'جنائن معلقة' يكتسي أبعادا إنسانية واجتماعية

قصة الفيلم الروائي الطويل تتمحور حول رحلة بحث عن دمية مخطوفة بحجم الانسان، وهي مستوحاة من أحداث حقيقية حصلت أيام الصراع الطائفي وتواجد القوات العسكرية الأميركية في بغداد.

يواصل المخرجون السينمائيون العراقيون الشباب حضورهم الفاعل في المشهد السينمائي الشامل محلياً كان أم عربياً وسلاحهم الابداعي في تأكيد هذا الحضور يتم عبر أساليب إنتاجية متطورة وغير تقليدية وبعيداً عن الاجراءات الإدارية والأساليب الإنتاجية الروتينية المعروفة،لاسيما من خلال اعتماد أسلوب الانتاج المشترك بين شركات الانتاج العراقية والعربية والأجنبية، الذي وفر لهم فرصة تحقيق أحلامهم بصبر وأناة، فإضافة الى فرص الاستفادة من الخبرات السينمائية والإنتاجية المتنوعة تتوفر لديهم فرص مضمونة للحصول على مصادر دعم مالية لتطوير أعمالهم ماقبل وأثناء وما بعد الإنتاج تشمل أدق تفاصيل صناعة السينما التي تشمل تسويق وتوزيع وعرض وتسويق هذه الأعمال من مهرجانات عربية وعالمية مهمة وذات مكانة مرموقة بل وإتاحة الفرص لها للمشاركة والتباري والتنافس في أكثر من مهرجان سينمائي حول العالم فحصد كثير من الأفلام السينمائية العراقية بمخرجيها الشباب على عديد الجوائز المهمة لاسيما بعد التغيير الحاسم في ربيع 2003..


أنجز الفيلم بمواهب سينمائية عراقية فكانت تجربة أثبتنا خلالها مقدرة العراق على صناعة سينما حقيقية تنافس السينمات المهمة في العالم
 

ومن بين هؤلاء المخرج السينمائي الشاب أحمد ياسين الدراجي الذي سبق له أن خاض تجربة إخراج افلام قصيرة ودرس السينما أكاديمياً في معهد لندن للسينما، ويخوض تجربته الأولى في إخراج فيلم روائي طويل حمل عنوان "جنائن معلقة" الذي اشترك في كتابة السيناريو له مع الكاتبة والمنتجة البريطانية من أصل أميركي ماركريت غلوفر، والمنتج الرئيسي له شركة (عشتار - عراق للانتاج السينمائي ) التي تديرها المنتجة السينمائية هدى الكاظمي. 
مهرجان فنيسيا يحتفي بـ'جنائن معلقة'
عن طبيعة وأشكال ومراحل الدعم التي حصل عليها فيلم (جنائن معلقة) تحدث لنا المخرج أحمد ياسين الدراجي قائلاً:
تم اختيار فيلم "جنائن معلقة" للمشاركة في الدورة التاسعة لورشة فاينل كات الذي اطلق من قبل برنامج (فينس برودكشن بردج) من مهرجان فنيسيا الدولي السينمائي، الذي اختتمت دورته الثامنة والسبعين في الثاني عشر من أيلول الحالي، للمشاريع السينمائية قيد الإنتاج من الدول الأفريقية والدول العربية (العراق، سوريا، فلسطين، الاردن، لبنان)، ليمنح الفيلم خلال الورشة 3 جوائز أهمها جائزة (لا بينالي دي فينيسيا) المقدمة من المهرجان، وجائزتين أخريتين مقدمتين من شركة (اوكتيكونز) وشركة (آيز اون فيلمز). 

أختير للتمثيل في الفيلم عدد من الفنانين المحترفين يتقدمهم الفنان القدير جواد الشكرجي في حين لعب دور البطولة طفلان يمثلان للمرة الأولى في السينما

الورشة استغرقت ثلاثة أيام ابتداءً من 5 الى 7 أيلول الحالي بمشاركة المخرج أحمد ياسين والمنتجة الفلسطينية المشاركة في الفيلم مي عودة خلال فعاليات مهرجان فنيسيا السينمائي في ايطاليا، والورشة تعد مهمة جداً لصناع السينما في هذه المناطق لما تقدمه من دعم كبير ونوعللأفلام الفائزة ".
'جنائن معلقة' سيسافر الى مهرجان الجونة 
وافاد المخرج أحمد ياسين الدراجي: "بالإضافة للمشاركة في هذا المهرجان تم الإعلان من قبل إدارة مهرجان الجونة السينمائي عن مشاركة الفيلم في سوق ومنتدى مهرجان الجونة السينمائي في مصر في دورته الخامسة التي ستقام في الشهر المقبل للمشاريع في مرحلة ما بعد الإنتاج.
 حيث تعد هذه المشاركة هي الثانية للمشروع في سوق ومنتدى مهرجان الجونة السينمائي، إذ سبق أن شارك في عام 2018 ضمن المشاريع قيد التطوير.
وأيضا أختير بداية العام الحالي في ورشة فيرست كات التي أقيمت بالتعاون مع مؤسسة الدوحة للأفلام بدورتها لعام 2021، بالإضافة الى سوق المشاريع الآسيوية التي أقيمت ضمن مهرجان بوسان السينمائي الدولي 2020 في كوريا الجنوبية، وسوق ومنتدى مالمو للسينما العربية 2020 في السويد". 
ورشات عمل عديدة في الموعد
وأكد أحمد ياسين أنه : "على مستوى تطوير النص أختير الفيلم للمشاركة في مختبرات ورشات عمل عدة منها: ورشة الراوي عام 2017، وورشة محترف الشرق الاوسط عام 2017 اللتين أقيمتا ضمن مشاريع التدريب الإقليمي في الهيئة الملكية الأردنية للأفلام في الأردن، بالإضافة الى برلين تالنت ضمن فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي في 2017، وكذلك مشاركته في ورشة سينفلينا لاب ضمن مهرجان روتردام السينمائي الدولي في هولندا عام 2018، حصولنا على منحة انتاج من الصندوق العربي للثقافة والفنون – آفاق في الاردن ومساهمات أجنبية أخرى مثل شركة ترش للإنتاج السينمائي في كندا ". 
دمية أميركية تتورط في انتهاك الأعراف والأخلاق
أما بخصوص فكرة وقصة الفيلم وخطوطه الدرامية فقال المخرج أحمد ياسين الدراجي: الفيلم فكرته ذات أبعاد أنسانية واجتماعية ربما غير تقليدية وتعد من آثار الغزو الاميركي للعراق فهو مستوحى من أحداث حقيقية حصلت أيام الصراع الطائفي وتواجد القوات العسكرية الإميركية المحتلة في بغداد.

الفيلم سيشارك في سوق ومنتدى مهرجان الجونة السينمائي بدورته الخامسة منتصف الشهر المقبل للمشاريع في مرحلة ما بعد الإنتاج في ثاني مشاركة إذ سبق أن شارك في عام 2018 ضمن المشاريع قيد التطوير

وقصته تدور حول صبي اسمه (أسعد) يبلغ من العمر (11) عاماً يعمل مع شاب بعمر(28) عاماً اسمه (طه) في موقع كبير للطمر الصحي في أحد احياء بغداد.
 وفي أحد الايام يستيقظ (أسعد) و(طه) مع أول دعوة للصلاة لشق طريقهم إلى الطمر الـ(جنائن معلقة) والذي هو عبارة عن خليط سام من تلال النفايات التي تحشوا معدة الأرض تحتضن مئات العائلات، ليعثر المراهق (أسعد) على روبوت دمية أميركية بحجم إنسان ويعرضها على (طه) كهدية لإشباع رغباته العاطفية ليهاجمه (طه) بتهمة خرق الأعراف والقوانين الأخلاقية.
 وبالمصادفة يكتشف أمير (18) عاماً (الدمية)، وعلى الفور يعي إمكانياتها ليجبر (أسعد) على العمل معه بالشراكة، تنجح تجارتهم وتدر الكثير من المال ليدرك أسعد أنه مستغل. 
تختطف الدمية بدوافع الغريزة فيخاطر (أسعد) بحياته لإنقاذها، متخفياً من عيون وألسنة المجتمع التي تطارد (طه) وتطالبه بالتصرف وغسل العار، فيهرب (أسعد) محاولاً حماية الدمية إلى ناقلة الجنود الاميركية المهجورة، ملجأه في الـ(جنائن معلقة)، لكن يكون الأوان قد فات ودفنت الدمية مع جميع أحلامه ليبدأ (أسعد) رحلة من أجل كبريائه بالبحث عن دميته المخطوفة ". 
 تحديات وصعوبات عديدة
واجه الفيلم صعوبات وعراقيل عدة يقول عنها المخرج الدراجي :"كتابة وتحضير وتصوير الفيلم استغرق خمس سنوات تخللها الكثير من المعرقلات، أهمها جائحة كورونا التي تسببت بإغلاق المطارات والحظر الشامل في أغلب دول العالم ومنها العراق، فضلاً عن الاحتجاجات الشعبية التي عمت العراق في أواخر سنة 2019، بالاضافة الى صعوبات لوجستية وتمويلية أدت الى إطالة المدة لينتهي بنا المطاف الآن الى مرحلة ما بعد الانتاج (ما بعد التصوير)، والتي يتم فيها مونتاج الفيلم وإكمال المتطلبات الأخرى كالموسيقى والبوست برودكشن وغيرها، وبعد الانتهاء من المونتاج سيتم توزيعه عالمياً على المهرجانات والسينمات ومنصات الأفلام والتلفزيونات.
فريق عمل التصوير عراقي بالكامل
هل اعتمدتم طواقم عمل عراقية أم اجنبية في إنجاز الفيلم؟ سألته فأجاب:"فريق عمل التصوير عراقي بالكامل مع بعض المساهمات العربية والدولية في فترة التحضيرات أي قبل الانتاج وبعد الانتاج، بالإضافة الى الكتابة والانتاج المساهم مع المنتجة البريطانية مارغريت كلوفر والمنتجة المساهمة أيضا الفلسطينية مي عودة واستشارات ما قبل الإنتاج وما بعد الإنتاج من قبل المخرج الأردني يحيى العبدلله. وتمت تهيئة فريق متكامل من قبل شركة عشتار العراق للإنتاج السينمائي بإدارة هدى الكاظمي" .
واضاف؟ً :"كان من المرجح الاستعانة بسينمائيين غير عراقيين أثناء التحضيرات ولكن أستبعد هذا الأمر، بسبب رغبة المنتجة الرئيسية العراقية هدى الكاظمي ومدير التصوير دريد المنجم بصناعة فيلم (جنائن معلقة)، بمواهب عراقية محلية أو عراقيين مغتربين بشكل كامل إيمانا منهم بالإمكانيات العراقية السينمائية، فكانت تجربة أثبتنا خلالها مقدرة العراق على صناعة سينما حقيقية تنافس السينمات في العالم.
 وقد ضم فريق العمل: أحمد ياسين - كاتب ومخرج.هدى الكاظمي - منتجة رئيسية.مارغريت غلوفر - كاتبه مشاركة ومنتجة مشاركة.مي عودة - منتجة مشاركة لمرحلة ما بعد الأنتاج.دريد المنجم - مدير تصوير.ميدو علي - مدير صوت ومونتير.مايكل راكويتز - التصميم الفني.عمار عباس - منفذ ادارة فنية.شهد علي - منتج منفذ.شهد الطائي - مساعد منتج.وارث كويش - مساعد مخرج اول ومنتج منفذ.رغد قاسم - مساعد مخرج ثاني.صبا عدنان - مساعد مخرج راكور.باقر ماجد بريسم - مساعد ادارة فنية واكسسوارات.علي محمد هادي - مسؤول أزياء، في حين تم تصوير الفيلم في أطراف العاصمة بغداد بين مدينة النهروان والباوية وحي النصر، ويبلغ طول تسعين دقيقة 
وعلى صعيد الممثلين الرئيسيين أوضح المخرج:" تم اختيار كل من الطفلين، (حسين محمد) الذي لعب شخصية (أسعد)، و(أكرم مازن) الذي لعب شخصية (أمير)، وكانت مدة تدريبهما طويلة لفهم الشخصية واتقان الدور، وأختير الممثل الشاب (وسام ضياء) لشخصية (طه)، والممثل القدير (جواد الشكرجي) لدور (الحجي)، والممثل (علي فرحان) لدور (عماد)، والمثل (عطية الدراجي) لدور (إمام الجامع) ،وغيرهم من الممثلين المحترفين".
عن الدعم العراقي الذي تلقاه الفيلم قال المخرج: مر إنتاج فيلم (جنائن معلقة) بمراحل صناعة الفيلم المتعارف عليها وحصلنا على دعم على المستوى الحكومي يعد كبيراً مقارنة مع المشاريع السينمائية السابقة خصوصاً من وزارة الثقافة العراقية، حيث تم دعم المشروع مادياً ضمن منحة الأفلام للإنتاج المشترك، إضافة الى التسهيلات والموافقات لوجستية التي قدمت من قناة العراقية ودائرة العلاقات الثقافية العامة، وأيضا توفير الحماية اللازمة لفريق العمل اثناء التصوير فقامت وزارة الداخلية وأهالي مدينة الصدر بتأمين المواقع طول فترة الإنتاج والتحضير، بالإضافة الى الدعم الصحي من قبل وزارة الصحة العراقية حيث تم التصوير اثناء فترة حظر التجوال وأزمة جائحة كورونا فتم تأمين الفريق صحياً ودون إصابة أحد من طاقم العمل والممثلين، وغيرذلك من الجهات الحكومية. وعلى مستوى القطاع الخاص منح الفيلم رعاية لتغطية اهم احتياجات الإنتاج، مثل: شركة أوبر تكسي للنقل، كما تم دعم الاتصالات من قبل شركة زين العراق، مع الحصول على دعم كبير ومتنوع من قبل مؤسسة المحطة لريادة الأعمال ومصرف آشور الدولي، اضافة الى الدعم الكبير من الموسيقار نصير شمة مادياً ولوجستياً، والمنتج والمخرج علي فاضل، وشركة مياه اللؤلؤة في بغداد". 

أكد المخرج أحمد ياسين الدراجي أن "الفيلم الروائي الطويل (جنائن معلقة) من المتوقع أن يتم الانتهاء من العمل فيه بعد الإنتهاء من المونتاج واللون والصوت والموسيقى في بداية العام المقبل، حيث ستنجز مرحلة مونتاج الفيلم في مصر بشكل كامل"، مشيراً الى أن هنالك تباحث مع الموسيقار نصير شمة لتأليف الموسيقى االتصويرية للفيلم، ونأمل اتمام ذلك، حيث أن الفنان نصير شمة صاحب ذوق موسيقي كبير، وله تجارب متعددة في تأليف الموسيقى التصويرية لعدد كبير من الأفلام والمسرحيات العراقية والعربية، ومن المخطط له أن نبدأ التوزيع والتسويق في منتصف العام المقبل، بدءاً من عروض المهرجانات ذات تصنيف A وغيرها من المهرجانات المرموقة، لنبدأ بعد ذلك في التوزيع المحلي والعالمي فيما يخص صالات السينما.!