حسين المناصرة يكتب عن "النخبة والهامش"

الناقد الفلسطيني يقدم في كتابه خمسين قراءة، كتبت في العقدين الماضيين، تتناول خمسة مجالات ثقافية وإبداعية.
المقالات تسهم في الكشف عن بعض ما يعانيه مشهدنا الثقافي/الإبداعي العربي من أوبئة
تسع قراءات نقدية تتناول أثر الرقابة الفاعل في نضج الكتابة وصقلها
التعليم المفتوح بصفته تعليمًا افتراضيًا يحقق معرفة عليا قياسًا للتعليم المباشر

صدر في هذا العام 2020، عن دار نشر "كتبنا" بالقاهرة، كتاب "النخبة والهامش: قراءات في الثقافة والإبداع"، في مئتين وأربعين صفحة، للناقد والكاتب الفلسطيني حسين المناصرة. وهي قراءات نقدية في حدود خمسين قراءة، كتبت في العقدين الماضيين، تتناول خمسة مجالات ثقافية وإبداعية، هي قراءات في: الشعر، والكتابة/الرقابة، والثقافة، واللغة/التعليم، والتلقي/الإبداع. 
يصف المناصرة قراءاته النقدية في مقدمة الكتاب، بقوله: "هذه مقالات مكثفة، تعبر عن رأي كاتبها في كثير من الإشكاليات الثقافية والإبداعية اليوم، وهي قد تسهم في الكشف عن بعض ما يعانيه مشهدنا الثقافي/الإبداعي العربي من أوبئة. وهي من هذه الناحية – أيضًا - قد تعدّ تصريحات ثقافية نقدية في مناسبات معينة؛ لذلك ينبغي النظر إليها في سياق زمكانيتها، فما يكتب منذ عشرين عامًا، لا بدّ أنه سيختلف اليوم أو غدًا، وفي هذه الحال لا أسعى إلى تغيير فكرة كتبتها في الماضي، بسبب أنها تغيرت اليوم، كما أنني لست معنيًا بتحديد تواريخ معينة لكل مقالة؛ لأنّ في ذلك تطاولًا على إمكانية إعطائها مجالًا للحياة والاستمرار، ما دامت وضعيتها لم تتغير".
جاء مجال قراءات الشعر في القسم الأول من الكتاب، وفيه سبع قراءات، تناولت تحولات الشعر بين الماضي والحاضر في تحولاته مبنى ومعنى، وما يتسم به الشعر المعاصر من اهتمامات بقضايا إبداعية ذاتية وموضوعية، وخاصة حضور القضية الفلسطينية في الشعر منذ النكبة عام 1948، وإشكاليات شعر الحداثة وما فيه من انقطاع التواصل مع المتلقين بسبب ما فيه غموض ورمزية، والتجارب الشعرية بين الموهبة الفطرية والتلقي بتعددية القراءات، والقصيدة التي تكتب شاعرها في كون التجربة الشعرية هي الأساس في دافعية الكتابة، لا المناسبات التي تصنع شعرًا متكلفًا، ومستقبل الشعر في تكنولوجيا المعرفة والمؤثرات التي تهمش الشعر في مواجهة السرد.

الكتابة لم تعد احتكارًا للنخب التقليدية؛ كما كانت في المرحلة الورقية التقليدية قبل انتشار الحاسوب

وفي المجال الثاني أو القسم الثاني من الكتاب، وهو علاقة الرقابة بالكتابة؛ نجد تسع قراءات نقدية، تتناول أثر الرقابة الفاعل في: نضج الكتابة وصقلها، والتوجه إلى الكتابة الرقمية العصية على الرقابة، وما تشكله الرقابة في الوعي الإبداعي المختلف، وخصوصية الكتابة النسائية التي تعاني من الرقابة الاجتماعية أكثر مما تعانيه الكتابة الذكورية المتماهية مع المجتمع، والفضائحية كنهج لكسر الرقابة المجتمعية بدون جماليات حقيقية، وأغلفة الكتب في الوعي الرقابي الذاتي، وثنائية الورقية/ الرقمية؛ حيث تحظى الرقمية بأهمية خاصة في تعددية الإبداع في مقابل نخبوية الورقية أحيانًا، وتسويق الكتاب وما فيه من معوقات في مجتمعاتنا العربية.
ثم يحظى المجال الثالث عن بعض الإشكاليات الثقافية باهتمام واضح، فيه أربع عشرة قراءة نقدية، تدور في حيّز: تحديات الثقافة الفلسطينية وخاصة مواجهة الكيان الصهيوني، والقدس عاصمة الثقافة العربية بما تحظى به من أهمية خاصة كونها محتلة، وحوار الثقافات في زمن تحتاج فيه ثقافتنا إلى حوار حقيقي مع الثقافات الأخرى، وما بين الثقافتين الفرانكفونية والأنجلو سكسونية من اختلافات وتداخلات، وإشكاليات الثقافة العربية واهتزازاتها في زمن هيمنة الآخر ثقافيًا وعلميًا، وتحولات الثقافة العربية في سياقاتها الثلاثة الشفاهية والكتابية والمرئية، وثقافات لافته في إشكاليات: ثقافة النخب والهوامش، وزمن الشباب الثقافي، ودور الجامعة في تفعيل الثقافة والإبداع، والرابطات الثقافية النخبوية الراقصة في العتمة بالنسبة إلى المتلقين المنقطعين عنها، وإنتاج المواهب والابتكارات ثقافيًا ومعرفيًا.
وفي المجال الرابع المعني بقراءات اللغة والتعليم؛ لما للغة من هوية ينبغي لها أن تتجلى ثقافيًا في التعلم والتعليم، خمس قراءات نقدية، تتناول: التعليم المفتوح بصفته تعليمًا افتراضيًا يحقق معرفة عليا قياسًا للتعليم المباشر، ولكليهما مساوئه، والتعليم الجامعي بالعربية مع ضرورة تجاوز التدريس باللغات الاستعمارية الأجنبية، وكيفية تعلم اللغة العربية وتعليمها في فاعلية جماليات لغتنا، ولغتنا الحوارية وما تمتاز به أو تتعوق به، واللغة الدالة في البحث العلمي النوعي المطلوب في جامعاتنا ومراكز أبحاثنا.
وأخيرًا، المجال الخامس والأخير الخاص بخطاب التلقي والإبداع، فهو أوسع أقسام الكتاب؛ إذ إنه يضم سبع عشرة قراءة نقدية، تتناول الجوانب التطبيقية لخطابي التلقي والإبداع، وأثرهما في إنشائية التلقي تحديدًا، بصفته خطابًا يبحث عن الجماليات أو شعريات الكتابة والإبداع. 
ومن عناوين القراءات: القراءة فعل إنتاج ونحن بنية استهلاك مما يعطل الفعل الثقافي ويهمشه، والإبداع الفلسطيني بين الواقع والانزياح خاصة أن الواقع أكثر خيالية من الخيال في ظل هجمة دولة الاحتلال الصهيونية، والنقد المبدع عندما تتحول الكتابة النقدية إلى لغة إبداعية أكثر من كونها لغة معرفية، وسؤال هل المبدع مجنون؟! إدانة لثقافة الرعاع التي تعد الإبداع جنونًا لا وعيًا، والقراءة والإبداع عندما تغدو القراءة أهم عوامل الإبداع المميز الحقيقي، والتفكير النقدي في تصوراتنا للنقد البناء في عقلية إثارة التساؤلات قبل البحث عن الإجابات، وتوظيف الكتابة لبعض الأنساق الثقافية الماثلة في: الفكاهات، والمدن، والشخصيات التراثية، والحكايات الخرافية، وتلقي الجوائز الأدبية، والمسابقات الأدبية، وكتاب "رنة جوالك"...إلخ.
كتب على غلاف الكتاب الخلفي، هذا التعريف بالكتاب: 
"لم تعد الكتابة الثقافية النقدية إنشائية فضفاضة؛ فخير الكلام في زمكانية السرعة والتواصل الاجتماعي ما قلّ ودلّ. وهذه الكتابة أيضًا تتنفس الإبداع؛ فهي في درجة ما كتابة إبداعية في شعرية تكثيفها، وفي إيقاعاتها السردية، ما يفضي بها إلى نوافذ من الدلالات الجمالية المعنية بحاضر الثقافة وما فيها من إشكاليات أدبية وفكرية، تستند إلى حراك التداخل بين الأزمنة الثقافية الثلاثة: الماضي والحاضر والمستقبل، بما يسهم في إبراق رؤى الكاتب تجاه ما يهم التلقي، وما يشعر به نحو بعض قضايا ثقافتنا وإبداعنا. وتحديدًا في مجالات: الشعر، والكتاب، والرقابة، والثقافة، واللغة، والتعليم، والتلقي، والإبداع. 

نقد أدبي
مختص في النّظريات النّقديّة النّسويّة والسّرديات

يضم هذا الكتاب أكثر من خمسين عنوانًا، تطرح إشكاليات كثيرة، ربما عدة أضعاف العناوين، في الوقت الذي غذت فيه الرقمية أو الافتراضية كثيرًا من خطاباتنا الثقافية مبنًى ومعنًى، وسهلت كثيرًا أساليب النشر إبداعًا وفكرًا، حتى في طريقة نشر الكتب. لم تعد الكتابة احتكارًا للنخب التقليدية؛ كما كانت في المرحلة الورقية التقليدية قبل انتشار الحاسوب. صار الهامش اليوم هو المهم؛ وهو سيد الثقافة خطابًا لا أشخاصًا. الهامش هو متن التواصل الاجتماعي الفاعل معرفيًا واجتماعيًا، ومن لم يطوّر نفسه من النخب التقليدية ليتلاءم مع وسائل هذه الثقافة الإبداعية الرقمية المتجدد؛ لا أشك أنه سيكون في المواقع المعتمة أو الهامشية الجديدة!!". 
وعن الكاتب حسين المناصرة:
أكاديمي، وناقد، وكاتب. مختص في النّظريات النّقديّة النّسويّة والسّرديات.
عضو مجلس إدارة اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب (ممثل دولة فلسطين). 
رشحته جامعة الملك سعود للحصول على جائزة الملك فيصل العالمية. وحاصل على جائزة جامعة الملك سعود للتميز البحثي، وجائزة جدة للدراسات النقدية والأدبية، وجائزة أبها للكتابة المسرحية.
صدر له ورقيًا سبعة عشر كتابًا نقديًا، واثنا عشر كتابًا إبداعيًا في الرواية، والقصة القصيرة، والقصة القصيرة جدًا، والمسرحية.
شارك في أكثر من أربعين كتابًا مشتركًا، ونشر كثيرًا من الأبحاث النقدية والمقالات الثقافية في المجلات العلمية والصحف الورقية والمواقع الافتراضية.
لديه أكثر من عشرين كتابًا نشرت موادها إلكترونيا، وهي قيد الإعداد للنشر ورقياً
شارك في كثير من المؤتمرات والندوات والعضويات واللجان المختلفة.
يذكر أن المناصرة أهدى كتابه "إلى كل الأصدقاء في الصحافة والإعلام ... الذين كانوا سببًا رئيسًا في التحريض على كتابة هذه المقالات والحوارات ... تلبية للمشاركة في محاور أو مناسبات عديدة".