الأردن في استعراض قوة بريطاني على مقربة من الروس

تساؤلات عن دواعي مشاركة الأردن في حرب الأعصاب بين موسكو ولندن وتأثيرها على علاقته الحيوية مع دمشق.
روسيا والغرب يتبادلان استعراضات القوة في البحرين المتوسط والاسود
صحف بريطانية تصف الإنزال الجوي بأنه الأكبر في الشرق الأوسط منذ 1956

عمان - تعكس مناورة الإنزال الجوي الكبيرة بين القوات البريطانية والأردنية، التي أجريت الأسبوع الماضي، رغبة لندن في استعراض قوتها أمام موسكو على مقربة من الأراضي السورية وفي ظل توتر العلاقات بين روسيا والمملكة المتحدة ووسط تساؤلات عن دواعي مشاركة الأردن في حرب الأعصاب بين موسكو ولندن وتأثيرها على علاقته الحيوية مع دمشق.
وسرعان ما أعلنت روسيا عن إرسال قوات إلى البحر المتوسط حيث يتواجد "أسطول القوة الضاربة" البريطاني الذي قدم الدعم لعملية الإنزال الجوي على الأراضي الأردنية.
وذكرت وسائل إعلام أن المناورة أجريت على مسافة تبعد أقل من 100 كيلومتر عن الحدود السورية.
وتمر العلاقات بين روسيا والغرب عموما بسلسلة من الأزمات، وذلك لعدة أسباب من بينها التجسس والتدخل في الانتخابات ومخاوف من أن موسكو تعد خطة لغزو أوكرانيا وتكرار سيناريو 2014 حين انتزعت القوات الروسية وحلفاؤها السيطرة على منطقة القرم.
ولم تخفِ بريطانيا قلقها من نشوب مواجهة عسكرية "شاملة" مع روسيا التي شعرت بالاستفزاز بعد مرور مدمرة بريطانية في البحر الأسود قبالة شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو ويعتبرها العالم أرضا أوكرانية.
وتبدو روسيا وبريطانيا في مشهد من حرب الأعصاب التي ظهرت الآن بوضوح حول سوريا في البحر (حيث "القوة الضاربة" البريطانية التي تقابلها القواعد الروسية على الساحل السوري) وعلى الأرض (من خلال الاتفاقيات الدفاعية بين المملكة المتحدة والأردن الذي يحد سوريا من الجنوب).
وشارك في الإنزال الجوي 234 مظليا من القوات المسلحة البريطانية والأردنية، في عملية وصفتها صحف بريطانية بأنها الأكبر في الشرق الأوسط منذ اندلاع أزمة تأميم قناة السويس في 1956.
ومن شأن التمرين الذي يضم نخبة من الجنود المدربين والمدججين بالأسلحة أن يوجّه رسالة تحذير بريطانية إلى روسيا من إمكانية التدخل على الأرض في سوريا "إذا تعرضت مصالح بريطانيا أو الأردن للخطر".
وبحسب وزير شؤون القوات المسلحة في بريطانيا جيمس هيبي تهدف المناورة، التي يشارك فيها لواء الهجوم الجوي السادس عشر البريطاني والقوات الخاصة الأردنية، إلى تعميق العلاقات الدفاعية مع الأردن ودعمه لمواجهة "التهديدات المشتركة" في المنطقة.
وقالت لندن إن الطائرات أقلعت من قاعدة أكروتيري التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، وهي قاعدة جوية بريطانية في جزيرة قبرص. ثم انضم الجنود الأردنيون إلى المظليين البريطانيين بكامل أسلحتهم الفردية الخفيفة والثقيلة.

حسابات خاطئة قد تقود إلى حرب شاملة مع روسيا

ويعتبر لواء الهجوم الجوي السادس عشر عنصرا أساسيا في "قوة الاستجابة الدولية"، وهي قوّة بريطانية متعددة المجالات وتوصف بأنها تضم "جنود المستقبل" ويمكنها إنجاز مهام محددة بسرعة في جميع أنحاء العالم.
ويرتبط الأردن بعلاقات سياسية ودفاعية متينة مع بريطانيا، القوة الاستعمارية السابقة التي ظلت تقود الجيش الأردني حتى منتصف الخمسينات من القرن الماضي، أي بعد استقلال المملكة بعشر سنوات. كما تحظى القوات الخاصة باهتمام كبير من قبل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي كان يقودها.
لكن ثمة حساسية خاصة في العلاقات بين الأردن وسوريا اللذين يتقاسمان حدودا تمتد مئات الكيلومترات وتخضع لرقابة أمنية مشددة وتفاهمات بين عمان وموسكو حول الأنشطة العسكرية في مناطق سوريا القريبة من الأردن.
ولم تعلق روسيا على مشاركة الأردن في مناورة الإنزال الجوي، في حين لا يبدو أن من مصلحة عَمان الدخول في نزاع عسكري مباشر على الأراضي السورية وتحمّل تداعياته على المملكة التي تستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، وهي من الدول العربية القليلة التي لم تقطع علاقاتها مع دمشق بعد اندلاع الحرب السورية عام 2011.
وتمثل التحركات البريطانية جزءا من استعراض أكبر للقوة الغربية في مواجهة موسكو التي تستعرض بدورها في المناطق الخاضعة للنفوذ الروسي مثل سوريا وجزيرة القرم.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن سفن البحرية الروسية أجرت مناورات في البحر المتوسط، شاركت فيها خمس سفن حربية.
وصدت أطقم السفن الخمس التابعة للبحرية الروسية، بما في ذلك طراد الصواريخ "موسكو" والفرقاطتان الأدميرال إيسن والأدميرال ماكاروف، هجوم عدو افتراضي. وأجريت أيضا تدريبات لقوات الدفاع الجوي، وأُولِيَ "التصدي للطائرات والمروحيات والطائرات المسيرة للعدو الافتراضي" اهتمامًا خاصّا.

الانزال الجوي جزء من استعراض أكبر للقوة الغربية في مواجهة روسيا
الانزال الجوي جزء من استعراض أكبر للقوة الغربية في مواجهة روسيا

وبالتزامن مع شروع روسيا في استعراض قوتها في البحر المتوسط بدأت الولايات المتحدة الاثنين استعراضا جديدا للقوة عبر مناورات عسكرية في البحر الأسود بمشاركة جنود من ثلاثين دولة، وذلك رغم الدعوات الروسية المتكررة لإلغائها وتعهدات موسكو بالرد "إذا تطلب الأمر".
وتستمر مناورات "نسيم البحر 2021" أسبوعين بمشاركة حوالي خمسة آلاف جندي من دول حلف شمال الأطلسي ودول أخرى مع 30 سفينة حربية و40 طائرة، بالإضافة إلى مساهمة الولايات المتحدة بمدمرة وجنود من مشاة البحرية.
لكن احتمالات الصدام العسكري المباشر غير مستبعدة، على الأقل بسبب سوء تقدير أو سلوك غير مقصود، أو حتى افتعال مواجهة على سبيل اختبار القوة بين الدول الغربية وروسيا التي تخضع لعقوبات أميركية وأوروبية منذ سنوات.
وبحسب رئيس الأركان البريطاني الجنرال نيك كارتر قد تقود "الحسابات الخاطئة" إلى حرب شاملة مع روسيا، جاء ذلك في تعليقه الأسبوع الماضي على الحادث الذي تعرضت له المدمرة البريطانية دفيندر في البحر الأسود.
وأبدى الجنرال كارتر، الذي قال إنه لم ينم ليلة الحادث، قلقه من وصول "لعبة القط والفأر" بين روسيا والغرب إلى تصعيد غير مبرر ينقل العلاقة مع موسكو إلى مستوى المواجهة العسكرية المفتوحة.