الأقصر: ليلة صامتة لأول مرة خلال 3500 عام

مظاهر الإحتفالات بالأعياد، وقدوم عام جديد غابت عن مدينة الأقصر للمرة الأولى منذ أكثر من 3500 عام.
عشرات المعابد ومئات المقابر التي شيدها ملوك وملكات ونبلاء مصر القديمة بلا زوار
جائحة كورونا تُغيِب إحتفالات السنة الجديدة في الأقصر المصرية

غابت مظاهر الإحتفالات بالأعياد، وقدوم عام جديد عن مدينة الأقصر، ربما للمرة الأولى طوال أكثر من 3500 عام، وذلك بحسب ما قاله الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار المصرية، الدكتور مصطفي وزيري، والذي أكد على أن مدينة الأقصر كانت تشهد احتفالات شعبية في  رأس السنة، والأعياد وبدايات الفصول قبيل آلاف السنين، وذلك جراء جائحة كورونا والتدابير المفروضة للحد من انتشارها بمصر والعالم. 
مظاهر تلك الإحتفالات غابت عن المدينة وفنادقها ومنتجعاتها السياحية، التي كانت تكتظ بالزوار من سياح العالم في تلك الفترة من كل عام، لكونها تمثل أشهر مشتيً في العالم، ولما تضمه بين جنباتها من عشرات المعابد ومئات المقابر التي شيدها ملوك وملكات ونبلاء مصر القديمة، وتفردها بأنماط سياحية متنوعة مثل السياحة النيلية وسط نهر النيل الخالد، وسياحة المغامرات التي تتمثل في رحلات المناطيد وهي تحمل السياح في جولات لرؤية معالم المدينة من الجو، وسياحة الدواب والحنطور أيضا. 
وبحسب الخبير السياحي المصري، محمد عبدالحميد، فقد منعت السلطات الاحتفال بليلة رأس السنة، ضمن حزمة من الإجراءات السارية لمواجهة انتشار جائحة كورونا، وهو الأمر الذي أثر بالسلب علي القطاع السياحي في الأقصر، حيث كان يعول الكثيرون على تعويض بعضِ من خسارتهم خلال موسم الكريسماس وراس السنة.  
ولفت عبدالحميد إلى أن الآمال معلقة في المدينة التي تشتهر بالسياحة الثقافية، علي الرحلات الداخلية للمصريين، خاصة في موسم أجازات نصف العام بالمدارس والجامعات.
وقال الدكتور مصطفي وزيري، الأمين العام للمجلس الآعلي للآثار المصرية، إن مدينة الأقصر اشتهرت على مر التاريخ، بأنها مدينة للإحتفالات والمهرجانات، وكانت بدايات العام الجديد، ومواسم الأعياد مناسبة لإقامة مهرجانات واحتفالات صاخبة تستمر لأيام، وأن بعض مظاهر الإحتفال ببعض الأعياد في المدينة كانت تستمر قرابة شهر كامل. 

وكانت تلك الإحتفالات تتحول إلى مواسم للتعارف والحب والخطبة والزواج، وكانت مظاهر الفرح تقام داخل المعابد وخارجها، وأن مجموعة معابد هابو في غرب مدينة الأقصر، تضم تسجيلا علي جدرانها لـ 282عيدا عرفتها مصر القديمة. 
وأشار وزيري إلى أن قدماء المصريين، عُرفوا بأنهم شعب محب للفرح والحياة، فكان يحتفل بمناسبات عديدة علي مدار العام، وفي بدايات الفصول والشهور، والمواسم الزراعية.  وأن الأقصر المعاصرة، تشهد مهرجانات وكرنفالات شعبية حاشدة، بعضها يحمل الكثير من مظاهر احتفالات أجدادهم من قدماء المصريين، مثل موكب سيدي أبي الحجاج، الذي يُقام قبل أكثر من 800 عام وحتى اليوم، وفيه يطوف الناس شوارع المدينة وهم يجرون خلفهم مراكب سيدي أبي الحجاج في الشوارع، وذلك على غرار موكب آمون، حين كان يخرج من معابد الكرنك لزيارة معبد الأقصر، فيما يُعرف بعيد الأوبت. 
يذكر أن مدينة الأقصر، سبق لها وأن حازت لقب عاصمة السياحة الثقافية في العالم، ثم عاصمة الثقافة العربية، وذلك لما تضمه بين جنباتها من عشرات المعابد، ومئات المقابر التي شيدها ملوك وملكات ونبلاء مصر القديمة في شرق المدينة وغربها قبل آلاف السنين، وما بها من معالم حديثة مثل البيت النوبي، وكلية الفنون الجملية التي صارت مركز جذب لفنانين عرب وأجانب، ومركز التراث ومكتبة مصر العامة، والكثير من المعارض الفنية، والمباني التراثية مثل قرية حسن فتحي التي تعد من علامات عمارة الفقراء، التي أسسها المصري الراحل حسن فتحي في مصر والعالم، وصارت تُدرس في جامعات مصرية وعربية واجنبية.