جائحة كورونا فرصة الحكومات لإسكات المعارضين

زرع اليأس في نفوس المعارضين بأن ساحة التواصل الاجتماعي والاعلام البديل أغلقت هو مدخل جديد للحكومات المستبدة.
هدية ثمينة من السماء هبطت على حكومات الدول المستبدة
فاجعة كورونا لم تخرج عن المثل القائل: مصائب قوم عند قوم فوائد

كان المثل العربي، الذي يردده الكثيرون عن مدى استغلال البعض للفواجع والأزمات والمصائب للاستفادة منها لصالحهم، بما يشبه المثل القائل: "مصائب قوم عند قوم فوائد".

وفاجعة كورونا ربما لم تخرج عن هذا المثل، في مدى الإستفادة والتوظيف الذي إستخدمته الحكومات المختلفة، لإسكات صوت المعارضين ومنع التظاهرات والتجمعات، حتى تخلو الأجواء أمام كثير من تلك الحكومات لتقويض حرية التعبير وعما يدور في أوساط الرأي العام من هموم ومحاولات للوقوف بوجه الظلم والطغيان والإستبداد الذي تمارسه أنظمة الحكم، ضد شعوبها.

لقد وجدت كثير من الحكومات أن فاجعة كورونا، ربما نزلت عليها هدية ثمينة من السماء، فقد منحتها فرصة لتعطيل أي صوت جماهيري معارض، واتخذت من تلك الفاجعة ذريعة لمنع التجمعات والتظاهرات، وحتى التضييق على الحريات الصحفية وحرية التعبير التي كفلتها الدساتير، وكأن تلك الفاجعة موهبة ربانية أطالت سلطة الأنظمة الجائرة والتي تمارس مختلف صنوف الارهاب الفكري والبدني، لمنع شعوبها من التعبير عما يختلج في داخلها من أحلام وتمنيات وطموحات في العيش الكريم، وهي الآن تدخل حالة سبات مريرة، حطمت تلك الآمال، بالرغم من أن نيران قلوبها يستعر بين الرماد، وهي تبحث عن أية فرصة، لكي يكون لها وجود مؤثر وفاعل في ساحة التأثير، لكي لا تتخذ الحكومات من تلك الفواجع ذريعة للقمع وممارسة الاستبداد ضد التطلعات المشروعة للجماهير المغلوبة على أمرها في أكثر من بلد من دول المنطقة.

وقد أوضحت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير لها حاليا أن هناك أكثر من 83 حكومة على الأقل استخدمت جائحة فيروس كورونا المستجد "كفرصة لإسكات المعارضين واعتماد قوانين قمعية جديدة تجرم حرية التعبير" وذلك منذ ديسمبر/كانون الثاني 2020، مشيرة الى إن عدة دول قيدت، أو علقت مؤقتًا، الحق في الوصول إلى معلومات الصحة العامة، أو سمحت فقط لوسائل الإعلام الحكومية أو المنافذ الموالية للحكومة بالوصول إلى إحاطات حول فيروس كورونا.

وترى منظمات حقوق الانسان، أن هناك الكثير من دول العالم وبخاصة في الشرق الأوسط، التي خبرت استخدام أساليب ملاحقة المعارضين واسكات الاصوات المطالبة بالتغيير، وجدت في جائحة كورونا فرصتها الذهبية لممارسة شتى أنواع الإنتهاكات ضد حقوق الانسان، ومنعت او حالت تحت قوانين اصدرتها لمنع الحركة والتجمعات الجماهيرية، للعمل على تثبيط الهمم وزرع حالات من اليأس، من إمكان الجمهور إسقاط الحكومات الظالمة او تلك التي مارست شتى صنوف الفساد والقهر والاذلال، والعمل على تغييرها، ووجدت الحكومات، في تلك الجائحة أنها الشبح المرعب الذي يعوضها عن استخدام أجهزة مكافحة الارهاب والأجهزة الأمنية الأخرى التي واجهت ممارساتها الاجرامية إنتقادات واسعة، وهي ربما ستستخدم هذه الممارسات لسنوات مقبلة، من خلال شن حملات رعب نفسي تقلق الجمهور وتحاصره في عقر داره، وكأن الأقدار قد وفرت لها فرص إطالة أمد حكمها، وهي تعول على تلك الفواجع والمحن، للاستمرار في فرض مناهج حكمها وتسلطها، وهو ما ينبغي التحذير من مخاطره، لأن توجهات من هذا النوع، بحسب محللين، تقف بوجه التطلعات المشروعة للشعوب.

أخيار العالم ومحبي الحريات والكرامة الانسانية مطالبون بالبحث عن بدائل للمواجهة، لأن الرضوخ كليا لتوجهات من هذا النوع، ستعرض مصير شعوب المنطقة لإرهاب فظيع، وهم بالرغم من كل تلك الضغوط القاسية التي يواجهونها، فهم مطالبون، بأن تكون لهم وقفات في الإعلام ووسائل التواصل الجماهيري، ووسائل التواصل الافتراضي، حتى لا يكون بمقدور قوى التسلط والارهاب ان تواصل ممارسة طغيانها الى سنوات طويلة مقبلة، وبخاصة انها امتلكت من الخبرات وحملات التضليل والمراوغة، وعلى أعلى المستويات، وعبر أجهزة رسمية، ما يسهل عليها، استخدام أبشع المبررات، ما دامت تحقق لها غايتها، في إطالة عمر قمعها وتسلطها لسنوات طوال.