"الأديب الثقافية" تحتفي بـ "الماء العاشق و"الساخر العظيم"

سحر شريف ترى أن عجائبية المكان تبدأ من الغرائبي، وصولاً إلى العجائبي، وأن العجائبي لا يعني تضمين النص حقائق غير معروفة بل وسائل غير معروفة.
الجريدة العراقية الشهرية تنشر قراءة تشكيلية مترجمة لمعرض أعمال الفنان الأميركي المعاصر بروس نومان تحت عنوان "الأفعال المتلاشية"
رواية ما بعد الحداثة طردت الراوي من الرواية، واستعاضت عنه بالـ "أنا" كإستراتيجية جديدة لاستقطاب الذوات العاكسة لها

بغداد ـ صدر  العدد الجديد 222  من "الأديب الثقافية"، التي يرأس تحريرها الكاتب العراقي عباس عبد جاسم، وقد زيّن غلافها لوحة للفنان الأميركي المعاصر بروس نومان، وتضمن عددا ًمن المقالات والدراسات والنصوص والاخبار والتقارير الثقافية والاقتصادية.
في باب (نقد وقراءات) أسهمت الدكتورة سحر شريف - استاذ الأدب والنقد بكلية الاداب في جامعة الاسكندرية - بدراسة عن "المكان العجائبي في رواية (الماء العاشق) لـ أحمد فضل شبلول، تناولت فيها صلة الإنسان بالمكان، وعلاقة المكان بالمكونات السردية كالأحداث والشخصيات والرؤى واللغة والزمان، وقد رأت الباحثة أن عجائبية المكان تبدأ من الغرائبي، وصولاً إلى العجائبي، وذهبت إلى أن العجائبي لا يعني تضمين النص حقائق غير معروفة بل وسائل غير معروفة في التعامل مع الواقع، أما الغرائبي فهو في نظرها؛ العجائبي مصحوب بشعور أساسي هو الخوف، وهو سمة ملازمة له.
أما رواية "الماء العاشق" للشاعر أحمد فضل شبلول، فقد حفلت – كما تقول الباحثة – بالاماكن العجائبية، جنبا ًإلى جنب مع الأماكن الواقعية كالإسكندرية وبيروت وباريس وإسرائيل، وفي الإسكندرية شوارعها المعروفة وأحيائها القديمة وأبرزها سيدي بشر، وكليوباترا.

في زمن الفوضى واللامبالاة  والإرث السياسي الفاسد الذي ورثته النخبة، تدحرجت الثقافة إلى الحضيض، وهبطت قيمة المثقف، ولم يعد له أية قيمة إجتماعية موازية لـ "الثقافة"

وقدّم الناقد والروائي عباس عبد جاسم دراسة نقدية لرواية "الساخر العظيم" للروائي أمجد توفيق، انطلق فيها من موضوعة جديدة لم تتبلور في النقدية العربية بعد بوضوح كاف، هي (روائية الرواية الواقعية)، وقد طرح فيها أسئلة مركزية تعنى بإشكالية الواقعية: هل بإمكان الرواية الأكثر واقعية ان تتطور بطرق غير واقعية؟
وإن كانت رواية ما بعد الحداثة قد طردت الراوي من الرواية، واستعاضت عنه بالـ "أنا" كإستراتيجية جديدة لاستقطاب الذوات العاكسة لها، فإن الروائي، ويُعنى به تحديدا ًأمجد توفيق يعيد الراوي العليم إلى الورشة الروائية من جديد، بل ويذهب إلى أبعد من ذلك، حيث يتمركز بذاته النرجسية ولذاته الأنوية، ولهذا تتمسّك روائية الرواية الواقعية في "الساخر العظيم" بالراوي بوصفه الخصيصة الأكثر جوهرية للرواية، ويتمسّك الروائي أيضا ً بـ "دكتاتورية الراوي"، بل ويطيح بما يسميها فيليب لوجون بـ "ديمقراطية الشخصيات".
وفي باب (تشكيل) قدّم الدكتور فائز يعقوب الحمداني – قراءة تشكيلية مترجمة لمعرض أعمال الفنان الأميركي المعاصر بروس نومان تحت عنوان "الأفعال المتلاشية"، إذ يقول الفنان نومان "كان شغفي المستمر أن أعمل بأسلوب متداخل، لم أستطع يوما ًأن ألتزم أسلوبا ًواحدا" هكذا يصف نومان عمله منذ خمسين عاما.
لهذا استخدم بروس نومان كل أنواع الوسائط البصرية مزاوجا ًبين الأساليب المعروفة ليبدع إسلوبا ً جديدًا.
وفي باب (نصوص) أسهم كل من: الدكتور مالك الواسطي من ايطاليا بنص "عبور المتوسط" وقصي عطية من سوريا بنص "سرداب" وحيدر الخفاجي بنص "قلق" والروائي علي لفتة سعيد بفصل من رواية يحمل عنوان "حب عتيق". 

جريدة شهرية
أزمة ثقافتنا 

وفي باب (تجارب وشهادات) قدّم الدكتور أحمد فاهم "تأملات في الكتابة"، جاء فيها:
"الكتابة: لعبة لا تنتهي، كم هائل من مكعبات اللغة، قابلة للتأليف والبناء قابلة للهدم قابلة للتشظي ...".
وجاء فيها أيضا: "الكتابة: هي إندماج معارف الناس وعلومها في نص أبيستمولوجي يغطي المعاني كلها والدلالات جميعها بحسب التأويل ولا ينتهي عند معنى واحد، إنه المعنى المتجدّد مع كل قراءة جديدة".
وفي حقل (ثقافة عالمية) اختار الناقد والمترجم الكردي عبد طاهر البرزنجي موضوعة جديدة في الترجمة بعنوان "فلاحون في (سارى باغجة) يتحدثون عن الروائي يشار كمال"، وقد تضمنت الموضوعة عيّنات فلاحية متباينة، يقول أحد الفلاحين وهو عامل زراعة، خريج المرحلة الابتدائية عن يشار كمال: "سمعت كثيرا ً من أخباره. إنه إنسان كبير. كان يوّزع الماء في حقول (قديرلي)، لكنه رمى المعول والرفش جانبا ًوقصد استنبول. يأخذ القلم والورقة ويشرع في الكتابة، وحيث يشارف على الانتهاء، تجده مصورا ً شخصية حية من البيئة الزراعية. يا له من إنسان متمكن! 
لقد إلتمس الدرب المنطلق من أعماق جبال (توروس) وأدام السير بين الصخور والأشواك المدبّبة إلى أن أصبح كاتبا ًروائيا ًمرموقا".
وفي حقل (ثقافة عالمية) أيضا، أسهم حسين نهاية بترجمة "مقدمة سيمفونية" وهي قطعة أدبية يختلط فيها نثر الشعر بالكتابة العادية، والمخيلة بتشظي الذات، والحب والحياة بالحرمان واليؤس.
وفي باب (أطياف) الصفحة الأخيرة، يكتب رئيس التحرير في حقل "نقطة إبتداء" عن "إشكاليات الانتلجنسيا الرثة"، حيث يحيل فيها إشكاليات الثقافة إلى الأسباب المحركة والدافعة نحو انهيارها المتدرّج، وصولا ً إلى رثاثة المثقفين الناجمة عن الرّدات الثقافية من اليسار إلى اليمين ومن الماركسية إلى السلفية.
وجاء فيها: "في زمن الفوضى واللامبالاة  والإرث السياسي الفاسد الذي ورثته النخبة، تدحرجت الثقافة إلى الحضيض، وهبطت قيمة المثقف، ولم يعد له أية قيمة إجتماعية موازية لـ "الثقافة".
وقد استدل الكاتب على أزمة ثقافتنا من خلال المثقفين المأزومين بها، وخاصة اعتراف البعض منهم، فقد اعترف جورج طرابيشي بأنه جزء من رثاثة هذه الانتلجنسيا من جهة، واعترف هشام جعيط بأنه يعيش حالة عصاب نفسي بفعل التهميش أو الإذلال السياسي التي تقوم به الدولة.
وفي باب (أخبار وتقارير) ضم العدد طائفة من الاصدارات الثقافية والأخبار الاقتصادية المحلية والعالمية.