حين ضللت إيران شيعة العالم العربي

الشيعي الجيد من وجهة نظر مروجي الدعاية الإيرانية هو مَن يخدم الإيرانيين في تنفيذ مفردات مشروعهم الفارسي التوسعي.

منذ عام 1979 نصب النظام السياسي الحاكم في إيران نفسه ممثلا للشيعة في العالم وفرض من خلال ذلك المنصب الافتراضي وصايته عليهم وسعى إلى اقناع العالم الإسلامي بسلامة موقفه ممثلا للشيعة في مواجهة ما صار يسميه بعالم الإسلام السني.

هو اقتراح ينطوي على الكثير من عناصر الحرب الطائفية.

المفارقة تكمن في أن إيران وهي دولة دينية أعلنت تحديها لأكثر من مليار مسلم يقيمون في دول ليست دينية. وهو ما يعني أن فكرة إيران عن العالم المعاصر لا يمكن التواصل معها أو الاحتكام إليها لا لشيء إلا لأنها فكرة متخلفة ورثة لا تمت إلى ذلك العالم بصلة. ولهذا لم تجد الأفكار الإيرانية مَن يتحمس لها إلا في الحواضن الطائفية التي صنعتها إيران بنفسها. ومثال ذلك حزب الله اللبناني والميليشيات الطائفية العراقية.

لقد أطلقت إيران كذبة النزاع الطائفي وصدقتها ومن بعدها صار أتباعها يروجون لها كما لو أنها كانت حقيقة. كان الاستثمار في شعار "مظلومية الشيعة" مفضوحا من جهة استعماله السياسي الملفق أكثر مما يجب. لذلك تم استبداله بـ"حق الشيعة" كما لو أن أنظمة الحكم في الدول الإسلامية التي احتكمت إلى قوانين مدنية كانت سنية وهي تنظر إلى ذلك الحق الوهمي بارتياب وشك.

في ظل نظام الملالي كذبت إيران كثيرا غير أن حرصها على المذهب الذي أدعت أنها تمثله كان كذبتها الكبرى. ذلك لأن إيران في كل ما ينطوي عليه مشروعها التوسعي لم تخف رغبتها في استعادة أمجادها الإمبراطورية وهو ما يعني أن اسلامها لم يكن إلا حدثا جانبيا. كان هدفها في مكان آخر.

أوهمت إيران حلفاءها المضللين بهويتها الشيعية من أجل أن يذوبوا في "الخميني" كما ذاب الخميني في الإسلام حسب قول منسوب إلى محمد باقر الصدر. وهو ما يعني أن يلتحق الشيعة بإيران ومن ثم يتحولون إلى أدوات لتنفيذ مشروعها السياسي الذي هو في الأساس مشروع قومي لا صلة تربطه بالإسلام إلا بما يعني استعمال المذهبية لاستدراج شيعة العالم العربي إلى الفخ الفارسي.

يغض الكثيرون الطرف عن الإشارة إلى البعد القومي في المشروع الإيراني خشية أن يتم اتهامهم بالعنصرية وهو موقف ليس صحيحا من وجهة نظري. ذلك لأنه يسمح لواحدة من أكبر الأكاذيب التي شهدتها المنطقة في الاستمرار والنمو والانتشار بكل ما ينطوي عليه ذلك من تهديد لأمن واستقرار وسلام المنطقة.

لقد لعب الإيرانيون بعقول البسطاء والسذج من الناس حين اقاموا من خلال دعاياتهم المضللة ورجال دينهم المأجورين حاجزا معتما يفصل بين أولئك الناس وشعورهم بالانتماء إلى أوطانهم.

كان تجريد الناس من شعورها الوطني مقدمة مناسبة لنشر الفتنة الطائفية التي هي الأساس التي بنى عليه الإيرانيون مشروعهم في الحاق الهزيمة بدول بعينها من بدءا من الحاق الهزيمة بمجتمعات تلك الدول.

وإذا ما عدنا إلى تصريحات حسن نصرالله، زعيم حزب الله اللبناني في ما يتعلق بعلاقته وعلاقة حزبه بإيران وهي تصريحات واضحة وصريحة لا بد أن ندرك أن إيران نجحت في أن تحول مواطنين لبنانيين إلى رعايا تابعين لها، تحركهم بالطريقة التي تخدم مصالحها.

ألا يحارب حزب الله نيابة عن إيران؟ ألم تستعمل إيران مقاتلي حزب الله والميليشيات الشيعية العراقية في حربها داخل الأراضي السورية؟

لطالما صرح سيد المقاومة بأنه مجرد جندي في جيش الولي الفقيه. ذلك الجندي الذي انتزع من قلبه وعقله ولاءه الوطني لا يرى مانعا في أن يخون وطنه إذا ما كان ذلك يخدم الجمهورية الإسلامية في إيران.

في وقت سابق صرح أحد حكماء العملية السياسية في العراق بأنه لو حدثت حرب جديدة بين العراق وإيران فإنه سيصطف إلى جانب إيران.

قول بغيض يشمئز الإنسان السليم منه غير أنه الحقيقة الأليمة التي نتجت عن الطوفان الطائفي الذي أغرقت إيران به المنطقة.

لقد ذوبت إيران أتباعها في مشروعها القومي (الفارسي) بعد أن خدعتهم بأكاذيبها المذهبية. فالشيعي الجيد من وجهة نظر مروجي الدعاية الإيرانية هو مَن يخدم الإيرانيين في تنفيذ مفردات مشروعهم التوسعي.