تجارب رقان النووية في ذكراها الـ 64: إبادة بشرية لم ينصف التاريخ ضحاياها

مأساة الهجمات النووية في اليابان فتحت شهية العالم لتجارب نووية لا تزال البشرية تعاني من تأثيراتها.

جريمة لن تسقط بالتقادم، إحياؤها واجب أممي يبدأ بجعل يوم 13 فبراير/شباط يوما عالميا لمكافحة التجارب النووية، الشاهد على ارتكاب جريمة كبرى ستبقى بآثارها تهدد البشر لمئات السنين، بدلا من 29 آب/أغسطس1991، الذي لا يعني أكثر من إغلاق موقع سيميبالاتينسك النووي في كازاخستان.

جريمة التجارب النووية الفرنسية في رقان جنوبي الجزائر في يوم 13 فبراير/شباط 1960، لن تسقط بالتقادم، مازالت وقائعها حية، وآثارها التدميرية لم تمح، وضحاياها شاهد حي، يحملون وثائق ودلائل الجرم المشهود، ومعاهدات القوانين الدولية تفرض العقاب المشرع على مرتكبيها، بعيدا عن الكيل بمكيال الدول الكبرى.

رادع أخلاقي إنساني غائب، لم توقفه مأساة هيروشيما وناكازاكي 1945، بما ألحقته من دمار بشري، ينتقل من جيل إلى جيل، مأساة هزت الضمير العالمي، ووضعت القانون الدولي فوق ميزان عدل مرتعش، أسالت لعاب فرنسا ففجرت الكارثة من جديد، طمعا في قدرة ترهيبية تتجاوز المبادئ والقيم الإنسانية.

معاهدات القوانين الدولية ما زالت قائمة، ولم يبطل المجتمع الدولي العمل بمضامينها وبنودها العقابية، من أجل حماية الوجود البشري، وجرائم فرنسا المتكررة في رقان بولاية أدرار، تخضع لصيغها العقابية، بانتظار الحكم النهائي غير القابل للاستئناف أو التمييز.

استباحت فرنسا الأرض، وعبثت بقدسية الوجود الإنساني، وشوهت خلقه، وتمردت على قانون دولي، تتبجح بالدفاع عنه، وتضع نفسها كقوة نفاذ في تطبيقه، باعتبارها قوة عظمى في مجلس الأمن الدولي.

جريمة مركبة لا يمكن فصلها، بين استعمار يقاومه الشعب بتضحيات لا حدود لها، دونها التاريخ بعناوين عريضة، وتجارب إبادة بشرية يحرمها القانون الدولي الذي ترعاه شكلا خاليا من فعل في هيئة الأمم المتحدة، ساهمت في تشريعه قبل المصادقة عليه كآلية إجرائية قانونية لحماية الوجود البشري من عبث قوة متهورة.

معاهدات حماية الوجود البشري من جرائم الحروب، لم تضع فرنسا فوق القانون الدولي الموضوع بميزان دقيق في لوائحه المكتوبة، لكنها لم تأبه به، وتجاوزته بتواطؤ مع القوى الكبرى التي اعتادت الكيل بمكيالين.

أين كانت قوة إنفاذ اتفاقيات جنيف الأربع 1949 التي جاءت لمنع تكرار هول وكوارث الحرب العالمية الثانية، وهي ترى آثار التجارب النووية على البشر في رقان؟

صمت هيئة الأمم المتحدة لم يبرر، وهي التي أغمضت عينيها على مقولة: “مأساة الحروب تصنع قوانين السلام"!

دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي استبشرت بولادة سلاح نووي جديد، وهي تبرق برسائل التهنئة لقصر الإليزيه بنجاح تجارب رقان!

ركن المجتمع الدولي اتفاقيات جنيف الأربع في رف منسي، ليغض النظر عن مسؤولية حماية الأرض والبشر من جرائم حرب لا تغتفر.

آن الأوان لتكون هيئة الأمم المتحدة شريكا حقيقيا في إحياء ذكرى التجارب النووية الفرنسية في رقان وإدانتها رسميا، وتخليد ضحاياها الأبرياء، تطبيقا لما جاء في مضامين ومبادئ مواثيقها الدولية الداعية إلى: “بذل كل جهد ممكن لإنهاء التجارب النووية من أجل تجنب الآثار المدمرة والضارة على حياة وصحة الناس، وأن نهاية التجارب النووية هي إحدى الوسائل الرئيسية لتحقيق هدف إقامة عالم خال من الأسلحة النووية”.

رقان جريمة لن تسقط بالتقادم، مرتكبوها يساقون إلى قفص القضاء في تظاهرة حق عالمي لإقرار شرعية مبدأ إنساني.