"الأديب الثقافية" تناقش صراع الأفكار والجندر

 مؤيد جواد الطلال يتقصى جذور الصراع الفكري بين الفلسفة المثالية والمادية في القرن الخامس قبل الميلاد.
عباس عبد جاسم يرى أن الجندر مصطلح غامض ومراوغ ومخاتل، ويتشاكل مع بنى جذرية أخرى كالجنس والجسد والهوية
النعيمي يفكك عملية "الهدم والتقويض" عبر شكلين أساسيين، أحدهما فكري والثاني فني جمالي

بغداد ـ صدر العدد الجديد 226  من "الأديب االثقافية " التي يترأس تحريرها الناقد والكاتب العراقي عباس عبد جاسم، وزين الغلاف لوحة للفنان المصري عاطف أحمد. وتضمّن العديد من الدراسات والمقالات والنصوص والأخبار الثقافية المتنوعة.
في باب (فكر) كتب الناقد مؤيد جواد الطلال مقالة بعنوان "صراع الأفكار كان وما يزال مستمرًا"، حيث تقصى فيها جذور الصراع الفكري بين الفلسفة المثالية والمادية في القرن الخامس قبل الميلاد، مرورا ً بالماركسية، وكيف انتقل الصراع عبر التاريخ من خلال رؤيتين متناقضتين من فترة ملاك العبيد إلى فترة سيادة الهتلرية في ألمانيا النازية التي ارتبط بها وسوّغها مارتن هيدغر، ثم يعود فيها الناقد إلى جذور الفلسفة المثالية الميتافيزيقية القديمة.
وتضّمن باب (نقد وقراءات) دراستين، الأولى جاءت بعنوان "رواية ما بعد الحداثة وإشكالية تقويض المركزيات" للدكتور فيصل غازي النعيمي، وقد اتخذ فيها من رواية "ظلمة يائيل" لليمني محمد الغربي عمران أنموذجا ً تطبيقيا ًلها.
في هذه الدراسة يقوم الدكتور النعيمي بتفكيك عملية "الهدم والتقويض" عبر "شكلين أساسيين، أحدهما فكري ذو طابع سوسيو ثقافي يتبنى مسائل عديدة من أهمها إشكالية العلاقة مع الآخر والانتماء إلى الهوية، أما الشكل الثاني فهو فني/ جمالي مرتكز على تطورات النظرية الأدبية وتداخلات الأنواع الفنية".
والثانية، دراسة حملت عنوان "هامشية الرجل في الكتابات النسوية العربية المعاصرة" للدكتورة أحلام مامي، وقد اتخذت الباحثة من مقولة المنظّرة النسوية سارة جامبل "الانثى ليس لها وجود حقيقي وإنما هي مجرد إسقاطات لخيالات الذكر ومخاوفه" – ركيزة أساسية في إثبات الوجود المغيّب من خلال فعل الكتابة، محوّلة موضوع وجودها من مفعول به إلى فاعل، ومن متبوع إلى تابع، مقدمة بذلك صورة جديدة للذات الانثوية".
ثم تقوم الباحثة بالاستدلال على هامشية الرجل في أربع روايات لكاتبات عربيات هنّ: سميحة غريس وسحر الموجي وسمر يزبك وعزة بدر.

الجندر مصطلح غامض ومراوغ ومخاتل، ويتشاكل مع بنى جذرية أخرى كالجنس والجسد والهوية، وهو كمفهوم شامل لا ينحصر بالحركة النسوية، وإنما يتسع لاحتواء التمثلات الاجتماعية والثقافية، ويرتبط بحقول معرفية أخرى

وفي باب (ثقافة عالمية) قدّم المترجم والكاتب المصري أمير زكي ترجمة لموضوع عنوانه "لنوقع عقدا ً قبل ممارسة الجنس" للمنظّر الماركسي الراديكالي سلافوي جيجيك، حيث جاء فيه: "في الغرب على الأقل، صار كل الناس واعين بشكل هائل مدى القهر والاستغلال في العلاقات الجنسية" و"ان الحرية التي تتمتع بها النساء تزعج جميع أنواع الأصوليين، بداية من المسلمين الذين حظروا على المرأة موخرا ً لمس ثمار الموز، وغيرها من الفواكه التي تشبه القضيب واللعب بها، إلى الشوفينيين الذكور العادين (في عالمنا الغربي) الذي ينفجرون عنفا ً ضد المرأة التي "تستثيرهم أولا ، ثم ترفض تقربهم".
ويقول جيجيك أيضا ً"وقد ظهرت فكرة حديثة صائبة سياسيا، يطلق عليها (حقيبة القبول الواعي) وهي تباع حاليا ًفي الولايات المتحدة: حقيبة صغيرة، بداخلها واق ذكوري وقلم وحلوى منعشة للفم، وعقد بسيط يوضح أن المشاركين الاثنين يقبلان بكامل حريتهما ممارسة فعل جنسي. الاقتراح هو أن الطرفين المستعدين لممارسة الجنس، إما أن يلتقطا صورة معا ًوفي أيديهما العقد، أو يؤرّخانه ويوقعانه معًا".
وفي باب "تشكيل" تجري الكاتبة والصحيفة المصرية سعاد سعيد نوح من القاهرة، حورا ًمع الفنان التشكيلي المصري عاطف أحمد.
ويتضمن باب (تجارب وشهادات) تجربتين، الاولى "ثلاث مقامات من كتاب المنامات" كتبها الشاعر الراحل خالد علي مصطفى بخط يده، وقد خصّ بها،      "الاديب الثقافية" عام 2008، ولم تنشر حينها، وتنفرد هذه المقامات بجماليات الكتابة المنسوخة بخط الشاعر الراحل الذي رأى، وخاصة إن كل مقامة من هذه المقامات تبدأ بفعل "رأيت" من الرؤيا في المنام، لدرجة يشكل الفعل "رأيت" مركز مدار الرؤى في تلك المقامات، وجاء  نشر "الأديب الثقافية " لتلك "المقامات" لتوثيق روح الشاعر المرئية في تجلياته الخطيّة.
أما التجربة الثانية فتحمل عنوان "شاعرة من دمشق"، وهي قراءة للدكتور عبدالمطلب محمود في مجموعة شعرية بعنوان "لي .. تراتيل العنفوان" للشاعرة وفاء دلا، إذ يقول عنها الدكتور مطلب "هذه شاعرة دمشقية التقيتها شعرا ً- مصادفة - عندما أوصل اليَّ أحد الاصدقاء إحدى مجموعاتها الشعرية، هي هذه التي سأعرض لبعض ما أنطوى عليه غلافها من نصوص إستوقفتني، بدءًا من عتبتها "لي .. تراتيل العنفوان"، العنوان الذي أوقعني في حالة وهم إبتدائية، إذ جعلتني أظن أنني سأقف لأول وهلة على امرأة مُعجبة بنفسها أشد الإعجاب، حد الإصابة بحالة "نرجسية مفرطة"، ولا سيما إذ وضعت على غلاف مجموعتها الشعرية هذه صورتها، بسحر ملاحمها وشقرة شعرها وزرقة عينيها والرقة التي تضوّع "من وجها المشرق ببياضه السوري الدمشقي – الحلبي الأخّاد".
وتضمن باب (نصوص): قصة بعنوان "تخيل" للكاتب سالم حميد، وقدّم لها الناقد والكاتب عباس عبد جاسم، وقصيدة حملت عنوان "الخروج من النهار" للشاعر العراقي المغترب الدكتور مالك الواسطي، وقصيدة بعنوان "سبعة أنهار" للشاعر والمترجم سهيل نجم.
وفي باب (أطياف) كتب رئيس التحرير في صفحته الأخيرة "نقطة إبتداء" موضوعا ً عنوانه "الجندر – بوصفه مفهوما ًعابرا ً للتنوير النسوي" وفيه قدّم رؤية عبر مناهجية لـ "الجندر" كمصطلح إشكالي معرفي، وقد جاء فيه: "الجندر – مصطلح غامض ومراوغ ومخاتل، ويتشاكل مع بنى جذرية أخرى كالجنس والجسد والهوية، وهو كمفهوم شامل لا ينحصر بالحركة النسوية، وإنما يتسع لاحتواء التمثلات الاجتماعية والثقافية، ويرتبط بحقول معرفية أخرى، وبذا فهو مفهوم عابر للتخصصات، كما أنه أوسع من "التنوير النسوي"، وأكثر دينامية من النوع الاجتماعي، ويمتلك خاصية المفهوم المفتوح بأفق حيوي متحرّك أكثر شمولية من الجنوسة من حيث التعدد والتنوع الثقافي والاجتماعي.
وضم حقل (أخبار وتقارير) طائفة من الإصدارات الثقافية، ومتابعة سينمائية بعنوان "جماليات الأداء في فيلم البروفيسور والمجنون" للكاتب فاضل عبدالله القيسي.