العراقيون والمهدي المنتظر

العراق ليس بلد المعجزات.

ربما ينتظر العراقيون ظهور "المهدي المنتظر" أكثر مما يأملون من السيد عادل عبدالمهدي أن يكون منقذا من الضلال، وهم يدركون فعلا أنهم بحاجة الى مهدي منتظر، يخلصهم مما آلت اليه الاوضاع في بلدهم، من تدهور على أكثر من صعيد، وأن يكون المنقذ هذه المرة بـ لباس مدني وليس عمامة!

وقد توصلت الى قناعة شخصية، الى أنه لو أنزل الله نبيا آخر على العراقيين لإخراجهم من محنتهم التي طال إنتظارها، فلن يؤمنوا به بعد الآن، ليس لقناعتهم أن النبي محمد عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم، هو آخر الأنبياء، ولكن لأن الأمور وصلت في العراق الى الحد الذي تتوقف فيه ربما كل المعجزات إن بقيت اوضاعهم على الشاكلة ويتحكم السلاح ومن يرفع البندقية في مستقبل بلدهم، ولا يرضى ان يكون هناك حاكما مدنيا يكون بمقدوره أن يقود البلاد الى بر الأمان.

دققوا في كل الأسماء التي تم إختيارها وتم التركيز عليها من أجل أن يكون رئيسا للوزراء في العراق، فلن تجد واحدا يمكن أن يصلح لمنصب كهذا، ولأن الأسماء التي تم تداولها لا جديد فيها، ولم تقدم شيئا للعراقيين، إن لم تعيدهم سنوات الى أيام الفوضى والانفلات واللامبالاة، كما أن الوضع الاقليمي والدولي مايزال هو من يتحكم برقاب شعبنا، ولهذا لن يكون للعراقيين القدرة على ان يقرروا بأنفسهم مستقبل بلادهم.

ولا يدري العراقيون بعد أن تحولوا الى حقل تجارب إن كان بوسع عادل عبدالمهدي أو غيره، أن ينهي مأساتهم، أو ينقلهم الى شاطئ الأمان، وها قد أيقنوا للأسف الشديد، أن الآخرين من خارج بلدهم، بضمنهم الأميركان، لا يريدون للعراق أن ينجح في اختيار شخصية تليق به، وتكون قادرة على أن تنتشله من وضعه المزري الى الحالة الأفضل، وتبدو مواقف الأميركيين ودول الجوار وبخاصة إيران، هي العقبة الكأداء التي تحول دون أن يتمكن العراقيون من أن يكون إختيارهم صحيحا، وهم بين ناري قوتين، تتصارعان على التحكم بالمشهد العراقي، مرة مناصفة وفي أخرى إظهار حالات التعارض وربما الإصطدام، وكأنهما هما من لهما الحق في تقرير مصير البلد والآخرون من أهل البلد هم الأتباع.

قد يندم العراقيون على رئيس الوزراء السابق الدكتور حيدر العبادي، بالرغم من ان الرجل لم يقدم معجزات لكنه استطاع ان يكون بيضة القبان في معادلة التوازنات الإقليمية، وقد صحح مواقفه في الفترة الأخيرة، بعض الشيء، وكان يميل الى الاعتدال والهدوء في المواقف خلال الأزمات، وقد يندم العراقيون لأنهم لم يجددوا له الولاية الثانية مرة أخرى، على طريقة "جرب غيري لتعرف خيري"، ليتأكد للعراقيين أن ما من يأتي لن يكون أفضل من سابقه في كل الاحوال.

ومع هذا، فإن العراقيين بحاجة فعلا الى معجزة آلهية، إن أريد لهم أن يخرجوا من عنق الزجاجة والوضع المزري الذي هم عليه الان، وتراهم يلتجئون الى الدعاء الى الباري عز وجل، عسى ان يرحمهم في قادم الأيام، من حالة القهر والضنك وفقدان الكرامة، ولكي يكون بالإمكان أن يعينهم رب السموات في التغلب على أزمتهم، ولكي يتم قيادة هذا البلد الى ما يتمناه هذا الشعب العريق، الذي خذله حكامه، في فترات زمنية متعددة، ولم يرتقوا الى حجم مكانته، ودوره الوطني والاقليمي والدولي، وراح كل من في نفسه مرض أن يتحكم بمصيرنا، حتى ضاع دم العراقيين بين القبائل.