خفض التصعيد الاقتصادي في اليمن يمهد لخارطة طريق سياسية
صنعاء - أعلن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، الثلاثاء، اتفاق الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية، بعد تصاعد حدة الحرب الاقتصادية بين الطرفين وتهديدها بانهيار الهدنة، إذ يأمل اليمنيون أن يكون الاتفاق تمهيدا لإرساء السلام مع تفاهم الطرفين على البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق.
وقال مكتب غروندبرغ في بيان "الليلة الماضية، أبلغت الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، بأنهما اتفقتا على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية".
وأضاف البيان أن ذلك "وفق نص مكتوب تسلمه المبعوث الأممي من الطرفين، يتضمن إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، والتوقف مستقبلا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة".
غروندبرغ يشدد على ضرورة تعاون الطرفين من أجل التوصل إلى اقتصاد يدعم تنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد واستئناف عملية سياسية جامعة.
كما تضمن الاتفاق استئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن، وزيادة عدد رحلاتها إلى ثلاث يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يومياً أو بحسب الحاجة. ونص على أن تعقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها الشركة (الخطوط الجوية اليمنية)، والبدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق.
وحسب بيان المبعوث الأممي "طلب الطرفان دعم الأمم المتحدة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه". وتعليقا إلى ذلك أشار غروندبرغ إلى الدور الهام الذي لعبته السعودية في التوصل إلى هذا الاتفاق.
كما أعرب عن جاهزية الأمم المتحدة للعمل مع الطرفين لتنفيذ التدابير التي اتفقا عليها، وعرض أن يدعم مكتبه التواصل مع السلطات في الأردن ومصر والهند.
وشدد غروندبرغ على ضرورة تعاون الطرفين من أجل التوصل إلى اقتصاد يخدم جميع اليمنيين، ويدعم تنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد واستئناف عملية سياسية جامعة.
ويأتي الاتفاق بعد تصاعد حدة الحرب الاقتصادية بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وجماعة الحوثيين، والتي هددت بانهيار الهدنة العسكرية السارية وغير المعلنة بين الطرفين منذ أبريل/نيسان 2022، التي أعقبت 7 سنوات من القتال المحتدم.
وعلى غرار الانقسام السياسي والعسكري، شهد اليمن انقساما نقديا، إذ يوجد بنكان مركزيان أحدهما تديره الحكومة في مدينة عدن، جنوبي البلاد، ويتعامل بأوراق مالية حديثة، قيمة الدولار الأميركي فيها 1760 ريالا، والآخر في العاصمة صنعاء يديره الحوثيون، ويتعامل بأوراق مالية أقدم، قيمة الدولار الأميركي فيها 531 ريالا.
ففي 10 يوليو/تموز الجاري أعلن البنك المركزي اليمني وقف تراخيص 6 من أكبر بنوك البلاد تقع مراكزها الرئيسية في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وفي 30 مايو/أيار وجه البنك المركزي اليمني بوقف التعامل مع هذه البنوك لعدم نقل مقراتها من صنعاء واستمرار تعاملها مع جماعة الحوثي، وردت الأخيرة بحظر التعامل مع 13 بنكا في مناطق نفوذ الحكومة.
ويحظى البنك المركزي في عدن باعتراف المؤسسات المالية الدولية مما يمنحه قدرة التحكم في الوصول إلى الشبكة المالية العالمية "سويفت" كما يُعد الجهة الوحيدة التي تستطيع عبرها البنوك التجارية المحلية تمويل عمليات الاستيراد من الخارج.
في المقابل، يستمد البنك المركزي في صنعاء قوته من وجود مقرات البنوك الرئيسية في مناطق نفوذه، مما يمنحه قدرة التحكم بالأنشطة المالية والمصرفية داخل اليمن، وفي وقت سابق منع البنوك التجارية المحلية مشاركة بياناتها مع البنك المركزي في عدن.
وقال محافظ البنك المركزي للحكومة أحمد المعبقي، في مؤتمر صحفي، في يونيو/حزيران الماضي إن "البنوك خضعت لضغوطات جماعة مصنفة إرهابية وفشلت في توفيق أوضاعها خلال المهلة التي مُنحت لها (مدتها شهران) لنقل مقراتها الرئيسية إلى عدن".
وتوعّد المعبقي بإجراءات أقسى ضد الحوثيين، الذين اتهمهم بتدمير وتسييس القطاع المصرفي والمالي، وطبع عملة معدنية جديدة، وتجميد ومصادرة حسابات المواطنين بسبب معارضتهم لسياساتهم القمعية.
وإضافة إلى ذلك، برز مؤخرا صراع مالي بين الحكومة والحوثيين بشأن العوائد المالية للخطوط الجوية اليمنية، وسط اتهامات من الجانبين باستغلال أرباح الشركة.
ويعاني اليمن أزمة مالية كبيرة زاد من تأثيرها توقف تصدير النفط منذ عام ونصف، نتيجة تداعيات الصراع بين الحكومة والحوثيين، والذي بدأ عقب سيطرة الأخيرة على صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014.