دمشق: إعادة تأهيل رئيس غير مؤهل

لحين حسم موضوع استبدال الرئيس، يبقى الأسد واجهة لحكم روسيا وإيران لسوريا.
إعلان فوز الأسد رئيسا هدفه إضفاء شرعية متجددة للتواجد العسكري الروسي والإيراني
بشار الأسد فقد شرعية بقاءه رئيسا في مجتمع ممزق

النظام السوري الفاقد لسلطة اتخاذ القرار، سيلتزم مجبرا بشرط بقائه مظهرا لسلطة بلا سيادة، حتى تتوافق مصلحة الأطراف المتنازعة في الشرق الأوسط على إنهاء دوره، وهذه حقيقة إستراتيجية يعرفها الرئيس بشار الأسد العائد على مركبة انتخابات رئاسية لا يجرأ على تخطي حدودها الحمراء.

انتخابات بلا نزاهة، لم تمتلك الشرط القانوني لتنظيمها في بلد تمزقه الصراعات، ويعيش الملايين من شعبه في مخيمات الشتات، لا يتجاوز إجراءها حدود القصر الرئاسي المعزول في دمشق، فهي لن تكن أكثر من إجراء إداري سيصادق مجلس الشعب بالتنسيق مع المحكمة الدستورية على نتائجها لإلباسها غطاء الشرعية.

المجتمع الدولي رفض مسبقا الاعتراف بنتائج انتخابات بلا شرعية، فقدت شروط نزاهتها في بيئة غير آمنة، وحرمت فئات الشعب الموزعة في المنافي والمخيمات من المشاركة بها.

عزلة يفرضها النظام السياسي المهزوز حين يعيد بإرادة القوى المهينة على سوريا تأهيل نفسه لمرحلة جديدة، عزلة داخلية يفرضها شعب لم يقبل ببقاء عهد قديم، وعزلة دولية عبر عنها مجتمع دولي صادق على قرار رفض إعادة تأهيل بشار الأسد واجهة حاكمة لروسيا وإيران.

انتخابات لا تستند على دستور جديد، يرتقي بطموح الشعب السوري، يضمن استعادة سيادته وأمنه، وفق ما أقره مجلس الأمن الدولي في قراره المرقم 2254 عام 2015، ستعزل سوريا عن محيطها الإقليمي والعالمي.

روسيا التي رسمت برنامج الانتخابات وآليات إجراءها في نهاية آيار/مايو الجاري، وضمنت نتائجها من قبل، ترى مع إيران أن هذا الموعد هو المخرج الآمن لسوريا، معتبرة موقف الدول الغربية الرافضة لانتخابات بلا مصداقية "تدخلا غير مسموح في الشؤون الداخلية لسوريا"

ما يجري على أرض الواقع غيّر المعادلة، فالدول اللاعبة في المشهد الراهن تضع مصالحها فوق أي اعتبار، انتزعت مفاتيح القرار السيادي، دون اعتبار لمستقبل وجود الشعب العربي السوري، وستمضي قدما في إجراء الانتخابات كما هو مخطط لها، وإعلان فوز بشار الأسد رئيسا لمدة سبع سنوات أخرى، لإضفاء شرعية متجددة للتواجد العسكري الروسي والإيراني على الأراضي السورية.

إسرائيل نفسها لم تحسم بعد قرارها برحيل بشار الأسد، فمسألة تغيير النظام السوري لا تقع ضمن أولوياتها، في ظل توافق رؤاها مع الجانب الروسي لإعادة تأهيله في مرحلة مقبلة.

معطيات راهنة أفرزها الواقع السوري، منذ اندلاع ثورة الرفض الشعبي لنظام وراثي، تجرد الانتخابات المزمع إجرائها في الأيام المقبلة من أي شرعية تعيد تأهيل سلطة متهاوية خاضعة لإرادة قوى خارجية وجدت فيه غطاء لضمان بقاءها.

 بشار الأسد، فقد شرعية بقاءه رئيسا في مجتمع ممزق، وهو المطارد بحزمة من عقوبات دولية، ستجره إلى دوائر القضاء الجنائي بما ارتكبه من جرائمه بحق الشعب السوري، وقد فقد ضمنا إعادة ترشحه في انتخابات رئاسية اتخذت قرارها القوى المهيمنة على سوريا.

انتخابات صورية في احتفالية زيف ديمقراطي، لن يشارك بها الشعب السوري الموزع في مدن النزاع ومخيمات اللجوء هنا وهناك في ظل أسوأ وضع إنساني وأمني على الإطلاق.

بيئة غير آمنة، تتقاسمها القوى الدولية والإقليمية والتنظيمات المسلحة، وشعب يعيش تحت طائلة الخوف والقلق والفقر، فئات منه تعاني التشرد في رحلة البحث عن مكان عيش آمن، لن تكون فيها انتخابات إعادة تأهيل نظام بلا شرعية سوى استهتار روسي إيراني بمصير الشعب السوري وتحدي إرادته في بناء وطن مستقل يمتلك مفاتيح سيادته.