العراق في عين العاصفة أم ماذا؟

الأحداث في العراق ولكن الاصداء في إيران.

وأخيرا وبعد أن قامت الميليشيات الشيعية العراقية التابعة لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بالكثير من التحرشات بالقوات الاميركية في العراق، فقد جاء الرد الاميركي الذي كان أقوى وأعنف وأشد تأثيرا من كل ما قد قامت به هذه الميليشيات من هجمات وتعرضات على القوات الاميركية في العراق. ومن دون شك فإن الولايات المتحدة قد وضعت الكرة في ملعب طهران وميليشياتها في العراق، وإن كان هناك من تصعيد غير عادي من جانب هذه الميليشيات فإن ذلك يعني بأن النظام الايراني في صدد سيناريو مواجهة مع القوات الاميركية عن طريق ميليشياتها، أي هي حرب بالوكالة من أجل إحداث تغيير في الموقف الاميركي. وقطعا فإن ذلك سيكون مكلفا للعراق رغم إن واشنطن صارت تعلم جيدا بأن هذه الميليشيات لا تقوم بأية خطوة أو إجراء هجومي ضد القوات الاميركية إلا بعد أن تأخذ موافقة من النظام الايراني. ولذلك فإن إحتمال أخذ هذه الحقيقة بالحسبان من جانب واشنطن سيوسع من دائرة المواجهة ويجعلها أقوى مما يمكن تصوره.

التصريح المقتضب لنائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي ‏المهندس، يوم الاثنين المنصرم على أثر الرد الاميركي أشار فيه ان دماء الشهداء والجرحى لن تذهب ‏سدا والرد سيكون قاسيا على القوات الاميركية في ‏العراق. لكن لا يمكن أخذ هذا الكلام على محمل الجد لأن النظام الايراني وقادة الاحزاب والميليشيات التابعة له عودوا العالم على التهديدات العنترية الفضفاضة من دون أي خطوة عملية تجسد ذلك، ذلك إن النظام الايراني يعلم جيدا بأن الرد كما عبر عنه أبو مهدي المهندس قد يسفر عن عواقب وخيمة. ومن الواضح إن النظام الايراني ولحد الان يحاول إمساك العصا من الوسط ولا يريد أن يصعد على أرض الواقع بل يكتفي بالتصعيد اللفظي والنظري فقط، ذلك أن الاوضاع الايرانية على مختلف الاصعدة وبشكل خاص الداخلية منها قلقة ويتحسب النظام من أي تطورات قد تكون بمثابة الشرارة التي تشعل نيران الانتفاضة مجددا ولاسيما وإنه يعلم بأن الشعب الايراني حاليا في وضع يمكن وصفه بإستراحة المحارب.

الرد الاميركي القاسي على ميليشيا حزب الله العراقي التابع لطهران والذي كان رسالة واضحة المعالم لطهران، جاء بعد تطورات ذات مغزى لعل من أهمها إن الاهتمام الاميركي بالانتفاضة الايرانية الاخيرة قد تجاوز الحدود المألوفة خصوصا بعدما طفقت الادارة الاميركية تردد نفس ذلك الرقم الذي أعلنت عنه منظمة مجاهدي خلق لأعداد القتلى الذين وقعوا أثناء الانتفاضة الاخيرة وهو 1500، كما إن الادارة صارت تردد الكثير من التعابير والمصطلحات التي تتعامل بها مجاهدي خلق في التصريحات والبيانات الصادرة عنها، وهذا يعني بأن واشنطن تحذر طهران بأنها ستذهب أبعد من ذلك في حال تطورت الامور وإن الورقة الداخلية الايرانية سيتم إيلائها أهمية وإعتبارا خاصا من جانبها ناهيك عن إن الاوضاع الداخلية الحالية في العراق هي الاخرى في غير صالح طهران وأذرعها العراقية. ومن هنا، فإن أغلب الظن هو إن النظام الايراني وأذرعه لن يتجاوزوا الخطوط أكثر من الحدود المألوفة لأنهم يعلمون عدم مقدرتهم على تحمل عواقبها، وحتى إن الاحتجاجات أمام السفارة الاميركية وما رافقتها من أحداث وتطورات، فإنه الذي يلفت النظر فيها نوعا من حفظ التوازن إذ أن إشتحال حربا أميركية ضد الميليشيات التابعة لإيران وإحتمال إمتدادها لإيران، لن تكون موضع ترحيب وتأييد من الشعبين العراقي والايراني على حد سواء بل وإن الشعبين يتمنون نهاية النظام وميليشياته في العراق والمنطقة كلها!