السلطان قابوس يجمع الفرقاء حيا وميتا

قادة من العالم kiوالمنطقة يقدمون التعازي للسلطان الجديد في مسقط المتوقع ان تنتهج نفس السياسة الخارجية للسلطان الراحل.

دبي - التقى قادة من العالم والمنطقة، كثير منهم على خلاف، بسلطان عمان الجديد الأحد لتقديم واجب العزاء في وفاة السلطان قابوس بن سعيد الذي ساعدت دبلوماسيته الهادئة على مدى خمسة عقود في السلطة في تهدئة الاضطرابات بالمنطقة.
وتعهد سلطان عمان الجديد هيثم بن طارق آل سعيد بعد توليه السلطة السبت بانتهاج السياسة الخارجية لسلفه، الذي حظي بدعم الغرب، والتي حققت بها مسقط التوازن في العلاقات بين جارتيها الكبيرتين السعودية وإيران وأيضا الولايات المتحدة.
وكان ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والشيخ تميم بن حمد ال ثاني امير قطر التي تشهد بلاده أزمة مع جيرانها، من بين الذين زاروا قصر السلطان في مسقط، إضافة إلى وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، الخصم اللدود للسعودية والإمارات.
وقالت إلينا ديلوجر وهي الزميلة الباحثة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى عن السلطان الجديد "سيكون تحديه من الآن فصاعدا هو الإسراع بتكوين علاقاته الشخصية مع الشركاء الأجانب وتوضيح موقفه المرجح أن يبقى على نفس مسار السياسة الخارجية لعمان".
وتمكن السلطان قابوس، الذي توفي يوم الجمعة عن عمر 79 عاما، من الحفاظ على حياد سلطنة عمان، إذ لم تنحز مسقط لأي طرف في الخلاف الخليجي مع قطر وساعدت في التوسط في محادثات سرية بين واشنطن وطهران عام 2013 أفضت بعد ذلك بعامين إلى إبرام الاتفاق النووي الدولي الذي انسحبت منه واشنطن في 2018.

من دون شك، ستظل عمان تتبع نفس النهج حيث قدم لها هذا النهج الكثير

ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب السلطان قابوس بأنه شريك حقيقي لبلاده، عمل مع تسعة رؤساء أميركيين مختلفين.
وأضاف في بيان "جهوده التي لم يسبق لها مثيل من أجل الحوار وتحقيق السلام في المنطقة أظهرت لنا أهمية الإنصات لكل وجهات النظر".
وقالت الحكومة البريطانية إن رئيس الوزراء بوريس جونسون والأمير تشارلز وصلا إلى مسقط من أجل مراسم العزاء لأطول الحكام العرب بقاء في السلطة والذي أصبح سلطانا في انقلاب عام 1970 بمساعدة من القوة الاستعمارية السابقة بريطانيا. ومن بين الشخصيات الغربية الكبيرة التي توجهت إلى مسقط أيضا الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.
وتولى السلطان هيثم السلطة في وقت يشهد توترا متصاعدا بين إيران والولايات المتحدة قد يزعزع استقرار منطقة حيوية بالنسبة لإمدادات النفط العالمية.
وبوفاة السلطان قابوس، يصبح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح (90 عاما)، والذي كان في مسقط أيضا الأحد، آخر الزعماء القدامى في منطقة الخليج. 
ويرجح محللون أن يحافظ السلطان الجديد على إرث قابوس ويستمر في سياسته التي جلبت الاستقرار السياسي إلى السلطنة في منطقة غالبا ما تعصف بها الأزمات.
وتوجّهت الدول الغربيّة مرارا إلى مسقط لتطلب منها التوسط ليس في النزاعات الإقليميّة فحسب، لكن في قضايا دولية أيضًا، بما في ذلك الاتّفاق النووي مع إيران في عام 2015.
وتعهد سلطان عمان الجديد هيثم بن طارق بعد تعيينه بمواصلة سياسة بلاده الخارجية القائمة على "عدم التدخل".

وقال السلطان الجديد (65 عاما) في أول تصريحات له بعد تنصيبه "سوف نرتسم خط السلطان الراحل مؤكدين على الثوابت، وسياسة بلادنا الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لغيرنا".
وأبقت السلطنة على قنوات اتصال مفتوحة مع إيران والمتمردين الحوثيين في اليمن وحتى مع اسرائيل التي لا ترتبط معها بعلاقات رسمية.
ويرى عضو هيئة تدريس في قسم التاريخ في جامعة الكويت والزميل في مركز كارنيغي بدر السيف أنه "من دون شك، ستظل عمان تتبع نفس النهج حيث قدم لها هذا النهج الكثير".
وتابع "بما أن الأسرة (الحاكمة) ارتضت خيار قابوس في تسمية الحاكم، فمن الطبيعي ان تستمر في سياساته الخارجية حيث هذه السياسات قدمت الكثير لعمان، ولا سبب لتغيير النهج".
وقال السيف لوكالة الصحافة الفرنسية إن " طريقة تعاملهم (الأسرة الحاكمة) وسرعتهم رسالة للمواطنين والجيران إن الأمور تحت السيطرة".
وكان السلطان الجديد يتولى في السابق رئاسة لجنة الرؤى المستقبلية المكلفة التخطيط لمستقبل عمان حتى عام 2040.
وقالت كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن "الضمان الأفضل لحياد عمان سيكون عبارة عن إعادة هيكلة اقتصادية ناجحة تعتمد على شعبها وتتجنب الاعتماد على أي قوة أخرى".
حافظت مسقط على علاقات جيدة مع طهران بينما بقيت في مجلس التعاون الخليجي، رغم العداوة العميقة بين السعودية وإيران.
وكانت الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تشارك في حملة التحالف العسكري بقيادة الرياض ضدّ المتمرّدين الحوثيين اليمنيين.

محللون: من مصلحة السلطان هيثم الاستمرار على نهج سلفه
محللون: من مصلحة السلطان هيثم الاستمرار على نهج سلفه

وبعد أكثر من خمس سنوات على اندلاع الحرب بين الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والمتمردين، لا تزال سلطنة عمان أرضًا محايدة حيث عقد الجانبان محادثات.
كما تستقبل عمان مجموعة من قيادات المتمردين، الذين غالبا ما يلتقون فيها سفراء دول غربية.
وتقول الخبيرة في شؤون الخليج سنام فاكيل من معهد "تشاتام هاوس" البريطاني إنه "من مصلحة (السلطان الجديد) تقديم نفسه كشخص سيدعم الاستمرارية ويواصل إرث قائد مثل قابوس الذي كان يعتبر ناجحا".
وبحسب فاكيل فإن الاستمرارية "مهمة للغاية" لأن "سلطنة عمان تواجه نقاط ضعف اقتصادية بالإضافة إلى تحديات (داخل الخليج) مع مخاوف تتعلق بالسنوات الأخبرة الماضية عندما رأينا سياسة خارجية سعودية وإماراتية حازمة للغاية".
واعتبر ظريف أن وفاة سلطان عُمان قابوس "خسارة للمنطقة".
ويؤكد مراقبون إنه على الرغم من رحيل قابوس فإن خبرة سلطنة عمان الدبلوماسية واستعدادها لخوض مفاوضات تتسم بالسرية في العادة أمر يتجاوز السلطان نفسه.