خطوات الكاظمي بدأت وسلطة الدولة وهيبتها أمام الاختبار

ثمة اجماع شعبي استثنائي على اتاحة الفرصة لرئيس الوزراء الجديد كي يكبح الميليشيات.
دلائل على ان سلطة الدولة بدأت أولى خطوات استعادة السيادة
فرصة ذهبية نادرة أمام الكاظمي لرفع هامة العراقيين التي أنزلها ساسة البلد الى أسفل الدرجات
العراق بدأ يضع قدمه على اول الطريق الواصل الى إعادة الاعتبار لنفسه ولشعبه

خطوات جريئة وموفقة أقدم عليها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في أيام قلائل، تشكل من وجهة نظر مراقبين وقطاعات شعبية عراقية عريضة أول علامات الاختبار لفرض سلطة الدولة وهيبتها، وإعادة القانون الى مساره والعدالة الى مجراها.

قالها الكاظمي أمام الإعلاميين يوم الخميس، ورددها اكثر من مرة قبل أيام، هو أنه لابد لهيبة الدولة من ان تعود، ولسلطة القانون أن تؤخذ في الاعتبار، وهو، أي الكاظمي، لم يأت عبر حزب او كتلة سياسية، وان كتلته الوحيدة هو الشعب.

وما اتخذه من قرارات جريئة خلال أيام قليلة،يدلل بكل تأكيد أن سلطة الدولة بدأت أولى خطوات استعادة السيادة، واستعادة الهيبة وفرض القانون، وبدونها يبقى البلد يعيش عهود الفوضى والانفلات، تحت تهديد الجماعات الخارجة على القانون، وما أكثرها في عراق اليوم.

يبدو أن السيد الكاظمي، شعر أنه اليوم أقوى من أي وقت مضى، وان الشارع العراقي كله معه، ومعه المحيط الإقليمي والعربي والدولي، وهو يترقب منه ان يحول كلماته الى أفعال ويطبقها حقيقة على أرض الواقع. وهو نفسه من أكد أن الجمهور لم يعد يثق بالحكومات، إن لم تحقق أماني الشعب وتطلعاته، في ان يعبر تلك المحنة القاسية، وهو مرفوع الرأس، وهو يؤكد بنفسه، انه حين لاتريد القوى السياسية ان يقدم خدمة للشعب العراقي فسينسحب الرجل، ويسلم السلطة اليهم من جديد، لكي يعيدوا عهود الفوضى والانحلال على هواهم، وهم أنفسهم من يريدون أن يضيع دم العراقيين بين القبائل.

خطوات الكاظمي الأخيرة أثلجت صدر العراقيين وأشعرتهم لأول مرة منذ سنوات طال انتظارها، ان البلد بدأ يضع قدمه على اول الطريق الواصل الى إعادة الاعتبار لنفسه ولشعبه، ولكل قوى الخير المؤمنة بعراق آمن مستقر يطمئن اهله على أحوالهم، وهو برغم ما يواجهه من تحديات من رؤوس وزعامات كبيرة، ترفع بوجه البطاقات الحمراء، الا انه راح يؤكد للعراقيين، انه واثق الخطوة يمشي ملكا.

ويرى الكاظمي أن رجالات الاعلام والكلمة الحرة الملتزمة هم من يعول عليهم في البناء العراقي الجديد، وان حرية التعبير مصانة ومكفولة، وهو يشجع الأسرة الصحفية على النقد البناء، الذي يريد تصحيح حالات الخلل في المسيرة والأداء، لانهم هم، أكثر من غيرهم، من لديهم القدرة على تشخيص مسببات الخلل وعوارض الأداء، وكل حيتان الفساد وكيف تعبث بمقدرات البلد، والمنافذ الحدودية وسوق العملات ومصادر الثروة المخبئة المسروقة هي أولى أولوياته، ولا يريد الرجل ان يبقى النفط مصدرا وحيدا للثروة، إذ ان الله وهب العراق ثروات عديدة، لو تم إستثمارها بعقلانية، لتقدمنا على دول مجاورة على الأقل، لا ان نبقى في آخر سلم التخلف والانحطاط والانهيار على أكثر من صعيد.

أتركوا الرجل يتخذ قرارته، يا قادة الكتل السياسية، التي فشلت قياداتها على مدى 17 عاما في ان تنتشل البلد من براثن الانهيار والفوضى. أتركوا الرجل يعيد لكم انفسكم اعتباركم، بعد ان فقدتم ثقة الشعب بكم، وانتصاره ونجاحه هو انتصار للشعب ولسلطة القانون، فلا تخذلوا الرجل هذه المرة، فأصواتكم بدأت بالعويل والنحيب، تحذر وتهدد وتتوعد، والرجل لن يلتفت مرة أخرى الى الوراء، ما دام وراءه شعب يسنده ويقف الى جانبه...

أتركوا الرجل يا دهاقنة الدكتاتورية وقلاعها الحصينة، لمرة يعمل ويعيد ترتيب أولويات إعادة الاعتبار للثروة وللمال السائب المهرب ولقوى الفساد التي تسلطت على مقدراته وهربت أمواله، وها هي خزينة العراق، وقد سلمتموها خاوية في اكثر من عهد وقائد حكم البلاد، وظهر للملأ ان كل واحد منكم هو أكثر فشلا من سابقيه.

اليوم.. الكاظمي أولا وثانيا وثالثا. هو ما يردده العراقيون، وقد سنحت له فرصة ذهبية نادرة، أن يرفع هامة العراقيين التي أنزلها ساسة البلد الى أسفل الدرجات، عله يعيد الاعتبار لهذا الشعب،الذي عاني ما عانى من شظف العيش وانتهاك السيادة وانتقاض الكرامات..وهو قد أقسم على نفسه، على ان يكون عراقيا وطنيا اصيلا، يعيد للعراق اعتباره ومجده.

من يتحدى الكاظمي ويقف بوجه خطواته الموفقة، يعده العراقيون والمجتمع الدولي عدوا لهم، وعلى السيد الكاظمي ان لا يطأطئ رأسه لعربداتهم، وتهديداتهم الجوفاء، فهم ما ان يروا ان الرجل مصمم على إعادة هيبة الدولة وسلطة القانون، حتى ينصاع الجميع، شاءوا او أبوا.

وكان الله في عون الرجل، على ما يواجهه من تحديات ومن قوى مختلفة، لاتريد له أن ينجح، كونها تعد نجاحه ادانة لها، وتأكيدا للجمهور العراقي، ان مسلسل الفشل للزعامات العراقية التي تعاقبت على حكمه، قد توقف وقد أوقف هيمنتها، وهو يصارع الاقدار من اجل ان يعيد للبلد ما يستطيع ان يعيده من اعتبار، والعراقيون يقفون معه في كل ميدان، ولا يريد الرجل ان يخسر سمعته، هذه المرة، وبخاصة ان المجتمع الدولي يوفر له كل مستلزمات الدعم والمساندة، وهو يرى نفسه انه قادر على ان يعيد تصحيح أوضاع البلد، ولن يخشى في الحق بعد الان، لومة لائم.