العنف ضد المرأة عائق في ضمان الأمن الغذائي

وباء كورونا فرض تحديا جديدا على علاقة المساواة الهشة بالأصل.
النساء يأكلن أقل ويأكلن أخيرا
يوجد ما يكفي من الغذاء في العالم لإطعام الجميع
المرأة عامل تغيير ولاعب رئيسي في نظام إنتاج الغذاء العالمي

كيف يؤثر العنف القائم ضد النوع الاجتماعي على الأمن الغذائي والتغذية؟

سلوك اجتماعي متوارث منذ قرون مضت، هد قواعد الأمن الإنساني بأبعاده المتكاملة، واتسعت به خارطة الفقر في العالم، وأذكى جذوة الصراع الطبقي في المجتمع الواحد.

حصدت النسوة النصيب الأكبر من العنف حول العالم، في ظل هذا العنف يسود انعدام الأمن الغذائي والفقر في العديد من الأسر، فالحرمان من الحق في المساواة هو في حد ذاته أحد أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، المعطل عن أداء دوره في حركة الحياة المنتجة.

 يُعرَّف الأمن الغذائي بأنه "توافر إمدادات غذائية كافية ومغذية ومتنوعة ومتوازنة ومعتدلة في جميع الأوقات من المواد الغذائية الأساسية للحفاظ على التوسع المطرد في استهلاك الغذاء وتعويض التقلبات في الإنتاج والأسعار".

يتحقق الأمن الغذائي "عندما يتاح لجميع الناس، وفي جميع الأوقات، الوصول المادي والاقتصادي إلى أغذية كافية ومأمونة ومغذية لتلبية احتياجاتهم الغذائية وتفضيلاتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية.

يوجد ما يكفي من الغذاء في العالم لإطعام الجميع، لكن عدد الأشخاص المتضررين من الجوع وسوء التغذية لا يزال مرتفعًا بشكل غير مقبول مع تأثيرات غير متناسبة على النساء والفتيات. يعد انعدام الأمن الغذائي والتغذوي ظاهرة سياسية واقتصادية تغذيها عمليات عالمية ووطنية غير منصفة، كما إنها أيضًا قضية بيئية حيث تؤدي الأساليب غير المستدامة بشكل متزايد في الزراعة المكثفة وتربية الماشية وصيد الأسماك إلى تلوث الهواء وتآكل الغذاء والماء، مما يساهم في تغير المناخ وانعدام الأمن الغذائي.

الأعراف الاجتماعية الضارة على مستوى العديد من الأسر خاصة في أرياف الدول النامية والتي هي مصدر الغذاء تعني أن النساء في كثير من الأحيان يأكلن أقل، ويأكلن أخيرًا، ويأكلن أقل قدر من الغذاء كما المعايير الجنسانية المتعلقة بملكية الأراضي والأصول والموارد تعني حرمان المرأة من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والمدنية والسياسية، وهو شكل من أشكال العنف الهيكلي.

يعتبر العنف القائم على النوع الاجتماعي من أكثر مظاهر عدم المساواة بين الجنسين تطرفاً وانتهاكاً أساسياً لحقوق الإنسان لما له من تأثير مدمر على قطاع الزراعة والأمن الغذائي من خلال الحد من قدرة وإنتاجية الناجين نتيجة المرض والوهن. فعلى الصعيد العالمي وعلى وجه الخصوص، في قطاع الزراعة والمناطق الريفية، حيث ينتشر العنف القائم على النوع الاجتماعي تشير الإحصاء ات إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء في المتوسط تتعرض للاعتداء الجسدي أو الجنسي في حياتها. يعد هذا أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في العالم، ولا يؤثر فقط على الضحايا والناجين، بل يؤثر أيضًا على عائلاتهم ومجتمعاتهم، فضلاً عن سلام وازدهار الدول ككل.

تُطرح مع انتشار جائحة كورونا تحديات جديدة على المرأة الريفية فيما يتعلق بأدوارها في الأمن الغذائي للأسرة، كمنتجة زراعية، ومزارعة، وعاملة في القطاع غير الرسمي ورائدة أعمال، حيث تُظهر الدراسات العالمية أن المرأة الريفية تتأثر بشكل غير متناسب بالأزمات الصحية والاقتصادية بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، الأمن الغذائي والتغذية، والوصول إلى المرافق الصحية والخدمات والفرص الاقتصادية، والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

بالإضافة إلى ذلك يزيد وباء كورونا من عبء عمل المرأة بسبب إغلاق المدارس واحتياجات الرعاية الإضافية لأفراد الأسرة، وتتوقع منظمة الأغذية والزراعة الدولية "الفاو" أن 130 مليون شخص آخرين يمكن أن يعانوا من نقص التغذية بسبب جائحة كورون، وسيؤثر هذا بالطبع أيضًا وبشكل خاص على النساء ومن المرجح أن يزيد العنف ضد النساء والفتيات.

النساء عامل تغيير ولاعب رئيسي في نظام إنتاج الغذاء العالمي، حقيقة تدعو إلى رفع وتيرة السعي الجاد نحو رفع قدراتها البشرية.

نحن بحاجة إلى تغيير المعايير الجنسانية الضارة التي تعزز العنف القائم على النوع الاجتماعي لضمان أن تتمكن النساء من التأكيد الكامل على حقهن في الغذاء وضمان الاعتراف بمساهمتهن الكبيرة في قطاع الزراعة وإنتاج الغذاء.

يعد القضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي أمر بالغ الأهمية، ليس فقط لأنه ينتهك حقوق الإنسان ولكن أيضًا يعزز القضاء عليه ضمان العديد من العوامل المساهمة في القضاء على العنف ضد المرأة في طريق أمن اجتماعي متكامل.