بايدن وكأنه المهدي المنتظر

السذاجة السياسية وحدها يمكن أن تقرر أن بايدن سيكون اوباما جديدا.
ليس من المتوقع أن يلغي بايدن العقوبات على إيران حتى لو أراد
مصلحة الولايات المتحدة تكمن في تشديد العقوبات التي بدأت تظهر نتائجها تباعا
آيات الله لن يخسروا مصداقيتهم فلطالما تحدثوا عن قرب ظهور المهدي المنتظر ولم يظهر

مَن قال أن جو بايدن سيكون الرئيس المقبل للولايات المتحدة؟ إيران وحلفاؤها وضعوا بيضهم كله في سلة بايدن بعد أن يئسوا من ترامب.

في الحقيقة يمكن القول إن إيران حرضت حلفاءها في لبنان والعراق على فك الارتباط بالشروط الأميركية في انتظار ذلك التحول.  

المنطقة كلها تعيش على وقع خيار انتحاري. ذلك لأنه ليس من المضمون أن يغير بايدن سياسيات الولايات المتحدة تجاه إيران.

ليس من المتوقع أن يلغي بايدن إذا ما صار رئيسا العقوبات المفروضة على إيران. لن يتمكن من القيام بذلك حتى لو أراد.

سيكون على الرئيس المنتظر أن يتأكد من سلامة قرارته. أثناء تلك الفترة سيكون على العراق ولبنان وهما دولتان مفلستان أن يختبرا قدرتهما على الصمود في ظل ظروف عصيبة.  

ولكن كل شيء سيكون خاضعا للتكهن. تلك مهنة السحرة والعرافات.

لا أحد في إمكانه أن يعرف ما الذي يفكر فيه بايدن. كما أن الحزب الديمقراطي سيحكم دولة لديها مصالحها المتشعبة.

السذاجة السياسية وحدها يمكن أن تقرر أن بايدن سيكون اوباما جديدا.

صحيح أن إيران تملك عيونا وآذانا في واشنطن بعد أن أنفقت مليارات على تشكيل قوى ضاغطة هناك غير أنها لن تكون قادرة على التدخل في صياغة السياسة الخارجية لدولة مثل الولايات المتحدة.

ومهما بلغت درجة تعاطف بايدن وحزبه مع إيران وهو أمر مشكوك فيه فإنهما غير مستعدين لتعريض الولايات المتحدة لفضيحة من ذلك النوع.

حين تنظر الإدارة الأميركية إلى الملف الإيراني فإنها تراعي مصالح شركائها الآخرين في المنطقة وهم معنيون بذلك الملف بشكل مباشر.

وما فعله أوباما كان خطأً استراتيجيا لن يتكرر. لم يؤثر ذلك الخطأ سلبا على السلام والأمن في المنطقة ولم يؤد إلى أن تهتز ثقة دول عديدة بالولايات المتحدة حسب بل أدى أيضا إلى الإضرار بمصالح اميركية مباشرة.

ليس من مصلحة الولايات المتحدة اليوم العودة إلى الاتفاق النووي بصيغته الأولى والتخلي عن نهج العقوبات الذي صارت نتائجه تتضح شيئا فشيئا وهي نتائج ستؤدي حتما إلى احتواء إيران ومنعها من الاستمرار في سياستها التوسعية على حساب دول المنطقة.

الغباء وحده هو ما دفع النظام الإيراني إلى أن يوعز إلى عملائه في العراق ولبنان للقيام بتعطيل العمل السياسي في البلدين في انتظار نتائج الانتخابات الأميركية. وليس من المستبعد أن تكون إيران على معرفة بكل ما ورد سلفا من حقائق وفعلته ما فعلته من أجل أن تجر الولايات المتحدة إلى نمط جديد من الصراع، يدفع ثمنه لبنان والعراق.

ليس ذلك غريبا عن عقلية آيات الله التي تتخذ من انتظار الامام المهدي مسوغا لإقناع العامة بالقبول بكل أنواع الفساد والجور والظلم والاضطهاد والتمييز وكل عناصر الحط من قيمة الإنسان التي تمهد لظهور الامام الغائب الذي سيقيم دولة العدل والنزاهة.

ولأن إيران تدرك أن الفساد الذي ضرب لبنان والعراق قد وصل إلى درجة صار لزاما على المجتمع الدولي معها أن يتدخل لإنقاذ شعبي البلدين فقد قررت أن تنسف الطرق التي تيسر تدخلا علاجيا من ذلك النوع.

لن يحدث أي تغيير إلى أن تتضح الصورة في واشنطن الشهر القادم.

على الجميع أن ينتظروا دخول بايدن البيت الأبيض منتصرا. معه ستنتهي مشكلات إيران وسيكون في إمكان حزب الله والميليشيات العراقية أن يستعيدا هيمنتهما الكاملة على لبنان والعراق من غير أن يقلقهما أحد.

سيلعب بايدن مؤقتا دور المهدي المنتظر.

ولكن ماذا لو لم ينجح مرشح الحزب الديمقراطي في الجلوس على كرسي الأبيض؟ لن يخسر آيات الله مصداقيتهم لدى العامة فلطالما تم الحديث عن قرب ظهور المهدي المنتظر ولم يظهر.