"الشيخ الرئيس ابن سينا" تحصد جائزة الأمير عبدالله الفيصل العالمية

الشاعر المصري فوزي خضر يفوز بأول جائزة تنظمها أكاديمية الشعر العربي بجامعة الطائف السعودية في مجال المسرح الشعري.
قلة كتّاب المسرح الشعري يرجع إلى الطبيعة الفنية للمسرحية الشعرية
الجوائز الشعرية تقدم خدمة كبرى للحياة الثقافية العربية، فهي تفيد الشعر وتجدد شبابه وتحافظ على استمرار فن العربية الأول
المبدع الذي يتوقف عن الإبداع هو مبدع سابق، وكذلك الناقد الذي توقف عن متابعة الأعمال الإبداعية الجديدة هو ناقد سابق

فاز الشاعر المصري الدكتور فوزي خضر مؤخرا بجائزة الأمير الشاعر عبدالله الفيصل العالمية – فرع المسرح الشعري - في دورتها الأولى والتي تنظمها أكاديمية الشعر العربي بجامعة الطائف بالمملكة العربية السعودية.
وتحمل المسرحية الشعرية الفائزة عنوان "الشيخ الرئيس ابن سينا" وتقع في ثلاثة فصول، وعنوانها يدل على محتواها، فهي تتناول شخصية العالم العبقري أبي علي الحسين بن سينا، الذي قال عنه جورج سارتون: "ابن سينا أعظم علماء الإسلام، ومن أشهر مشاهير العلماء العالميين". له إنجازات علمية باهرة. ومسرحية فوزي خضر تتناول حياته وعطاءه العلمي من خلال نسيج درامي يتخذ من الشكل المسرحي الشعري وسيلة لتقديمه للجمهور المشاهد أو القارئ.
يقول الشاعر د. فوزي خضر عن عمله الفائز: استعنت فيه ببناء الشخصيات بواسطة حوار متصاعد يعتمد على الجمل القصيرة السريعة التي تحقق الحيوية للحوار، كما استعنت بكثير من تقنيات المسرح التي تحقق نوعا من الإبهار للمتلقي. وقد هدفت منها إلى تقديم أنموذج لعالم عظيم من أجدادنا، له مكانته الرفيعة في العالم وفي تاريخ العلم، وإلى تقديم مثل للشباب الذي يخلص في تحصيل العلم، ويعمل عقله لابتكار الجديد، ويجعل من علمه بابا لخدمة الناس وإصلاح أحوالهم، ويضاف إلى كل ذلك أن شخصية ابن سينا لم يتم تناولها مسرحيا من قبل، وقد أحببت أن أقدم للمسابقة عملا متفردا لعله يستحق الفوز وقد فاز والحمد لله.

جائزة الأمير عبدالله الفيصل، جائزة أدبية مَـنشؤها سعودي، وجهتها عربية عالمية، تستهدف تقدير المبدعين والمبدعات العرب المتميزين في مجال الشعر العربي الفصيح

وعن قلة من يكتبون للمسرح الشعري الآن يرى فوزي خضر أن الشعر في قمته العالية كان مسرحيا نضج على يد، سوفوكليس وأرسطوفانيس وغيرهما في الحضارة اليونانية، ثم وصل إلى قمة عالية أخرى على يد شكسبير، وسعى كبار الشعراء العرب إلى كتابة المسرح الشعري بدءا من أحمد شوقي، وبالرغم من أن الشعر المسرحي من أصول الشعر إلا أنه لم يعد إقبال على كتابته من الشعراء غير القليل. 
وهو يظن أن السبب يرجع إلى الطبيعة الفنية للمسرحية الشعرية، فأنت تحتاج إلى موضوع يستقطت اهتمام المتلقي، ثم بناء الشخصيات دراميا، بواسطة الحوار وحده، فلا مجال للوصف هنا. وتحتاج إلى تصعيد حوادث المسرحية وإلى الإمساك بالخيوط الدرامية، فلا يفلت إحداها منك خلال المسرحية، وتحتاج إلى أزمة تجذب انتباه المتلقي، وتقدم له ختاما يتقبله بعقله ومشاعره، إضافة إلى ضرورة أن يتحلى الكاتب بثقافة مسرحية عريضة، وبمقدرة شعرية عالية. لذلك كان أمرا منطقيا أن تشهد المسرحية الشعرية قلة الإقبال على كتابتها.
فوزي خضر عمل عددا من السنوات في إحدى جامعات المملكة العربية السعودية، وهو يرى أن الغربة أثرت إيجابا في مسيرته الشعرية وليس سلبا، فهو يستقبل كل ما يمر به من مواقف بإحساس الشاعر، لذلك يتحول كل ما يقابله إلى حالة شعرية، ومن هنا كانت الغربة والسفر والعمل خارج مصر معينا ساعد في اتساع الثراء في تجربته الشعرية، فتنوعت التجارب الإنسانية، والمواقف الحياتية التي تعامل معها، وتحولت جميعها إلى تجارب شعرية عبرت عنها دواوينه. أما وجوده على خريطة الشعر في مصر الآن، فهو متحقق لمن يقرأ خريطة الشعر قراءة واقعية، وعن مشاركاته في اللقاءات والأمسيات الشعرية، فهو منذ زمن بعيد لا يحضر إلا ما يستهويه من نشاط أدبي صادق.

جائزة الأمير الشاعر عبدالله الفيصل
جائزة عالمية جديدة

وعن الموقف النقدي من أعماله الأدبية المتتالية، واتجاه بعض المبدعين للكتابة النقدية قال: لا أتهم النقاد، لكني أرى أن هناك مبدعين لديهم الحس النقدي من ناحية، ولديهم القدرة على دقة البحث من ناحية أخرى، لذلك نجد المبدعين النقاد، وكثير منهم يمتلك أدوات الناقد المتعمق في البحث العلمي. والناقد مثل المبدع في مسألة الاستمرارية، لهذا فالمبدع الذي يتوقف عن الإبداع هو مبدع سابق، وكذلك الناقد الذي توقف عن متابعة الأعمال الإبداعية الجديدة هو ناقد سابق.
وعن تأثير شبكة الإنترنت في الأعمال الأدبية قال: كل ما يتوصل إليه العلم يفيد الإنسان في نواح متعددة، وشبكة الإنترنت لها دورها بالطبع في خدمة الأدب، ولا يمكن الاستغناء عنها، ووجودها ضروري، وأنا أفدت من وجود شبكة المعلومات الدولية في كثير من المعارف في تاريخ الأدب والتعريف بالأدباء، لكنها جعلت كثيرا ممن لا صلة لهم بالأدب ينشرون كتاباتهم – والشعر خصوصا – وأما ما يطلقون عليه شعرا وليس هو بشعر، ويجدون من يحييهم ويمجدون في تعليقات الفيس بوك من مجموعة من الجهلاء، فيظنون أنفسهم شعراء، ويتحول العجزة إلى الشاعر القدير والشاعرة القديرة بما يكتبون من غثيان.
فوزي خضر هو صاحب الكثير من الأعمال والمسلسلات الإذاعية والتي من أشهرها مسلسل "كتاب عربي علم العالم" الذي كتب له أكثر من ثلاثة آلاف حلقة، وأذيع على مدى سنوات طويلة في البرنامج العام بإذاعة القاهرة، وفي العديد من المحطات الإذاعية العربية الأخرى، وبالتأكيد أفاد من هذه في أعماله الشعرية، وهو يؤكد ذلك بقوله: ربما تحقق التصاعد الدرامي في شعري قبل اتجاهي إلى كتابة المسلسلات، أما المسرح الشعري فقد استفاد بالتأكيد من خبرتي الدرامية في تأليف البرامج والمسلسلات التي تعتمد على الحوار في رسم الشخصيات وتناميها عبر العمل، وقد تعلمت من الإذاعة كيف يكون الحوار سريعا وجذابا ومشوقا، وتعلمت كيف تكون الكلمة صالحة للنطق في العمل الدرامي، فهناك كلمات تضايق المؤدي، هناك فرق في النطق – على سبيل المثال – بين "فضعضعتُهما" و"فضعضعتُ كُلا منهما". كذلك تعلمت من الكتابة الدرامية ضرورة الاهتمام بمخارج الحروف إلى غير ذلك من الأمور التي أفادتني بغير شك في كتابة المسرح الشعري.
وعن انتشار الشعر الشعبي أو العامي في مصر، والنبطي في بلاد الخليج وتأثير ذلك على اللغة العربية الفصحى يقول فوزي خضر: لقد انتشر الزجل على يد ابن قزمان في الأندلس منذ منتصف القرن السادس الهجري، فهل أثر ذلك على الشعر الفصيح؟ وانتشر الزجل في مصر، والحُميني في اليمن، والشعر النبطي في السعودية ودول الخليج، فهل أثر ذلك على الشعر الفصيح في تلك البلاد، وفي غيرها من البلدان؟ أرى أن الشعر العامي أو الشعبي يمكن أن يكون وسيلة لانتباه الناس للشعر ومحاولة تذوقه، مثلما حدث مع قصائد الأبنودي في "جوابات حراجي القط" – على سبيل المثال - حيث كان الشعب المصري بكل فئاته ينتظرها ويستمع إليها وتلفت انتباهه التعبيرات الشعرية والصور الفنية، هذا لم يمنع الناس من المتابعة اليومية لفاروق شوشة بصوته العذب وهو يقدم برنامجه البديع "لغتنا الجميلة" ومتابعة البرنامج الشعري اليومي لنادية حلمي "قبل منتصف الليل"، فالشعر الشعبي ربما كان دافعا – أحيانا – لارتباط العامة بالشعر الفصيح بطريقة غير مباشرة إذا أحسنت وسائل الإعلام.

وعودة إلى جوائز الشعر العربية التي فاز شاعرنا مؤخرا بإحداها، وهي جائزة الشاعر الأمير عبدالله الفيصل التي تنظمها أكاديمية الشعر العربي في جامعة الطائف السعودية يرى فوزي خضر أن مثل هذه الجوائز تقدم خدمة كبرى للحياة الثقافية العربية، فهي تفيد الشعر وتجدد شبابه وتحافظ على استمرار فن العربية الأول، هي تشجيع للفائز وتحفيز لغيره، لهذا أرى هذه الجوائز ذات دور فعال في الثقافة العربية المعاصرة بصورة عامة، وفي الإبداع الشعري بصفة خاصة، وحين تمتاز الجائزة بالمصداقية والنزاهة مثل جائزة الشاعر الأمير عبدالله الفيصل العالمية للشعر فإنها تستحق احترامها واحترام القائمين عليها.
ويؤكد الشاعر المصري سعادته بحصوله على جائزة الشعر المسرحي من هذه الأكاديمية المتخصصة، خصوصا أن هذه الجائزة الثانية التي يحصل عليها من جهة أكاديمية، فقد سبق أن حصل على الجائزة الثانية على مستوى البلاد العربية في التأليف المسرحي عام 1994 في المسابقة التي نظمتها جامعة الملك سعود بالرياض، فكانت جوائزه في المسرح اعتمدتها جهات أكاديمية لهذا يعتز بها اعتزازا كبيرا.
يذكر أن أكاديمية الشعر العربي مؤسسة متخصصة في تنمية الشعر العربي، ودعم دراساته التاريخية والمعاصرة ونشرها، وتأهيل أصحاب المواهب الشعرية والنقدية وتطوير قدراتهم، ودعم الشعراء والنقاد وتشجيعهم وتكريم المبرزين والمتميزين منهم، وعقد المؤتمرات والمنتديات والندوات والمحاضرات المتخصصة، وإصدار التقارير السنوية عن الحالة الراهنة للشعر العربي، وغير ذلك من الأنشطة والفعاليات والبرامج.
أما جائزة الآمير عبد الله الفيصل،  فهي جائزة أدبية مَـنشؤها سعودي، وجهتها عربية عالمية، تستهدف تقدير المبدعين والمبدعات العرب المتميزين في مجال الشعر العربي الفصيح؛ الأصيل بِـنيةً المتجدد فكراً ورؤية، أطلقها الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة من خلال جامعة الطائف ممثلة في أكاديمية الشعر العربي. 
وتبلغ قيمة الجائزة (١٫٠٠٠٫٠٠٠) مليون ريال سعودي موزعة على ثلاث جوائز هي:  جائزة الأمير عبدالله الفيصل للشعر العربي. جائزة الأمير عبدالله الفيصل للشعر المسرحي. جائزة الأمير عبدالله الفيصل للقصيدة المغناة .