الهويمل يضع تصورا لإقالة الشعر العربي من عثراته

الشعر بوصفه إبداعا قوليا، سيظل في جزر ومد، ولن يزول، ولكنه يضعف فترة، ويُهمش أخرى.
حركة الشعر تراجعت بشكل ملفت للنظر
الشعر الشعبي ينتشر في وقت طغيان الأمية
الشعر ليس مسئولية الشعراء، ولا النقاد وحدهم

يقدم الناقد السعودي الدكتور حسن بن فهد الهويمل في مناقشته لأبحاث النقاد الذي قدموا مشاركاتهم في تقرير حالة الشعر العربي الذي أصدرته أكاديمية الشعر العربي بجامعة الطائف 2019، يقدم مداخلة أو شهادة أدبية أكثر منها تقييما لما قدمه النقاد الذي ناقشوا حالة الشعر العربي في إقليم شبه الجزيرة العربية، مثمنا جهود الأكاديمية في محاولة إعادة سلطان الشعر كما كان في العصور الإسلامية والأموية والعباسية وحتى زمن الدول المتتابعة، وهي مهمة صعبة بطبيعة الحال. حيث لفت نظر الأكاديمية أن حركة الشعر تراجعت بشكل ملفت للنظر، وأن لهذا التراجع أسبابه، ومتى عرف السبب بطل العجب.
وهو قبل ذلك يقول عن الشعر إنه "جوهر"، تفني العوارض، وتبقى نواته بذرة مطمورة في تلافيف النفس، حى إذا أصابها الوابل أو الطل، انشقت عنها الأرض لتورق وتزدهر وتتفتح وتنتج. ويرى أن الشعر الشعبي ينتشر في وقت طغيان الأمية، وأن اللغة هُمشت مع الشعبي الشعبي، ولم يُهمش الشعر. أما الشعر بوصفه إبداعا قوليا، فسيظل في جزر ومد، ولن يزول، ولكنه يضعف فترة، ويُهمش أخرى.
ويعترف الدكتور الهويمل بأن الشعر العربي يمر بأزمة، وهذه قضية مسلمة، وما لم نأخذها بعين الاعتبار لتفاقمت الأمور واستحال تدارك الأمر. ويوضح أن المسئولية تقع على أقسام الأدب واللغة في الجامعات والكراسي الممولة في الجامعات والأندية الأدبية والصالونات الثقافية وسائر المؤسسات ذات الصلة كوزارة الثقافة ووزارة الإعلام والدارات، (وبخاصة دارة الملك عبدالعزيز)، والمكتبات ودور النشر والمراكز (وبخاصة مركز الملك فيصل)، فالشعر ليس مسئولية الشعراء، ولا النقاد وحدهم، إنه قضية أمة، لأنه جزء مهم من حضارتها وإرثها.
ولاحظ الهويمل تهميش الأدب السعودي بشعره ونثره، وقال إن التهميش امتد إلى الجامعات السعودية نفسها، لأنها – من وجهة نظره – اعتمدت في بادئ الأمر على الأساتذة (المتعاقدين) العرب الذين لم يُتح لهم التعرف على الأدب السعودي في جامعاتهم، ومن ثم ظلوا يدرسون آداب بلادهم باسم الأدب العربي. 

The case of Arabic poetry
الأكاديمية مهيأة لوضع الحلول المناسبة

ويرى أن من معوقات الشعر وعثراته، طغيان الإبداع السردي المتمثل بالقصة، والأقصوصة، والرواية، والسيرة الذاتية، والرواية السيرية، وأدب الرحلة وأصحاب الأساليب المتأنقة الذين أثاروا الاهتمام وشدوا الانتباه أمثال: الزيات وطه حسين والرافعي والمنفلوطي ومحمود شاكر وميخائيل نعيمة. فأولئك وهؤلاء زاحموا الشعر بسردياتهم الإبداعية وبمقالاتهم المتأنقة السهلة الممتنعة الممتعة.
ويؤكد أن الانفجار السردي غير المنضبط أذهب سلطان الشعر، وأحل مكانه سلطان السرد، الأمر الذي حمل الناقد الحداثوي (حسب قوله) جابر عصفور على القول: بأن الزمن "زمن الرواية".
ويتابع الهويمل: ومما زاد في غياب الشعر تقحم عوالمه بالأدعياء والمتسطحين ودعاة النثرية والغموض والأسطرة وتشرب شبه السريالية والدادية والحداثوية (لا الحداثة). ويرى أن عثرة الشعر واجب أمة ممثلة بالمقتدرين من الأكاديميين المتخصصين، ومن النقاد المتضلعين، ومن سائر المؤسسات ذات الهم والمسئولية الأدبية.
ويرى في مسألة ترجمة الشعر؛ أن الشعر لا يُترجم، لأنه إبداع في لغة، وإبداعيته تذهب حين تتغير اللغة. أما عن قيمة الشعر العربي في الآداب العالمية، فتكمن في الدراسات التاريخية، وتحقيق كتب التراث عن طريق الاستشراق العالمي، وعليه اهتم المستشرقون بالدراسات حول الشعر، ولم يهتموا بترجمة الشعر.
وهو يلخص رؤيته في مهمة أكاديمية الشعر العربي، في التعرف على المشكلة من جذورها، ومن ثم رسم "خارطة طريق" مناسبة تعتمد المنهجية الدقيقة والمعرفة التامة، والحوار الحضاري مع كل الأطياف وتفادي الصدام والأثرة، مؤكدا أن الأكاديمية مهيأة لوضع الحلول المناسبة، وبخاصة حين تستنهض همم الأقسام الأدبية في الجامعات المحلية، وجمع شتات النقاد والأندية والصالونات والكراسي ودور النشر وسائر حملة الهم الأدبي وتوحيد جهودهم وتحديد مناهج أدائهم.
وينهي الدكتور حسن بن فهد الهويمل مداخلته أو شهادته بقوله عن هذا المشروع: إنه يحتاج إلى وضع خطة متكاملة من خلال جهود متعددة المواقع، لتكون هناك إمكانية واقعية لإقالة عثرات الشعر.