'الوليمة' ليسر محمود يعكس طقوس وعادات الأجداد المطبخية

الفنانة التشكيلية تواصل أنشطتها الفنية والمتصلة بالبحث العلمي مستعرضة جزءا من التراث الطهوي.

الفنانة التشكيلية والجامعية يسر محمود تواصل أنشطتها الفنية التشكيلية والمتصلة بالبحث العلمي حيث كانت لها العديد من المشاركات الفنية والثقافية ومنها المعارض التشكيلية، فضلا عن الأعمال المشاريع ومنها مؤخرا "الوليمة" التي تقول عنها يسر "الوليمة هي من طقوس وعادات أجدادنا وهي جزء خصب لتراثنا الطهوي وممارساتنا الزوجية. يتم التفكير فيه في أنشطتي 'الأمومية' من خلال إمكاناته الجمالية والأخلاقية، القائمة على الشعور بالمشاركة والعطاء والكرم والمعاملة بالمثل والاهتمام بالآخرين. من خلال إيماءة الأكل والعيش معًا، تقدم الوليمة تجربة ودية وتذوق الطعام، حيث تدعونا جماليات الضيافة إلى إعادة التفكير في هذه الطقوس كعمل جمالي يغذي الروح والجسد معًا... وباعتباري فنانة أطمح، من خلال هذه التجربة الفنية وتذوق الطعام والبهجة، إلى تعزيز تقاليدنا الطهوية وتعزيز التضامن والوحدة، مع مواجهة الأعمال العدائية والفردية التي تنتشر بشكل متزايد في مجتمعاتنا. وهكذا تجسد 'الوليمة' جماليات الضيافة، من خلال خلق تجربة فنية غير مرئية، تجمع بين فن الطهي والمشاركة والعيش المشترك، مع تعزيز المساهمة الأمومية في نقل ثقافتنا...".

عمل مميز بأبعاده ودلالاته الفنية الثقافية الحضارية والوجدانية الإنسانية ومن خلاله تتواصل الفنانة يسر مع بحثها ومبادراتها المتعددة والمفتوحة على مجالات ثقافية إبداعية شتى وفي هذا السياق كانت لها تجارب سابقة لقيت تقبلا واستحسانا ومنها الأنشطة المشكلة لتظاهرة "نيارة2" الإبداعية بمدينة بني خلاد الواقعة بجهة الوطن القبلي شرق البلاد التونسية بالرسم على الجدران للفنان حسين معلال ضمن إضفاء جماليات معينة على المكان وفي فضاءات مفتوحة وعمومية كانت الأنشطة قي تفاعلاتها مع الجمهور، وذلك بدعم من وزارة الثقافة ومندوبية نابل الثقافية وبلدية بني خلاد ونادي الفروسية ومؤسسات أخرى ضمن مشروع تونس مدينة الفنون ..

كان الموعد مع عرض قياسي بعنوان "تخييلة" ليسر محمود ومجموعة من الفنانين في سياق العلاقة بين التراث ورمزية المكان وتكريما للراحل فقيد الفروسية محرز بن ميلاد  ..

ومهرجان الأضواء "لوميناريا" وفيه أبعاد تشكيلية وجمالية وفلسفية.. وتأتي نيارة2 بعد نيارة1 لسنة 2016 حيث تقول عنها الفنانة يسر صاحبة العمل بخصوص هذا التوجه في العلاقة بين التراث والفن "إن العلاقة بين التراث والفن التشكيلي هي علاقة عضوية ومصدر إلهام المبدعين المجددين.. وتوظيف التراث فنيا يتطلب البحث والتنقيب والإدراك، فحاولت قدر الإمكان تذهين التظاهرة والتدقيق في تفاصيلها بدءا من وضع المسلك انطلاقا من كيب العسة إلى دخول بوطبيلة معلنا عن نهايتها رتبت التظاهرات حسب مسلكين مقتضبين وبإمكانيات خلاديه بحتة اشترطت فيها على نفسي وعلى الفنانين أن تخضع مداخلاتهم إلى معاينة للواقع المعيشي الخلادي.. وتميزت تظاهرة نيارة من حيث المنهج والمضمون واللمسة الفنية بانخراطها في تقنيات الفن المعاصر، كفن البارفورمانس والهابنينق وباستلهامها معطيات تراثية محلية ومحاولتها الجادة في تحريك الفضاء الثقافي وبشحذها الهمم واستفزازها للفكر عن طريق محاورة الرموز والإيحاءات التي تزخر بها الآثار الفنية وقراءتها بمستويات متعددة.. هي تجليات فنية فيها 'تخييلة' .. وعدة فقرات .. فالفروسية استذكار للراحل محرز بن ميلاد حيث العلاقة يبن الحصان والفارس وبين الفارس المعلم والابن فالمكان المستعاد ساحة قصر دار سعيد الرحبة والميدان واسترجاع بريق المكان المضمحل منذ 40 سنة وتذكر ألعاب عم سالم بريمة في ذات الساحة حيث تقديم العمل ضمن مشاريع وبرامج ساحات الفنون وهنا تبرز بني خلاد بساحتها وينتظر حضور وزير الثقافة لأهمية العمل .. تخييلتنا هي تجليات ضمن المقروئية التشكيلية للتراث بحرية وفق قيم وأبعاد رمزية... تجليات بمثابة المنجز التشكيلي متعدد الممارسات الفنية والثقافية والإبداعية عن تصور ورؤية وإنجاز للفنانة التشكيلية يسر محمود شاشية ..."..

وبارفورمانس بعنوان "ترى - ب- العين القارص في.. مارس" هي لعبة باذخة وفق النظر بعين القلب من قبل فنانة تسعى للسفر في دروب المغامرة للقول بالفن كمجال لتحريك السواكن وقتل الرتابة والإرباك الموحي بالديناميكية في مجتمع يعيش تحولات2.. نعم هي فكرة الفن في احتفائه المخصوص بالمكان والزمان وما بينهما جامعا وراويا وساردا للتفاصيل بين الحلم والنوستالجيا والمعرفة والجدل ..نعم.. هكذا.. للأمكنة عطورها الباذخة وذاكرتها المثلى ولذلك فالمكان مكانة .. وللكائن أن يفتح كلمات وطقوس الوصل مع المكان باعتباره حاضن حياة وألوان وينابيع.. والفنان هذا المسافر في الخيال والتخييل بوسعه المثول أمام هكذا حلم نحتا للذات وتثمينا للعلو ومن هنا كانت الفكرة.. بني خلاد مجال شاسع للقول بالتذكر والحلم والخيال وهو كمكان يمنح الناس شيئا من حالات الوجد والنشيد المبثوث في التواريخ والذاكرة من ألق وتجليات في المظهر والسلوك والقيم والعلاقات وبالنهاية في موروث ثري وحاضر حالم فمن يقتحم عوالمه.. فعلا كانت المبادرة وكان الاقتحام الجريء من قبل فنانة تشكيلية حالمة هي يسر محمود شاشية التي قضت السنوات وهي تحلم بعناق ثقافي فني إبداعي تجاه المكان .. بني خلاد مسقط الرأس وحاضن الطفولة وحكايات الجدة.. وقد حققت قدرا مهما من هذا الحلم في الإهمال التي تنفذها منذ سنوات "ترى -ب-العين القارص في. مارس"  ..

ومن ذلك ما تقوله الفنانة عن العنل "مارس هذا ما كتبه القارص حتى نرى بالعين التي قد تحرقها حموضته ..... عرض قياسي قدم بساحة الثورة والفنون ببني خلاد قبل يوم من عيد الاستقلال.. بما أن بلادي ومسقط رأسي بني خلاد معروفة بإنتاج القوارص، وبما أن للقوارص مزايا صحية وجمالية .. نشير أيضا إلى مواكبة الأطفال لهذا العمل ومنهم الطفل أحمد الذي رسم الحدث بطريقته الفنية وهو الموهوب.. المرايا .. القوارص .. الرمل .. القشور.. العيون .. الأجساد.. مواد اجتمعت أو أدت من خلالها الفنانة دعوتنا إلى تقاسم التجربة بفتح أبصارنا وعيش لحظات القلق والمعاناة بيسرها وعسرها وخصوبتها التي تحملها الفنانة... نعيش تجربة الكشف والاكتشاف التي تبرز أهمية الفنان بما هو فاعل اجتماعي وثقافي ولعل مثل هذه المبادرات المكتملة وغير المكتملة تخرج المدينة من صمتها ... عمل فني مفتوح على القراءات والتأويل تنجزه فنانة تسعى للسفر في دروب المغامرة للقول بالفن كمجال لتحريك السواكن وقتل الرتابة والإرباك الموحي بالديناميكية في مجتمع يعيش تحولات ويحلم كغيره من الشعوب .. والفن هو بالنهاية هذا السؤال وما يحف به من تلوينات فادحة في جمالياتها وآفاق تلقيها وانتظاراتها..".

تجارب وأعمال للفنانة والباحثة يسر وصولا إلى هذا العمل مؤخرا ونعني به "الوليمة" التي تقول عنها يسر "...الوليمة هي من طقوس وعادات أجدادنا وهي جزء خصب لتراثنا الطهوي...".