الفشل دائما يكرر نفسه في كردستان!

يمكن تلخيص موقف السياسيين الأكراد: نظرة مشوشة وغير واضحة واستراتيجية غائبة وآلية مفقودة.
نفس الاخطاء ونفس طريقة التفكير التي لم تتطور منذ عقود
السياسيون الاكراد اجازوا لانفسهم التحكم على رقاب الناس والتصرف باموال الدولة حسب اهوائهم
احزاب كردستان تجاهلت كل نداء يدعو لنبذ الحزبية والتوجه نحو المؤسساتية في بناء المجتمع الكردي

امر السياسيين في اقليم كردستان عجيب، دائما يحاولون الهائنا بمشاكل جانبية شخصية وحزبية ويفرضوا علينا آرائهم الثابتة التي اكدت عقمها وعدم جدواها، يكررون انفسهم دائما ويعيدون نفس السياسات والشعارات الثورية الممجوجة التي كانت سائدة في الستينات والسبعينات من القرن العشرين حول الحرية والاستقلال والانفصال عن العراق، ولكن لا يعرفون كيف وبأي آلية؟ مجرد ترديد ببغاوي لاغير!

النظرة مشوشة وغير واضحة والاستراتيجية غائبة والآلية مفقودة، هكذا كانوا في السبعينات عندما فاوضوا حكومة البعث وظلوا على هذا الحال ايضا بعد 2003 لم يطرأ اي تغيير، نفس الاخطاء ونفس طريقة التفكير لم تتطور ابدا.

نصحناهم كثيرا بأنشاء مراكزبحوث ومؤسسات دراسية ذات صبغة وطنية غير حزبية ــ كما في كل بلدان العالم ــ تهتم بوضع الخطط الاستراتيجية لدعم ومساندة خطواتهم وسياساتهم ولكن لا حياة لمن تنادي!

ناشدت رئيس اقليم كردستان السابق مسعود بارزاني كثيرا بضرورة ان يحيط نفسه بمجموعة من المستشارين الاكفاء ذوي القدرة والجرأة على تقديم النصح وقول الحقيقة المجردة ولو كانت صادمة ومرة. انا لا الوم قادة الاحزاب الكردية الاتحاد الوطني وحركة التغييراو اي رئيس حزب آخر في الاقليم على تعين مستشارين لهم داخل احزابهم ومجموعاتهم الضيقة ولكن هذه المعادلة الحزبية المعمول بها لابد وان تتبدل وتتغير عندما نقترب من منصب رئيس الاقليم الذي هو رئيس لكل الاكراد وليس لحزب او جماعة معينة فحسب، وهو منصب خطير ينسحب تأثيره على الاقليم باكمله ان ايجابا او سلبا!

ان تمسك هؤلاء الساسة باهداب أحزابهم وعدم قدرتهم على الخروج من ثوابتها يعود بالاساس الى نظرتهم الخاطئة للمفاهيم الوطنية التي تربوا عليها حتى تحولت الى قناعات راسخة لن تتزحزح! فالحزب لديهم هو الوطن والوطن هو الحزب، وهما شيء واحد لا ينفصل احدهما عن الاخر، اذا قال الحزب قالت كردستان وفق قاعدة عروبية شائعة "اذا قال صدام قال العراق!" لذلك نجدهم تجاهلوا كل نداء يدعو الى نبذ الحزبية والتوجه نحو المؤسساتية في بناء المجتمع الكردي، لانهم ببساطة لم يروا اي فرق بين الحزب والوطن! المفهومان متداخلان، وهذا التفكير السقيم دفعهم الى الاعتقاد بانهم حقا مالكون اصليون للوطن ارضا وشعبا بموجب الشرعية الثورية "الجبلية" المسلحة، ولا يحق للاخرين بمنافستهم في هذا المجال، لذلك اجازوا لانفسهم التحكم على رقاب الناس والهيمنة على الحكم المطلق والتصرف باموال الدولة حسب اهوائهم وأطلاق اسماء شهدائهم وابطالهم على القاعات والمستشفيات والشوارع والمؤسسات الحكومية!

والان، وبعد سلسلة من الفشل والاخفاقات الكبيرة التي مني بها هؤلاء السياسيون سواء في تعاملهم مع بعضهم البعض او عند تعاملهم مع حكومات بغداد المتعاقبة، يتوجب عليهم مراجعة سياساتهم الخاطئة بما يوافق المتغيرات السريعة المتلاحقة التي تطرأ على المنطقة، ويرتبوا

افكارهم وفق آليات محددة واستراتيجية واحدة موحدة بحيث تفضي الى نتائج ملموسة ومعينة، بدل قيامهم بتوتير الاجواء وافتعال الازمات لاخفاء عجزهم وفشلهم.