ثلاثة حالفهم الحظ، ولكنهم خانوه

عام على خروج سليم الجبوري وفؤاد معصوم وحيدر العبادي من السلطة غير مأسوف عليهم.

قبل أيام، مر عام على الانتخابات التشريعية العراقية التي أنهت المشوار السياسي لثلاثة من السياسيين الضعفاء، بين أقرانهم في أحزابهم، سليم الجبوري وفؤاد معصوم وحيدر العبادي، ورحلتهم دون أن يأسف على رحيلهم احد. وكشفت سوءاتهم وأظهرت عيوبهم، وصارت مرتعاً للانتقادات من كل حدب صوب.

قبل خمس سنوات، وقفوا على الجانب الأول لجسر العبور إلى تلك المرحلة، ووصلوا الى إدارة البلاد والرئاسات الثلاثة دون الاحتكام إلى صناديق الاقتراع. وحالفهم الحظ في تسلم السلطة دون أن يحظوا بشعبية أو يفوزوا بأصوات كثيرة، ولكن إصرار جهات عدة على رفض غيرهم رجح كفاتهم. وساعدهم الحظ عندما ساندتهم المرجعية والكرد ضد الإرهاب، وتعاون الأميركان والإيرانيون في العراق ضد داعش. وحالفهم الحظ مرة أخرى عندما عمل كل واحد منهم مع إثنين ضعيفين.

الأول حسب ترتيب الانتخاب من قبل البرلمان العراقي، سليم الجبوري، تولى الموقع بعد تبرئته بدقائق معدودات من قبل المحاكم من كل التهم الموجهة ضده، وبفضله حصلت المحاكم المختصة في العراق على الرقم القياسي في سرعة حسم القضايا المتعلقة بالإرهاب، طبعاً، بعد زيارة لطهران إستغرقت عدة ساعات.

جلس في مكتب رئيس البرلمان وأمامه لوحة كبيرة تذكره دوماً بالتهم الموجهة ضده، وتهدده بالويل والثبور، وتمنعه من التفكير في إسلاميته وعروبته وسنيته وعراقيته. وتفرض عليه ما تريد. وفي يوم واحد، بعيداً عن الحق الإنساني المثبت في غالبية الشرائع الإنسانية والدساتير المدنية، وبعيداً عن القدر الأدنى من الواقعيّة، أبدع في شوفينيته المقيتة فأصدر أكثر من عشرة قرارات سياسية وإدارية وإقتصادية جائرة ضد الكرد.

في الإنتخابات الأخيرة، رشح نفسه، وكما يقال وهو في السلطة ويملك الأطنان من المال، ولم يحصل على عضوية البرلمان، لذلك حاول عبر الطعن والتشبث بالنوافذ المغلقة، تمديد عمل البرلمان خلافاً للدستور وظل مصراً على المضي قدماً في ممارسات تهدف الى إصدار قانون يجيز تمدد عمله.

الثاني، فؤاد معصوم، رئيس الجمهورية، رغم إنه يجيد العربية، الفصيحة والصحيحة والعامية، فقد ظل صامتاً تجاه ممارسات العبادي والجبوري، وكما يعلم الجميع فإن الصمت عن شيء بمثابة الموافقة عليه. لم نره يوماً يسعى نحو تحقيق العدالة والمساواة، ولم يلتزم بمسؤولية بمهماته الآنية والملحة ولم يرفض العنصرية والشوفينية وضيق الأفق القومي والطائفية المقيتة المفرقة، وإستعمال القوات المسلحة ضد الكرد.

والمكسب الرئيس له خلال أربع سنوات، كان التكلم بالنطق العربي السليم وضبط العبارات. وقيل إنه يرعى الدستور الذي تم خرق أكثر من خمس وخمسين مادة منه، من قبل حكومة العبادي.

الثالث، حيدر العبادي، في بداية عهده وضع يده على حقائق محرجة، ولكن لم يتخذ أي إجراءات لمواجهتها، فسقطت الأنبار بيد داعش، وبسبب فشل سياساته وعدم الكفاءة في إدارة أمور البلاد، إستمرت الفوضى والاضطرابات والعنف، وإستشرى الفساد. وظل الأمن العراقي مستباحاً، وإنخفض الاحتياطي العراقي من العملة الصعبة من 180 مليار دولار الى 30 مليار دولار فقط. وفي عهده شاهدنا الآلاف من أطفال العراق يبحثون حفاة وعراة في أكوام القمامة بحثاً عن لقمة العيش، أما المطالبون بالعدالة ومحاسبة الفاسدين فقد بحت أصواتهم وخرجت صرخاتهم موجوعة دامية.

تخلى عن مسؤولياته الحزبية والوطنية والدينية، ودفع البلاد بإتجاه التفكك والعزلة والانهيار. إستدعى الدستور فقط عندما كان يحتاجه. حاصر كردستان إقتصادياً ودبلوماسياً، ولجأ الى الجيش والحشد والقوات الأجنبية لمحاربة الكرد، وحاول إشعال الحرب بين المكونات وإعادة التعريب، خاصة في أعقاب أحداث إكتوبر 2017 في كركوك وطوز خورماتو، ليس حباً بالعرب والعروبة وإنما لإشعال نار الفتنة والتقاتل بين السكان الأصليين، أصحاب الأرض الحقيقيين من الكرد، وبين الوافدين العرب الى المنطقة في عهد البعث.

وما زال يحلم ويلمح بشأن إمكانية عودته إلى منصبه.

بإختصار شديد، الثلاثة حالفهم الحظ، ولكنهم خانوه، وبفضل نتائج الإنتخابات الأخيرة، باتوا كالبضاعة المنتهية الصلاحية.