العنف يطغى على الدراما الرمضانية في تونس

التونسيون يعبرون عن امتعاضهم من مسلسلات تفيض بمشاهد القتل والتعذيب والمخدرات، وخبراء يحذرون من تورط الدراما في ارتفاع معدلات الجرائم في البلاد.

تونس  - يحن التونسيون في كل شهر رمضان الى دراما عائلية خالية من مشاهد يطغى عليها العنف والبلطجة والسلاح ويعتبرون ان جودة المسلسلات الحالية من الناحية التقنية والمؤثرات الصوتية لا تخفي عيوب قصصها التي تغرس في نفوس الاجيال الناشئة في كثير من الأحيان ثقافة العنف والهمجية والتباهي بالاعتداء على الغير وانتهاك القانون.
وشهدت تونس منذ ثورة 14 يناير 2011 طفرة في القنوات التلفزيونية الخاصة، الا ان أغلبها سقط في فخ الرغبة في الربح السريع ولو على حساب جودة المحتوى والمضمون فطغت قصص القتل والإدمان والخيانة الزوجية والولادة خارج اطار الزواج على الدراما التونسية التي تفسخت عن جذورها وهويتها التونسية وأصبحت نسخة مشوهة لأعمال غربية شبيهة بأجواء شيكاغو.

ولخصت الدراما التونسية المجتمع في جانبه المظلم والقاتم وتناست وجهه المشرق والمضيء فنادرا ما نشاهد قصص نجاح او حكايات عن تماسك العائلات التونسية ووحدتها وتشبثها بالأخلاق والمبادئ او حكاية عن موهبة تسلقت سلم النجاح بكفاءة.
فأغلب المسلسلات تفيض بمشاهد التفنن في التعذيب والقتل كما أنها تسند أدوار البطولة لشخصيات منحرفة وعدوانية وتجعل مساحة ظهورها اكثر من بقية الممثلين مثلما حصل في مسلسلات عرضتها قنوات تلفزيونية تونسية وحكومية خاصة في السنوات الاخيرة على غرار "الأكابر" و"أولاد مفيدة" و"علي شورب" و"المايسترو" و"قلب الذيب" و"النوبة" و"الحرقة" و"اولاد الغول" و"الفوندو" .
ويدافع كتاب سيناريوهات الأعمال الدرامية عن  نصوصهم ويعتبرون أنها تنتصر لحرية الرأي والتعبير والابداع كما أنها تكشف عورات الواقع وتنقل الحقيقة دون تجميل ويؤكدون انهم يسعون من خلال اعمالهم الى احداث صدمة في المتلقي لحثه على التفكير وتغيير المظاهر السلبية،  الا ان شريحة كبيرة من المجتمع التونسي تعبر عن استيائها وغضبها وحتى امتعاضها من أعمال فنية تبث السموم في الأطفال والمراهقين وتشجعهم على الانحراف.
ويدق خبراء ناقوس الخطر من ارتفاع معدلات الجرائم في تونس، ويعتبرون ان الأعمال الدرامية متورطة في الترويج للعنف.
وتدخلت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا)، أكثر من مرة وطالبت صناع مسلسلات تضج بالدماء وبمشاهد الجروح وحطام السيارات والدمار بتأخير وقت عرضها والزامها بدفع غرامات مالية الا ان ذلك لا يثني صناع الدراما التلفزيونية عن المضي قدما في طريق يضمن لهم تحقيق نسبة مشاهدة عالية واقتناص نصيب وافر من كعكة الاعلانات.