بسمة الهجري: شريط 'فرصة ثانية' يرسخ مفهوم القناعة كأساس للسعادة
الرباط ـ عرض الشريط التلفزيوني "فرصة ثانية" للمخرج المغربي هشام الجباري ضمن مسابقة الأشرطة التلفزيونية في رمضان 2025. وتدور أحداث الفيلم حول "سعاد"، ربة منزل تبلغ من العمر 24 عامًا، متزوجة من "عادل"، نادل في مقهى متواضع. تعيش "سعاد" حياة يملؤها الملل والإحباط بسبب بساطة زوجها وانعدام طموحه، بينما تحلم بالثراء والرفاهية، متأثرةً باليوتيوبر "أمل". وبدافع الطموح، تقرر شراء تذاكر يانصيب سرًا، لتفوز بمبلغ 500 مليون سنتيم، وتبدأ حينها التخطيط لحياة جديدة دون "عادل"، لكن محاولاتها للتخلص منه تفشل حتى يكتشف الزوج خطتها ويطلب الطلاق، لتنطلق "سعاد" في رحلة إنفاق مفرط بحثًا عن السعادة المفقودة.
العمل من تأليف بسمة الهجري، وبطولة فاطمة الزهراء لحرش، الزبير هلال، زهور زريق، وهاجر بوزاويت.
وفي هذا السياق، كان لموقع "ميدل إيست أونلاين" حوار مع السيناريست المغربية بسمة الهجري حول كواليس كتابة شريط "فرصة ثانية"، وفي ما يلي نص الحوار:
ما الذي ألهمكِ لكتابة قصة "فرصة ثانية"، وكيف جاءت فكرة شخصية "سعاد" التي تتأرجح بين الطموح المشروع والهوس بالمظاهر؟
صراحة، كانت هذه أول تجربة لي في كتابة فيلم تلفزيوني، وقد اخترت موضوعًا عصريًا يناسب جميع الشرائح الاجتماعية، إذ ركزت على شخصيتين رئيسيتين، وهما زوجان يعيشان حياة متناقضة تفاقمت بسبب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي. أردت من خلال العمل أن أنبه المجتمع الذي ينجرف وراء "البوز" (الظهور المزيف)، وشخصية "سعاد" تمثل هذا النوع الساذج الذي تأثر بالطمع، فدمرت زواجها بنفسها. كانت تعيش حياة زوجية مستقرة وسعيدة، لكن سعيها وراء الإثراء السريع والمظاهر أدى إلى طلاقها وسجنها.
في السيناريو، اخترتِ إبراز تناقض واضح بين "سعاد" و"عادل" في رؤيتهما للحياة، فكيف عملتِ على بناء هذا التباين لخدمة الرسالة الاجتماعية للعمل؟
صحيح، تعمدت إدراج هذا التناقض لخلق سرد مشحون دراميًا بين زوج قنوع ومتواضع وزوجة تطمح إلى الإثراء وعيش حياة الأغنياء. في البداية، استلهمت القصة من واقعة حقيقية عن زوج يربح اليانصيب ويرفض مشاركة زوجته، لكنني وجدتها نمطية، فقررت قلب الأدوار، حيث أصبحت الزوجة هي من تربح اليانصيب وتخفي ذلك عن زوجها.
كيف ترين تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وبالأخص شخصية "أمل" اليوتيوبر، في تشكيل أحلام الشباب وتطلعاتهم في المجتمع المغربي اليوم؟
إنها كارثة كبيرة حقًا، لأن المجتمع المغربي لا يتعامل معها بنضج أو بإيجابية. بينما يُفترض أن تقربنا وسائل التواصل الاجتماعي، فهي اليوم تبعدنا أكثر فأكثر. إضافة إلى ذلك، فإن صناعة المحتوى التافه والهوس بالمظاهر أصبحا عقدة في المجتمع المغربي، ويسببان متاعب نفسية ومادية للناس، ويجعلان الإنسان يعيش في تعاسة دائمة.
نهاية العمل تحمل طابعًا تأمليًا مع طرح سؤال حول السعادة والمال، فهل كنتِ تهدفين إلى تقديم إجابة محددة أم تركت المشاهد يبحث عنها بنفسه؟
أدركت أن العمل سيعرض على قناة مغربية ويتناول ثقافة مغربية. إذ يُعتبر اليانصيب في ثقافتنا محرمًا وغالبًا ما يرتبط بنتائج سلبية. ولم أرد أن أجعل الفوز باليانصيب يحقق السعادة، وإنما أردت إبراز أن السعادة تكمن في القناعة والاستقرار وراحة البال والصحة. فعندما يركض الإنسان وراء الطمع والمال والشهرة، يفقد راحته ويتعرض للنكسات. فالمال لا يصنع السعادة دائمًا، بل وظيفته تتعلق بتلبية الحاجات، وهذه الحاجات مرتبطة بتحقيق الراحة والقناعة.
"فرصة ثانية" ينتقد الهوس بالثراء السريع، خاصة بين النساء، فإلى أي مدى تعتقدين أن هذه الظاهرة باتت تهدد قيم الأسرة في المجتمع المعاصر؟
يكمن الهوس في السعي للغنى بأي وسيلة، إذ ترتبط السعادة بأمور مادية مثل السيارات الفاخرة والفيلات والملابس الباهظة. للأسف، لا يزال هذا التوجه قائمًا في المجتمع المغربي، خاصة بين النساء، لأن أغلبهن ربات بيوت أو بدون عمل، وقلة فقط منهن يعملن. وهذا يجعل الركض وراء الثروة والشهرة هاجسًا يهدد استقرار الأسرة.
حدثينا عن أعمالك القادمة؟
هناك أعمال في طور الكتابة، ستكون جاهزة بحلول الصيف، وهي مسلسل سيعرض على القناة الأولى، ويتناول جريمة درامية في إطار مسلسل من 30 حلقة.
وتُعتبر بسمة الهجري حديثة العهد بالكتابة السيناريو، فهي صحافية مغربية تخرجت من المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، وعملت في منابر إعلامية باللغة الفرنسية مثل مجلة "تيل كيل"، كما شغلت منصب نائبة رئيس التحرير في الأخبار بالقناة الثانية، وكانت مسؤولة عن لجنة المناصفة والتنوع المتعلقة بالمرأة، وهي مهمة أثرت في رؤيتها ككاتبة سيناريو. وسبق أن تناولت قضايا مثل مدونة الأسرة والحضانة ومواضيع المرأة في مسلسل "عام ونهار".