السفينة "أكواريوس" تعمق الخلافات الأوروبية

دول أوروبية تتعرض لضغوط من أجل إيجاد حل للأزمة مع الجهة المشغلة لسفينة الإنقاذ "أكواريوس" العالقة للمرة الثانية في البحر المتوسط وعلى متنها 141 شخصا.
فرنسا تبدي مجددا عدم موافقتها على الموقف السياسي المتشدد للغاية لإيطاليا
المفوضية الأوروبية تتواصل مع عدد من الدول الأعضاء سعيا لحل سريع للأزمة

باريس - تعرضت دول أوروبية لضغوط الثلاثاء من أجل إيجاد حل للأزمة مع الجهة المشغلة لسفينة الإنقاذ "أكواريوس" العالقة للمرة الثانية في البحر المتوسط وعلى متنها 141 شخصا.

وقالت فرنسا إنها على تواصل مع دول أوروبية أخرى من أجل التوصل "سريعا" إلى إيجاد ميناء لرسو السفينة "أكواريوس" بعد أن أغلقت إيطاليا ومالطا وهما الأقرب لموقعها الحالي، موانئهما بوجهها.

وفي حزيران/يونيو ظلّت السفينة "أكواريوس" عالقة لأسبوع في مياه المتوسط وعلى متنها 630 مهاجرا بعد ان رفضت كل من روما وفاليتا استقبالها، وقد عاودت الأسبوع الماضي عملها قبالة السواحل الليبية.

وفي تصريح أصدرته الرئاسة الفرنسية ليل الثلاثاء، أبدت فرنسا مجددا عدم موافقتها على "الموقف السياسي المتشدد للغاية" لإيطاليا، مستخدمة في ذلك لغة أكثر ليونة من تلك التي استخدمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل شهرين حين اتهم القادة الإيطاليين باتخاذ موقف "معيب وغير مسؤول".

والجمعة أنقذت السفينة في عمليتين منفصلتين 141 شخصا، نصفهم من الأطفال، بحسب ما أعلنت منظمة "إس أو إس المتوسط" المشغلة للسفينة، هم 25 مهاجرا أغاثتهم قبالة سواحل ليبيا كانوا في زورق خشبي على بعد 26 ميلا من سواحل ليبيا شمال زوارةـ، و116 شخصا بينهم 67 قاصرا غير مرافَقين معظمهم من الصومال وأريتريا، كانوا في زورق خشبي مزدحم بلا ماء أو طعام على بعد 24 ميلا بحريا شمال ابو كماش.

معاناة متواصلة

والاثنين قالت صوفي بو، مديرة المنظمة غير الحكومية "نطلب من جميع الدول الأوروبية إيجاد حل. نطلب منهم تحمل مسؤولياتهم وإيجاد ميناء آمن في المتوسط".

بدوره قال توف ارنست، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية إنه على تواصل مع "عدد من الدول الأعضاء" سعيا للتوصل الى "حل سريع" للأزمة.

لا متطوعين

ومنذ حزيران/يونيو يرفض وزير الداخلية اليميني المتطرف في إيطاليا ماتيو سالفيني استقبال سفن إنقاذ، مثل أكواريوس، تشغلها منظمات غير حكومية يتهمها بمساعدة مهربي البشر.

والسبت قال إن السفينة أكواريوس "لن ترى مرفأ إيطاليًّا" مجددا، متهما إياها بتشجيع المهربين والمهاجرين على ركوب البحر لمعرفتهم أنه سيتم إنقاذهم، علما ان خفر السواحل الإيطاليين يواصلون عمليات إنقاذ المهاجرين.

ودافعت حكومة مالطا عن موقفها بمنع رسو أكواريوس في موانئها مؤكدة أنها "ليست الجهة المنسقة ولا المعنية" بعملية الانقاذ، وليست ملزمة قانونيا بتوفير ملاذ آمن. بدورها أعلنت حكومة جبل طارق ليل الاثنين أنها لن تسمح للسفينة برفع علمها.

وتعكس المواقف العدائية تشدد الرأي العام الأوروبي إزاء المهاجرين بعد وصول الآلاف منهم إلى أوروبا هربا من الحروب والفقر في إفريقيا والشرق الأوسط.

ودعت إيطاليا لسنوات شركاءها في الاتحاد الأوروبي إلى تقديم المساعدة لمواجهة التدفق الكبير للمهاجرين القادمين من إفريقيا والذين بلغ عددهم 700 ألف شخص عبروا البحر المتوسط ووصلوا إلى أراضيها منذ 2013.

وأثارت السياسة الإيطالية الجديدة بإعادة سفن المهاجرين خلافا حادا بين اعضاء الاتحاد الأوروبي في حزيران/يونيو، انتهت بموافقة الحكومة الاشتراكية في أسبانيا على استقبالهم في مرفأ بلنسية.

والاثنين أعلن مصدر حكومي إسباني لفرانس برس أن بلاده لا تنوي تكرار مبادرتها بالسماح مجددا برسو "أكواريوس" في مرفا بلنسية قائلا "ليس المرفأ الأكثر أمانا" للسفينة.

وتعرض ماكرون في حزيران/يونيو لانتقادات المعارضة اليسارية على خلفية عدم توفير ميناء آمن في فرنسا، التي كانت ثالث الدول قربا من موقع أكواريوس بعد إيطاليا ومالطا.

وعرض قادة جزيرة كورسيكا الفرنسية استقبال المهاجرين. كذلك، قال مدير ميناء سيت الفرنسي على ساحل المتوسط الاثنين إنه على استعداد للسماح للسفينة بالرسو في الميناء في حال أعطت الحكومة موافقتها.

والثلاثاء قال رئيس البرلمان الإقليمي في كورسيكا جان غي تالاموني لمحطة "بي إف أم" التلفزيونية "إذا أُغلقت الموانئ الأقرب يجب أن تُفتح تلك القريبة".

وتابع تالاموني "تركنا إيطاليا وحيدة في التعامل مع المشكلة، لكنها مشكلة تواجه أوروبا بأكملها". واستقبلت فرنسا 78 مهاجرا ممن كانوا على متن أكواريوس بعد رسوها في بلنسية.

وكان الرأي العام الفرنسي خلال الأزمة الأولى معارضا لاستقبال مهاجري أكواريوس، والثلاثاء أعرب حزبا الجمهوريين (يمين) والتجمع الوطني (يمين متطرف) عن معارضتهما رسو السفينة في الموانئ الفرنسية. واقترح متحدث باسم التجمع الوطني رسو السفينة في أحد الموانئ التونسية.