المارد النووي الجديد يفرض شروطه

زرعت كوريا الشمالية العوائق النووية، وأضحت الرقيب غير المرغوب فيه في تقاطعات الطرق الرابطة بين أكبر الأسواق العالمية استهلاكا.
الاستفزاز الكوري الشمالي يكشف عن عجز أميركي غير منتظر
الحليف الصيني لن يترك كوريا الشمالية تجوع
بيونغ يانغ نجحت في الامتحان النووي وتخطت أصعب مراحله

انتهى عهد الرئيس دونالد ترامب، قبل أن يحقق أمنيته في مفاوضات مثمرة مع كوريا الشمالية المالكة لسلاح نووي خارج عن نطاق سيطرة المجتمع الدولي، جعلها تفرض الشرط الندي على واشنطن.

سلاح بيونغ يانغ النووي يقطع الساق الأميركية الممتدة في آسيا دون عراقيل انطلاقا من الشطر الجنوبي غير أبه بالمارد الصيني المتمسك في عصر التحولات بأعلى حالات المرونة في منتديات المجتمع الدولي.

والطريق الأميركية في متاهات آسيا، لم تعد سالكة في ظل ممرات غير آمنة، زرعت فيها كوريا الشمالية العوائق النووية، وأضحت الرقيب غير المرغوب فيه في تقاطعات الطرق الرابطة بين أكبر الأسواق العالمية استهلاكا، في القارات الخمس.

المفاوضات الأميركية – الكورية الشمالية لم تنقطع من أجل الوصول إلى طريق توافقي، لكنها مفاوضات تسير في أبطا سرعة، لم يفلح دونالد ترامب في تسريعها بما يتلاءم مع رغبة واشنطن الفاقدة لأوراق تفاوض أقوى، تاركا جو بايدن في متاهات البحث عن خيارات أخرى.

الوزير السابق مايك بومبيو ختم دوره في قيادة الدبلوماسية الأميركية، بالإعلان عن: "أن أنظمة الأسلحة التي تتملكها كوريا الشمالية تشكل خطرا حقيقيا على الولايات المتحدة، بينما الأسلحة الأميركية لا تشكل خطرا على أمن الكوريين الشماليين".

وأميركا العاجزة عن إيقاف الاندفاع الكوري الشمالي النووي لم تمتلك أية خطوات ممكنة في مجابهة المارد الأسيوي الجديد، الذي لا تنفع معه كل خططها العسكرية والسياسية في إزالة عراقيل منتصف الطريق الأميركي في محطاته الأسيوية.

بيونغ يانغ نجحت في الامتحان النووي وتخطت أصعب مراحله، واستقرت فوق أرض تفرض شروط قوتها، قبل أن تمنعها أميركا من أخذ مكانها الندي بين القوى الكبرى رغما عنها، وستفرض مستقبلا رؤيتها في عالم اقتصادي يقوده الثمانية الأغنياء فقط برعاية القوة الأميركية.

والسؤال الذي كان يدور في ذهن المراقب السياسي هو: ما هي الخطوات التي قد تتخذها الولايات المتحدة لضمان ألا تنجح كوريا الشمالية في امتلاك سلاح نووي؟

والآن أضحى السؤال بأي خطة إستراتيجية ستحتوي واشنطن تهديدات السلاح النووي لبيونغ يانغ؟

والاستفزاز الكوري الشمالي للعالم كما تراه أميركا المنشغلة فعلا في البحث عن بدائل لمواجهة أسيوية – أميركية، كشف عن عجز أميركي غير منتظر في القيام بفعل لشل النشاط النووي الكوري الشمالي، فأميركا لا تملك خيارا غير العقوبات الاقتصادية التي باتت سلاحا تقليديا في العرف الأميركي الطارئ في حروبها العالمية ضد شعوب أسيا وأميركا اللاتينية وأوروبا ولا خيار لها سواه.

لكن العقوبات الاقتصادية لم تجد نفعا مع كوريا الشمالية التي طوت من قبل سنوات عجاف، فالحليف الصيني لن يدعها تجوع وهي ظهير قوته الحقيقية في مواجهة الأميركي المحرك لقاطرة الاقتصاد العالمي.

اعتلت كوريا الشمالية ربوة عالية، وقف الزعيم كيم جونغ أون في قمتها معلنا أن بلاده لا تعتزم التقيد من جانب واحد بوقف تجاربها النووية إذا لم تتخذ الولايات المتحدة الأميركية خطوات مقابلة.

تسلسل في مواجهات غير متكافئة، بدأت بمنع امتلاك بيونغ يانغ من امتلاك سلاح نووي، إلى المطالبة بالتخلي عن السلاح النووي، إلى الدعوة بالتوقف عن المزيد من التجارب النووية، وضعت واشنطن في زاوية ضيقة أمام مارد نووي بدأ صغيرا.