توقيع مذكرة تفاهم بين العراق ومهرجان المسرح العربي

توقيع مذكرة تفاهم بين دائرة السينما والمسرح في العراق والهيئة العربية للمسرح على هامش مهرجان بغداد الدولي الثاني للمسرح، والمغرب يحتضن مهرجان المسرح العربي في العام 2023 والعراق قادر على الاستجابة لشروط تنظيمه في العام 2024.
الحسن النفالي : المسرح العراقي قاطرة الحركة المسرحية العربية وآن الآوان الآن ليستعيد مكانته عربياً وعالمياً

على هامش الدورة الثانية لمهرجان بغداد الدولي للمسرح الذي تقيمه وزارة الثقافة والسياحة والآثار تحت شعار (لأن المسرح يضيء الحياة)، وانطلقت فعالياته في العشرين من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) وتستمر لغاية السادس والعشرين منه، بمشاركة 13 عشر عرضاً مسرحيا عراقياً وعربياً وحضور جماهيري كبير امتلأت به مسارح بغداد (الوطني والرشيد والرافدين) كاملة العدد، في حراك ابداعي متنوع ومتناغم مع فعاليات مصاحبة شملت توقيع مذكرات وشراكات مهمة مع مجموعة من الجهات والفاعليات النظيرة محلياً وعربياً ودولياً، وفي مقدمتها الهيئة العربية للمسرح التي تعد أهم وأبرز الهيئات المسرحية العربية التي عملت طوال عقود عدة على استدامة المسرح العربي وفق الرؤى والتوجهات المغايرة والأصيلة، التي تبناها ورعاها واحتضنها "سلطان الثقافة" الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح تحت شعار دائم (نحو مسرح عربي جديد ومتجدد).
ففي هذا السياق شهدت صبيحة اليوم الرابع من مهرجان بغداد الثاني للمسرح حفل توقيع مذكرة تفاهم ترتكز على التعاون والتنسيق، بين دائرة السينما والمسرح ممثلة بمديرها العام الدكتور أحمد حسن موسى والهيئة العربية للمسرح ممثلة بمدير إدارة المهرجانات في الهيئة العربية للمسرح الأستاذ الحسن النفالي.

الإصرار والالحاح على تنظيم دورة ثانية من مهرجان بغداد الدولي بعد دورة مهرجان العراق الوطني الأولى إنما يدل على أن المسؤولين في العراق واعون بأهمية الفعل الثقافي عموماً والفعل المسرحي خصوصاً

 حيث تعد زيارته وحضوره الى بغداد الثانية له، في حين كانت الزيارة الاولى قد تمت في العام 1985 في مهرجان بغداد للمسرح العربي ضمن كادر مسرحية (الدجال والقيامة) للمخرج والمفكر المسرحي الكبير عبد الكريم برشيد..
الحسن النفالي شخصية مسرحية معروفة بتنوع اهتماماتها ومسؤولياتها المسرحية وبدأ مسيرته المسرحية ضمن مسرح الهواة في المغرب (الفرق التمثيلية البيضاوية لبوشعيب رشاد (1968 – 1974) وحصل عام 1975 على التنويه به كممثل صاعد.
 تولى بين 1980 -1984 الإشراف الإداري والفني على مهرجان المسرحية القصيرة بالدارالبيضاء، كما سجل مشاركته كممثل بفرقة المسرح البلدي بالدار البيضاء في مسرحيات "امرؤ القيس في باريز" لعبدالكريم برشيد إخراج سليم بن عمر،"ابن الرومي في مدن الصفيح" لعبدالكريم برشيد إخراج نجيب غلال، "جحا في الرحى والدجال والقيامة" لعبدالكريم برشيد إخراج مصطفى التومي. 

سائرون في النهج القويم لخلق شراكة وتعاون حقيقي مابين الهيئة العربية للمسرح والعراق ككل بحكومته وبفنانيه وبمؤسساته المهنية.

كما اشتغل مع مجموعة من الفرق المسرحية الوطنية (مسرح 80 لعزيز سعدالله، الفنانين المتحدين لمحمد الخلفي، نجوم الخشبة وغيرها..) كمدبر للجولات. والتحق في الفترة من 1987 – 1997 بفرقة مسرح اليوم رفقة الفنانة الراحلة ثريا جبران، عبدالواحد عوزري، عبداللطيف خمولي ومحمد بصطاوي وعمل في مسرحيات عدة منها "حكايات بلا حدود"،"بو غابة"،"نركبو لهبال"، "سويرتي مولانا"، "أيام العز"، "الشمس تحتضر"، "النمرود في هوليود "كمحافظ عام ومسؤول على العلاقات العامة في الفرقة. 
كما تولى إدارة وتسيير العديد من الفرق والمهرجانات من قبيل مهرجان الفكاهيين المغاربة بأكادير، المهرجان الوطني للمسرح المدرسي، مهرجان الرباط الدولي، مهرجان موازين مكلف بالبرمجة المغربية، المسرح العربي للهيئة العربية للمسرح بالرباط، صيف الاوداية بالرباط.
وبالإضافة إلى هذه المهام، سجل مسار حسن النفالي نشاطاً نقابياً مهماً، حيث كان أحد مؤسسي النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، ثم تولى مسؤولية الكاتب العام لفرع الجهوي للنقابة الوطنية لمحترفي المسرح بالبيضاء، ثم الكاتب العام للفرع الجهوي للنقابة، فالكاتب العام ورئيسا للنقابة الوطنية لمحترفي المسرح وللائتلاف المغربي للثقافة والفنون، وعضوا في المجلس التنفيذي للفيدرالية الدولية للممثلين ببودابست بهنغاريا، ومستشارا لوزيرة الثقافة الراحلة ثريا جبران، ومستشارا لوزير الثقافة المغربي محمد الأمين الصبيحي.
وبغية التعرف على هذه المذكرة وسياقات التعاون بين الهيئة العربية للمسرح ومراكز القرار المسرحي في وزارة الثقافة والسياحة والآثار ودائرة السينما والمسرح ونقابة الفنانين العراقيين، كانت لنا هذه الجولة من الحوار مع الأستاذ الحسن النفالي مدير إدارة المهرجانات في الهيئة العربية للمسرح..
*هل هذه الزيارة هي الأولى لبغداد كمهرجان وكحضور؟
-هذا السؤال مهم، فهذه الزيارة الثانية لي ولكنها زيارة تأتي بعد خمسة وثلاثين سنة، إذ كان أول سفر رسمي لي من المغرب كان للعراق وآخر وقوف لي على الخشبة كان في العراق كممثل، حين شاركت في مسرحية "الدجال والقيامة" للمخرج عبدالكريم برشيد في 1985، وخرجت بانطباع قوي آنذاك عن العراق بصفة عامة وبغداد بصفة خاصة، بوجود أساتذة كبار مثل: إبراهيم جلال وقاسم محمد ويوسف العاني وسامي عبد الحميد وغيرهم، لكن مع الأسف لم يكتب لي أن أعود الى العراق إلا الآن والحمدلله هذه العودة كانت عودة مباركة.
* لقد رأيت المسرح العراقي قبل خمسة وثلاثين سنة وحينها كنت ممثلاً ولكن من موقعك في الهيئة العربية للمسرح استطعت أن تشاهد الكثير من الأعمال المسرحية العراقية ناهيك عن العربية، ما الذي أثار انتباهك في العروض المسرحية العراقية منذ عام 1985 وحتى الآن؟
-هي تجارب متعددة ..أنا لا أنسى مثلاً مسرحية "الإنسان الطيب" لعوني كرومي، فضلاً عن قامات كبيرة عرفها المسرح العراقي قاسم محمد وإبراهيم جلال وصلاح القصب وعزيز خيون وعوني كرومي وعواطف نعيم وشذى سالم وغيرهم.. أنا أقول أن المسرح العراقي في تلك الفترة وحتى التسعينيات كان قاطرة الحركة المسرحية العربية بكل صدق وبدون مجاملة، وأظن أنه آن الآوان الآن ليستعيد العراق مكانته المسرحية على الصعيد العربي والعالمي لأنه يزخر بالطاقات الكبيرة والهائلة التي تتخرج سنوياً من كلية ومعهد الفنون الجميلة، وعلى فكرة كان من الممكن أن أكون خريجاً لكلية الفنون الجميلة في بغداد لأنني سجلت سنة 1982 بعد احرازي للبكالوريا، ولكن مع الأسف الشديد نشبت حرب العراق وايران وحرمت من هذه الفرصة التي أعتبرها من أسوأ المحطات في حياتي، لأني كنت أعرف أن تكويني في العراق سيكون تكويناً حقيقياً خصوصاً آنذاك في المغرب على الأقل لم يكن لدينا معهد عال للفنون المسرحية ولم تكن لدينا كلية الفنون، وكان ملاذنا الوحيد هو أن نتوجه إما الى أوربا أو العراق أو مصر وكان اختياري لمصر، وحتى الآن نلاحظ هنالك موجة جديدة من الشباب والكتاب والمخرجين الجيدين وهناك، كذلك مجموعة من الفعاليات أو الفاعلين المسرحيين العراقيين المنتشرين في اوروبا فأظن أن المسرح العراقي له مكانته على المستوى العربي ويجب أن يستعيد هذه المكانة بعد هذه الورشات الكبيرة التي تم فتحها الآن.
*انت سمعت أصداء مهرجان العراق الوطني للمسرح الذي كان ضمن مشاريع الدعم للهيئة العربية للمسرح وهنالك نية لإقامة الدورة الثانية منه عام 2023 بعد قرار الهيئة بأن تستعيد المهرجانات الوطنية في عام 2023 هل ستتحقق الدورة الثانية من المهرجان؟
-كنت داخل المهرجان وبتنسيق كبير مع الدكتور جبار جودي وصدقاً أنا أعجبت كثيراً بمستوى التنظيم والعروض وبمستوى العمل القاعدي الذي تم باشراك 18 عرضاً من محافظات العراق، لقد كانت دورة ناجحة بكل المقاييس وأظن ان الدورة الثانية ستقام كبقية الدورات الأخرى التي تنظم في الدول العربية الأخرى لأن هذا مكسب لنا جميعاً للعراق وللوطن العربي، وهو كسائر المهرجانات المنتشرة في الوطن العربي التي تنظمها الهيئة العربية بدعم من الهيئة والشيخ سلطان القاسمي وليس هنالك أي مانع لعدم إقامته.

* وبعد أن يقام مهرجان المسرح العربي في المغرب في عام2023 هل سيقام حسب الاتفاق مهرجان المسرح العربي في بغداد في عام 2024؟
-المشكلة بالنسبة لمهرجان المسرح العربي يختلف عن المهرجانات الوطنية ففي مهرجان المسرح العربي هناك شروط وتعرض على الدولة التي تنوي التنظيم، ويجب أن تستجيب لهذه الشروط واعتقد ان العراق قادر على ذلك وعلى الاستجابة لهذه الشروط ولهذه المتطلبات، وأظن بعد الاتفاقية مع نقابة الفنانين العراقيين والآن مع وزارة الثقافة هذه كلها مؤشرات تدل على أننا سائرون في النهج القويم لخلق شراكة وتعاون حقيقي مابين الهيئة العربية للمسرح والعراق ككل بحكومته وبفنانيه وبمؤسساته المهنية.

* وماذا عن انطباعاتك عن مهرجان بغداد الدولي للمسرح النسخة الثانية بلاسيما أنك حضرت بشكل مباشر وشاهدت العروض وبقية الفعاليات؟
-الانطباع الأول هو أنه لابد أن نشد على أيادي المنظمين في دائرة السينما والمسرح ووزارة الثقافة لأنه ليس بالسهل ولا بالهين أن تنظم مهرجاناً في ظروف كالتي يمر فيها العراق، والحمدلله الآن هذه الظروف أصبحت تتحسن بشكل كبير، وهذا الإصرار والالحاح على تنظيم دورة ثانية من هذا المهرجان بعد دورة مهرجان العراق الوطني الأولى إنما يدل على أن المسؤولين في العراق واعون على أهمية الفعل الثقافي عموماً والفعل المسرحي خصوصاً، ثانياً إن هذا الحضور الكبير وهذا البرنامج المتنوع وهذه الأنشطة المختلفة تؤكد الحاجة الكبيرة لهذه المهرجانات داخل العراق، فهذا الحضور الجماهيري يؤكد أن الشعب العراقي شعب محب للحياة وهو الآن يجد ضالته في هذه المهرجانات، وكل العروض التي تابعتها الى الآن والأنشطة الموازية تعرف حضوراً كبيراً ومكثفاً. وأخيراً أريد أن أهنئ العراق فنانين وشعباً وحكومة على هذا الإنجاز بإعادة اعمار مسرح الرشيد، فهذه المبادرة لها رمزية ولها دلالة كبيرة أن الشعب العراقي أول الأشياء التي فكر فيها هي إعمار مسرح الرشيد كعنوان لرغبته في بدء حياة جديدة في الثقافة والمسرح والفنون لأنه شعب محب للثقافة وللفنون، فهنيئاً لكم بهذا المهرجان وأتمنى أن يستمر في دورات قادمة وأن يكون الدعم اكبر من خلال جميع المؤسسات.

 كنت داخل مهرجان العراق الوطني للمسرح وبتنسيق كبير مع الدكتور جبار جودي وأعجبت كثيراً بمستوى التنظيم والعروض وإشراك 18 عرضاً من محافظات العراق

* هل نستطيع نتعرف على بعض بنود مذكرة التفاهم بين الهيئة ودائرة السينما والمسرح؟
-مذكرة التفاهم جاءت كإطار عام للتعاون والشراكة وبطبيعة الحال هي ستمهد لأنشطة مشتركة، ولكل نشاط ستكون اتفاقية محددة ستحدد الإلتزامات والجوانب اللوجستية والمادية لكل طرف حيث سندخل في التفاصيل عبر اتفاقيات جزئية في المستقبل.
*كلمة أخيرة ؟
- أحب أن أحيي جميع العراقيين وأحيي بالخصوص الزملاء الفنانين وأهنئهم على هذا الحراك المسرحي الجديد، وأتمنى لهم التوفيق لأنني أعرف بأن العراق إذا نهض لن يوقفه أحد فالعراق هو بلد الحضارات وبلد الثقافات وبلد الفنون، وهذا الجناح الممتد في المشرق والخليج نريده أن يكون قوياً لنطير بجناحين في المشرق والمغرب معاً.