انتصار عبدالمنعم: أعشق أسماك البحر وكائناته

في إسبانيا كنت حريصة على تجربة الأكلات التي تشتهر بها، مثل ساندويتشات الكالاماريس، والأكلة الشعبية التي يختلف أسلوب تقديمها من مكان لآخر وهي طبق "الباييه".
السمكة المشبعة باليود، أعتبرها شيئا يجلب البهجة، وكفيلا بطرد كل الطاقة السلبية من المكان
أدكو تتميز عن غيرها في الأكلات المتعلقة بالأسماك

إنتصار عبدالمنعم، روائية وقاصة وكاتبة أدب أطفال مصرية، حاصلة على عدد من الجوائز العربية والمصرية في الرواية والقصة وأدب الطفل منها، جائزة الدولة التشجيعية في الآداب، وجائزة سلسلة الكتب الثقافية للأطفال لمكتب التربية العربي لدول الخليج، وجائزة إحسان عبدالقدوس في القصة، وجائزة دكتور عبدالغفار مكاوي في القصة باتحاد كتاب مصر، وجائزة يوسف أبورية في الرواية باتحاد كتاب مصر، وتم تكريمها عن أديبات مصر في مؤتمر أدباء مصر 2011 لإسهاماتها الأدبية المتنوعة. ولها العديد من الاصدارات المتنوعة في الرواية والقصة القصيرة والتراث وأدب الطفل. 
ولدت الكاتبة إنتصار عبدالمنعم في مدينة إدكو، وتعيش في الإسكندرية، وتنقلت بين عدد من المدن والدول، جميعها يغلب عليها البيئة البحرية، ولذلك جاءت كل ذكرياتها، وخبراتها مع أنواع الطعام مرتبطة بالبحر وأسماكه وكائناته البحرية.
أحلى أكلات الطفولة؟
 الدنيس المشوي، ولذلك قصة طريفة، والدي ضابط بحري، كان يقضي الليل أحيانا في مكان عمله، وهو من هواة الصيد، فكان يقوم بصيد الدنيس في أثناء الليل، ولأنه لم يكن لديه ثلاجة في ذلك الوقت، كان يضعه على النار بطريقة سريعة، أي نصف شواء كي لا يفسد، ثم يعود إلى البيت صباحا، فأستيقظ على رائحة الدنيس الشهية، فيكون الفطور بدلا من الفطور العادي، وهكذا منذ الطفولة وأجمل وأشهى الأكلات من الأسماك. بالإضافة إلى شيء آخر أحبه إلى اليوم، وهو الطيور المهاجرة، مثل السمان والغر والشرشير، والبلبول وفراخ الهيش، رغم أن بعضها أصبح نادرا اليوم، لكن عن طريق بعض الأصدقاء يصلني ما أحتاج. 

لا أتناول أي طعام بين وجباتي المعتادة، وإن شعرت بالتعب أو الإرهاق أثناء الكتابة، أتناول التمر، أو ثمرة خيار، أو فاكهة

أشهر أكلات مكان نشأتك أدكو؟
كل الأكلات المتعلقة بالأسماك، وخاصة أسماك البحيرة، ولكن هناك ما تتميز به إدكو عن غيرها، مثل شوربة أصداف"، "أم الخلول" سواء البيضاء أو الحمراء، وأعتقد أن لا أحد يفعل بأم الخلول مثلما نفعل بها، شوربة الأسماك معتادة في بيئات مختلفة، لكن في إدكو، أم الخلول تكون مملحة، ومقلية، وشوربة بيضاء وحمراء وتؤكل مع الأرز الأبيض. وأنا في كتاباتي، تعمدت المحافظة على هذه التقاليد في الطهو والارتباط بالبحر، سواء في المقالات التي أرصد فيها التراث الشعبي لمدينتي، أو في القصص والروايات مثل روايتي الأخيرة "جوكات - حكايا الدار الحمراء" التي صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
أحلى الأكلات أثناء سفرك لأسبانيا؟
في إسبانيا كنت حريصة على تجربة الأكلات التي تشتهر بها، مثل ساندويتشات الكالاماريس، والأكلة الشعبية التي يختلف أسلوب تقديمها من مكان لآخر وهي طبق "الباييه" وهي عبارة عن أرز مليء بالكائنات البحرية مثل الجمبري وأنواع مختلفة من المحار وبعض الخضروات، وهناك إضافات أخرى حسب المطعم مثل إضافة الحبر الأسود للحبّار (السبيط) مع الخلطة فيبدو الطبق أسود اللون. أيضا كنت لا أتخلى عن أكل شرائح سمك السالمون الطازجة بلونها الوردي.
وفي الصباح، وفي الجو البارد أفضل تناول فطور بسيط لكنه مغذي ومليء بالطاقة CHORROS . وهو عبارة عن شيء يشبه "بلح الشام" لكن من غير سكر وأطول وأخف، ومعه فنجان كبير من الشيكولاته الساخنة جدا والثقيلة بدون أي إضافات. 
وطريقة الأكل، نأخد واحدا من شبيه بلح الشام، ونغمسه في الفنجان ثم بالهنا والشفا. والمكان الذي تناولته اسمه (أوه لا لا) كما هو موضح على الطبق، وفي المدينة التاريخية (alcala de henares ) مسقط رأس ميجيل ثيربانتث. كذلك جربت أنواعا مختلفة من الفواكه والخصروات.
أجمل وأشهى أكل المزارع بما أنك تمتلكين مزرعة خاصة بك؟
ليست مزرعة كبيرة، ولكنها حديقة ملحقة ببيتي الصيفي، أستخدمه كاستراحة أخلو فيها بنفسي بعيدا عن ضوضاء المدن، وأزرع فيها أشياء متعددة، أتناول كل شيء يخرج من الأرض، فأنا لا أستعمل المبيدات أبدا، كل شيء لدي أصلي (أورجانيك)، أعشاب الأرض أقوم بتناولها خضراء دون طهي، ومنها ما أطهوه على البخار، لأني توقفت منذ زمن بعيد عن استخدام الزيوت والسمن والسكر في مطبخي. أما الفاكهة، أعتمد على ثمار الباباز  للاستغناء عن فاكهة السوق المليئة بالهرمونات والمبيدات. وأيضا لدي أشجار متفرقة يوسفي، برتقال، قشطة، نخيل، بلح، قصب أبيض، توت عماني طويل الثمرة، وغيرها.

أفضل أنواع الأسماك والمأكولات البحرية بالنسبة لك؟
أنا أحب كل ما يخرج من البحر، أحب استكشاف طعم الكائنات الغريبة، جربت سمك القرش، ووطواط البحر، ثعابين البحر المبرقشة، عقارب البحر أو "شيكال" بلغة أهل بورسعيد. وأحب من الأسماك الدنيس والقاروص، والشعور والهامور. باختصار كل أنواع الأسماك أنا مغرمة بها، وأتناولها في أي وقت من اليوم. أحب كل أنواع المحار سواء البني أو الأسود بأنواعه وأحجامه. وطبعا الكابوريا والجمبري من البديهيات. وهذه الأنواع لها خصائص وعادات وموسم للصيد وللأكل، ومعرفتي بهذه المعلومات أفادني كثيرا عندما كتبت روايتي "كبرياء الموج" التي صدرت عن دار الهلال، وأيضا "جوكات" ومجموعاتي القصصية.
أفضل الأكلات التى تحبين طبخها؟
السمك بالخضروات ملفوف في ورق الفويل في الفرن، وحساء المحار الطازجة.
حلوياتك المفضلة؟
أنا نادرا ما أتناول الحلوى، وإن فرض علي تناولها، أتناول جزءا بسيطا، أنا أفضل الفاكهة عن الحلويات.
مشروبك المفضل؟
مشروبي المفضل "القهوة" ورغم ذلك لا أتناول إلا فنجانين في اليوم فقط، واحد في الصباح في بداية اليوم، والآخر في نهاية اليوم وأنا أراقب غروب الشمس. والعصائر الطبيعية، وغير ذلك لا أتناول إلا الماء المضاف إليه الليمون الطازج، أما خارج البيت، أتناول اليانسون بدون سكر إن لم يوجد عصائر طازجة، وعندما أكون في صحبة أحب شرب الشاي، لا أشربه بمفردي أبدا.
أكثر أكلة تتمنى أن تأكليها؟
 أتمنى تجربة لحم الحوت، لأنه غير متوفر في مصر حسب علمي، حتى في المولات المتخصصة في استيراد مستلزمات السوشي لم أجده
كتابك المفضل عن الطعام؟
أفضل البرامج أكثر من الكتب، ولا أعني برامج تحضير الأكلات المنتشرة في كل القنوات، بل أحب البرامج التي تتحدث عن عادات الشعوب وأكلاتها، وبرنامج أكل الشوارع، حتى برامج المغامرات لـ "بيير جريل"، أتعلم منه كيفية التعايش مع البيئات المحيطة ومعلومات عن الكائنات الصالحة للأكل في الغابات والصحاري وغيرها. وهذا لا يعني أني سأجرب أكل الديدان والسحالي والجراد الآن مثله، ولكن من يدري ماذا سيحدث في المستقبل؟ عن نفسي أنا استفدت من هذا البرنامج الكثير، وكذلك برنامج "المستعدون من أجل اليوم الأسود" وبدأت بالفعل في تخزين ما قد يصلح للأجيال القادمة مثل بذور النباتات والأشجار المستنبتة طبيعا بلا تعديلات جينية.
أكلتك المفضلة أثناء الكتابة؟
أنا لا أتناول أي طعام بين وجباتي المعتادة، وإن شعرت بالتعب أو الإرهاق أثناء الكتابة، أتناول التمر، أو ثمرة خيار، أو فاكهة. وإن اشتد الإرهاق وشعرت ببوادر اكتئاب، أخرج من كنزي المخزون في الفريزر وغالبا ما يكون سمك "البطاطا" وهناك من يطلق عليها اسم "صافي" لأنها ليس لديها قشور على جسدها، هذا النوع من السمك لمن لا يعرفه قد يسبب له الأذي لو كان حيا، حتى وهو في الفريزر لا بد من الانتباه لشوكتي البطن والظهر وهنا مكمن الخطر، ماعدا ذلك فهي لذيذة جدا، لها رائحة مميزة لأنها تأكل أعشاب البحر الخضراء، بالنسبة لي رائحة هذه السمكة المشبعة باليود، أعتبرها شيئا يجلب البهجة، وكفيلا بطرد كل الطاقة السلبية من المكان.