السعودية والحج: الدكتور والمفتي.. روبوتان رائدان

خطوة مهمة على طريق استخدام التقنيات الحديثة في بيئة مكتظة من البشر والقوافل.

تخطو السعودية خطوات عملاقة واعدة في مجال دمج تطبيقات الذكاء الإصطناعي في كافة القطاعات.

فخلال موسم الحج الحالي، شكلت التكنولوجيا المتقدمة جزءاً متميزاً ورائداً ضمن مشاريع ومبادرات التحول الرقمي لمواكبة تطورات العصر الحديث والتكنولوجيات العالمية المتقدمة، على طريق تحقيق "رؤية المملكة 2030".

فقد أطلقت وزارة الصحة السعودية "الروبوت دكتور" للإستشارات الطبية عن بعد بين المرضى والأطباء في المستشفيات والمراكز الصحية في منى والقوافل المتحركة، والذي يشكل نقلة وإضافة نوعية متميزة لسرعة الاستجابة المكانية والزمانية أمام الممارسين الطبيين.

كما أطلقت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد خدمة "روبوت الفتوى"، لتقديم الفتاوي الشرعية والإستشارات الدينية لضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة، في خطوة تعد الأولى على مستوى العالم الإسلامي، وهذه الخدمة المتميزة تتيح للروبوت التجول والتواصل المباشر والمرئي بين السائل وفريق المفتين بوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وتقديم الفتاوى بكل يسر وسهولة.

ولعل السؤال المهم هنا هو: ما دلالات ذلك؟

أن السعودية تقدم نموذجاً رائداً، بما تمتلكه من رؤى مستقبلية بعيدة المدى وقدرة على استشراف المستقبل والاستعداد لمتغيراته المحتملة. فقد أدركت مبكراً أن الذكاء الاصطناعي والروبوتات باتا يشكلان جانباً مهماً وأساسياً من التطور والتقدم، وتؤكد دائما ًعلى إستعدادها وعزمها على الإستفادة بشكل فعال من التطورات المتسارعة والمذهلة في هذا المجال الواعد.

وقد أشرت في كتابي (بالإشتراك مع الكاتبة والباحثة صفات سلامة)، بعنوان "تحديات عصر الروبوتات وأخلاقياته"، والصادر عن "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية" ضمن سلسلة "دراسات إستراتيجية"، أن مجال الروبوتات من المجالات التي تشهد حالياً تقدماً سريعاً ومذهلاً، وسباقاً محموماً وبخاصة في الدول المتقدمة، وقد أصبحت تكنولوجيا الروبوتات صناعة عالمية واعدة، كما أصبح مستوى تطويرها معياراً لقياس قوة الدولة الصناعية. وهناك عدة عوامل تدفع نحو الاهتمام المتزايد باعتماد تكنولوجيا الروبوتات في مجالات الحياة المختلفة، منها تحسين الإنتاجية في بيئة عالمية أكثر تنافسية، وتحسين نوعية حياة الأفراد.

ويمكن القول بأن هناك حالياً جهوداً متنامية في عالمنا العربي نحو الاهتمام بعلم وصناعة الروبوتات، إلا أنها غير كافية، فما زلنا نعاني نقصاً شديداً في الخبراء والمتخصصين في مجال الروبوتات، وكذلك نقصاً في معامل ومراكز البحوث والتطوير في مجال الروبوتات والذكاء الإصطناعي، بالإضافة الى النقص في الثقافة الروبوتية وتعليم البرمجة في المدارس والجامعات.

اقتراب عصر الروبوتات يضطرنا الى الإهتمام ببحوث الروبوتات والذكاء الإصطناعي في الجامعات والمدارس، وكذلك متابعة التطورات والفرص الواعدة في هذا المجال، والإهتمام بنشر الكتب العلمية المبسطة حول هذه التكنولوجيا، وذلك بهدف تنشيط صناعة وبحوث الروبوتات في العالم العربي والدخول في سباق الروبوتات العالمي، ففي ظل إقتصادات السوق والعولمة والمنافسة الدولية يصبح إستخدام الروبوتات في الصناعة ضرورة حتمية.

وأخيراً.. كم تمنيت أن أكون ضيفاً من ضيوف الرحمن، وأشاهد عن قرب مثل هذين الروبوتين اللذين يحولان الخيال العلمي الى واقع على طريق "رؤية المملكة 2030"، كما يبشران بخطوات ومبادرات واعدة على طريق "الحج الذكي"، وإستشراف مستقبل قطاع الروبوتات والذكاء الاصطناعي.