأطفال، ودار نون للكاتبة ناهد الشوا، وجناح خاص باسم محمد داوود ضم العديد من الكتب واللوحات الفنية النادرة، وغيرهم كما تضمن المعرض أجنحة مخصصة لكتب الأطفال بالعربية، والتي كانت من أحد الأهداف الرئيسية للمعرض، إضافة إلى جميع أنواع الكتب من تراث، تاريخ، أدب، شعر، مجتمع، رواية، مسرح، سياسة، دين، سينما، وغيرها.

كما كان المعرض فرصة للكتّاب العرب لعرض أعمالهم أو توقيعها، حيث خصص لهم المعرض جناحا باسم "الكتاب العرب في كندا" وهو ما لاقى استحسانا كبيرا من الرواد والجماهير والمبدعين في كندا.

وتضمّن المعرض عددًا من الفعاليات والأنشطة بدأت بفقرة فنية بعنوان "لوحة فنية بأصوات عربية" أحيتها فرقة موسيقية عربية بقيادة الفنان السوري شادي جارور وبمشاركة المطربة تلا زينو والمايسترو يوسف بردقجي، ثم ندوة بعنوان "كيف تكون الكتب وسيلة لتمكين الأسرة، وحماية أمنها وسلامتها" تحدثت فيها الكاتبة هناء الرملي، وقدّمتها الأديبة علا خواسك، وأعقب اللقاء حفل توقيع لإصدارات الكاتبة هناء الرملي.

واختتم اليوم الأول بمهرجان الشعر العربي الذي أقيم بالتعاون مع جمعية مالتيميديا، وشارك فيه نخبة من شعراء الوطن العربي، وكان ضيف الشرف به الشاعر المصري الكبير زين العابدين فؤاد.

وبدأ اليوم الثاني والأخير من المعرض بورشة رسم للأطفال بعنوان "الفن حياة" قدّمتها الفنانة التشكيلية إيمي اسكندر، وأعقبتها محاضرة بعنوان "الخط العربي... تاريخ وحضارة" قدّمها الفنان السوري ياسر وتد، ثم حوار مع الكاتبة أمل حبيب والكاتب حمدي تموز حول "تجربة الكتابة الأدبية وصعوبات النشر"، بالتعاون مع دار "داري بوكس" قدمهما الدكتور ثامر الصفار.

أعقبها ندوة بعنوان "طيور مهاجرة... رؤية عن الثقافة العربية والمبدعين العرب في المهجر"، تحدث فيها الكاتب الصحفي حسام مقبل، وقدمتها رؤى الكيال، وأعقب الندوة حفل توقيع كتاب "طيور مهاجرة" للكاتب حسام مقبل.

واختتم المعرض بتكريم فريق المتطوعين الذين شاركوا في المعرض وبذلوا كثير من الجهد للتعاون في إنجاح هذا العمل الثقافي المهم في كندا.